قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

سيناء.. لبيك يا أرض الأنبياء


في يوم من أيام صيف العام 1998 قابلت شابًا إماراتيًا كان يعمل ملحقًا في وزارة الخارجية الإماراتية، سعدت جدًا بالحديث إليه، وكان يحدثني عن حبه وعشقه لمصر، وكيف أنه لا يستطيع ألا يأتي إليها كل عام هو وأسرته، وأن يمضي شهرًا على الأقل في الأسكندرية، حيث لم يكن الساحل الشمالي قد ظهر إلى الوجود ولا منتجعات الأثرياء في مارينا والجونة وسهل حشيش وغيرها. كما أن الإمارات أيضًا لم تكن قد حققت المعادلة الصعبة بعد، لتجمع بين الحداثة والأصالة وتنطلق إلى مجرة اليابان، وهي مجرة جديدة يسكنها العظماء، بعد أن هجروا مجرة التعساء.

كان لي سؤالًا محددًا: هل لدى الشاب الإماراتي دخلًا يكفي للزواج وسكنى منزل يليق به؟ ابتسم الشاب لي وبدأ كلامه بالحمد والشكر لله والثناء على الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، واستكمل كلامه قائلًا: "بتوجيهات الشيخ زايد- الله يطيل عمره- يأخذ كل شاب قرضًا حسنًا قدره مائة ألف درهم، يسدد على ثلاثين عامًا، وقطعة أرض مجانًا، فيعمر الشاب بيته على تلك الأرض ويصبح مسكنًا له ولذويه من بعده".
تذكرت هذه الواقعة وأنا أقرأ خبرًا منشورًا عن شروع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة طرح مجموعة من قطع الأراضي للبيع، وراودتني الأحلام أن أتقدم لأحصل على قطعة أرض منها عسى أن يتحقق حلم ابنتي بأن نمتلك فيلا خاصة بنا. وكانت المفاجأة أن سعر المتر المطروح تعدى السبعة آلاف جنيه، غير الرسوم الإدارية. وقلت لنفسي عندما كان المتر بأربعة آلاف جنيه في بداية الألفية الثالثة قلنا أن معالى الوزير جعل الوزارة تتجر في الأراضي، وأصبح فكر المقاولين هو المسيطر على المشهد آنذاك؛ وعندما تفتق ذهن ذلك الوزير والمسؤولين طرحوا فكرة ظننتها وقتها تقترب من فكرة الشيخ زايد -رحمه الله- وسموا الفكرة "ابني بيتك"، ليخرج أفقر مشروع لإسكان الشباب في تاريخ مصر الحديث، على امتدادات عمرانية طرفية من المدن، لا تغني ولا تسمن من جوع.
واليوم ونحن نحتفل بالذكرى السادسة والأربعين لنصر العاشر من رمضان، ماذا لو طبقنا فكرة الشيخ زايد آل نهيان على أرض الفيروز، وقمنا بإنشاء مخططات سكنية لشباب الوادي المكتظ بالسكان، مع منح الشاب قرضًا حسنًا يسدد على ثلاثين عامًا، وإلزام الشباب بتصميم محدد ومجدول عند البناء يتناسب مع طبيعة المكان والخامات المتوافرة فيه، بحيث لا يحتاج مكيفات أو حتى مراوح بدائية أسوة بقرية المرحوم د. حسن رجب التي بناها في الواحات؟ ماذا لو عدنا إلى رؤى أنور السادات ومهندسه الفذ حسب الله الكفراوي –رحمهما الله- اللذان عملا على تقديم كافة المغريات للشباب لكي ينزح من الوادي إلى سيناء. أذكركم عندما تسلمنا مدينة العريش من العدو الإسرائيلي آنذاك، نزح عشرات الآلاف من المدرسين والموظفين من الوادي إلى سيناء حيث ضاعفت الحكومة المرتبات للنازحين إلى سيناء ومنحتهم ترقيه وظيفية استثنائية ومسكنًا أيضًا.
واليوم، أليس هذا أقل ما يمكن تقديمه لأرض الفيروز وفاءً وأمنًا لها في ذكرى العاشر من رمضان؟ ألن يتبدل الحال في سيناء، وتُحل نسبة كبيرة من مشاكل الوادي وسيناء معًا؟ ألن تصبح سيناء مع مرور الوقت درعًا بشريًا متقدمًا يحمي مدن القناة، ويقف حائط صد ضد أي عدو يطرق بوابة مصر الشرقية؟
سيناء يا سادة العامرة بالكنوز والمقومات السياحية لن يبنيها إلا شبابنا شريطة توفير المحفزات وإعداد الخطط لهم وتوفير المعدات، ووقتها سنقول جميعًا لبيك يا أرض الأنبياء.