قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

برنارد لويس.. في ستين داهية!!

×

عزيزي القاريء فضلًا لا تنصدم من العنوان، فهو مقتبس من أحد تعليقات رواد الفيس بوك تعقيبًا على وفاة المؤرخ، البريطاني الأصل الأمريكي الجنسية، برنارد لويس منذ يومين عن عمر يناهز السنتين بعد المائة.

ربما اسم برنارد لويس غير مستغرب على المثقف العربي وليس بجديد على المؤرخين العرب، لكن في البدء دعوني استكمل بعض تعقيبات متابعي الفيس بوك على نبأ وفاته لأهميتها الشديدة في كشف الكثير من جوانب المثقف العربي، ومن هذه التعقيبات:

- مؤرخ كبير ولكن للأسف معاد للإسلام.

- هو من رسم خريطة الشرق الأوسط الجديدة.

- من أمهر الذين يدسون السم في العسل.

- لم يغادر موقعه كغربي فهو يمثل الامتداد الطبيعي للمدرسة الاستعمارية الغربية بكل همجيتها وعنصريتها وإن غلفت نفسها ــ وكذا كان يفعل بشعارات إنسانية براقة.

- رحلَ مُهندس تقسيم الشرق الأوسط، عراب مشروع الإرهاب الإسلامي، واضع إستراتيجية غزو العراق 2003 .

- لا ننسى جهوده الحثيثة لتمزق النسيج العربى الاسلامى بإعادة رسم خرائط المنطقة حسب الاثنيات والقوميات والصراعات وبالتالى الاستيلاء على ثروات المنطقة بعد استنزافها.

- وعقب د إسماعيل صبري مقلد بقوله: كان واحدًا من أكثر الحاقدين والمتآمرين علي الأمة العربية ولعب دورًا خطيرًا في رسم مخططات تقسيمها بتفجيرها من داخلها بكل أشكال الصراعات والانقسامات العرقية والمذهبية وقد عاش ليري نتيجة ما أمضي حياته يخطط له ويحلم به .

- الله ريحنا منه لكن أفكاره موجودة...الأمل في يقظة العرب ووحدتهم.

- إلى جنهم .

وقبل أن أمضي في تحليل تلك التعقيبات يجب أن أقف قليلًا متساءلًا: من برنارد لويس هذا؟ إنه المؤرخ الكبير الذي لا يختلف على عبقريته وموسوعيته العقلية اثنان، فهو من ظهر نبوغه في سن مبكرة؛ حيث أولى اهتمامًا خاصًا بتعلم اللغات الشرقية ومنها اللغة العبرية والآرامية والعربية؛ ثم الفارسية والتركية؛ وكذلك تعلم اللغتين اللاتينية واليونانية وهو في شبابه أيضًا.

تخرج عام 1936 في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن، متخصصًا في تاريخ الشرق الأوسط، ثم حصل على الدكتوراه بعد ثلاث سنوات في التاريخ الإسلامي من ذات الكلية.. التحق بالدراسات العليا في جامعة باريس، حيث حصل على "دبلوم الدراسات السامية" في عام 1937، ثم عاد في عام 1938 إلى كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن ليحاضر بها.

خدم لويس في الجيش البريطاني في الهيئة الملكية المدرعة وهيئة الاستخبارات في 1940، أي أثناء الحرب العالمية الثانية، ثم عمل بوزارة الخارجية البريطانية؛ وفي عام 1949، عين أستاذًا لكرسي تاريخ الشرق الأوسط وهو في الثالثة والثلاثين من العمر.

انتقل بعدها برنارد لويس إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث أصبح أستاذًا في جامعة برنستون وجامعة كورنل في السبعينيات. وفي عام 1982حصل على الجنسية الأمريكية. له عشرات الكتب المهمة المتعلقة بالشرق الأوسط وكذك مئات البحوث والدراسات والمقالات في مجال العلوم الإنسانية.

من ناحية ثانية، كان برنارد لويس نكبة حلت على منطقتنا العربية، فقد ساهم بفعالية في توجيه الإدارة الأمريكية لرسم خريطة جديدة للشرق الأوسط والاشتراك في خط معالمها بحكم خبرته العميقة بالعرب وتاريخهم الحديث والمعاصر؛ كما كان مستشارًا للرئيس الأمريكي جورج بوش لشئون الشرق الأوسط.

وبطبيعة الحال، فإن يهوديته لعبت دورًا مهمًا في دفاعه عن دولة إسرائيل وكيانها السرطاني الذي نمى في بدن الأمة العربية. ولعل هذا ما جعل المثقفين العرب الذين يعون الدور الخبيث له في القضية الفلسطينية، يصبون اللعنات عليه جهارًا نهارًا كلما واتتهم الفرصة.

أعود ثانية للتعقيبات السابقة لبعض المتابعين للفيس بوك، ليس لظرف بعضها، أو مرارة كلمات بعضها، ولكن لكونها تكشف عن وعي المثقف العربي، الذي كنا نظنه خطأ قد اندثر، فهناك من يعي جيدًا ماذا يكتب ولمن.

وبعض هذه التعقيبات تكشف عن مدى إدراك المثقف العربي للدور الخبيث الذي لعبه برنارد لويس في إعادة تشكيل العقل الأمريكي نحو الشرق الأوسط الجديد، والبعض الآخر يقر حقيقة أن الرجل عاش بعد المائة ليرى حلمه الشرق أوسطي يسير نحو الواقع الذي رسمه له حكماء صهيون.

ومن باب أننا نؤمن بأنه لا شماتة في الموت، فإني أجد نفسي قائلًا: وداعًا لويس، لم يكن العيب فيك، بل العيب فينا، ويبقى الأمل في يقظة العرب ووحدتهم.