لجنة الفتوى توضح حكم عدم القدرة على تنفيذ وصية المتوفى ببناء مسجد
قالت لجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية، إن هناك 3 شروط لصحة وصية المتوفي، أولها أَنْ يَكُونَ الْمُوصَى بِهِ مَمْلُوكًا لِلْمُوصِي، وثانيًا لا تصح الوصية بأكثر من الثلث إلا بإجازة الورثة، وثالثًا لا تصح الوصية لوارث.
وأوضحت «البحوث الإسلامية» في إجابتها عن سؤال: «توفيـت والـدتي وتركت معي مبلغًا من المـال فـي حسابـي الشخصي علـى سبيـل الأمـانة لبنـاء مسجد وإن لـم أستطع بناء المسجد فأخرج عنهـا صدقة جارية مع العلم أن والـدي على قيد الحياة، ووالدتي لم تكن تعمل وجمعت المال مـن قيمة إيجارية كانت تحصل عليها فماذا أفعل في هذا المال؟»، أن هذا المال إما أن يكون ملكا خالصا لأم السائلة عن طريق الميراث من أحد أقاربها، أو وهبة الزوج لها.
وأضافت: وإما أن تكون السيدة المتوفاة مؤتمنة على هذا المال من قبل زوجها وقد سمح لها بالتصرف منه بالمعروف لكنها لا تملكه، فإن كان هذا المال أمانة عند المتوفاة وليس ملكا لها فإنه يجب رد الأمانة لصاحبها، ولا يتعلق بالمال وصية ولا ميراث لأنه ليس ملكا للمتوفاة، وإن كان هذا المبلغ ملكا خاصا بالمتوفاة، فإن السائلة مؤتمنة على هذا المال.
وتابعت: وذلك لأن الفقهاء اشترطوا أن يكون الموصى مالكًا لما أوصى به ملكية تامة، فلو أوصى بمال غيره لا يصح، وهو ما ذهب إليه الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ - وقَطَعَ بِهِ الْغَزَالِيُّ - وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ أَنْ يَكُونَ الْمُوصَى بِهِ الْمُعَيَّنُ مِلْكًا لِلْمُوصِي حِين الْوَصِيَّةِ ، فَلا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِمَالِ الْغَيْرِ.
واستندت لما قال الخرشى المالكى: «وَأَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِمَا أَوْصَى بِهِ مِلْكًا تَامًّا فَمُسْتَغْرَقُ الذِّمَّةِ وَغَيْرُ الْمَالِكِ لا تَصِحُّ وَصِيَّتُهُمَا»، وقال البهوتى الحنبلى: وَيُعْتَبَرُ فِيهِ أَيْضًا اخْتِصَاصُهُ أَيْ : الْمُوصَى بِهِ فَلا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِمَالٍ الْغَيْرِ وَلَوْ مَلَكَهُ بَعْدُ بِأَنْ قَالَ وَصَّيْت بِمَالِ زَيْدٍ، فَلا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ وَلَوْ مَلَكَ الْمُوصِي مَالَ زَيْدٍ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ لِفَسَادِ الصِّيغَةِ بِإِضَافَةِ الْمَالِ إلَى غَيْرِهِ.
وأشارت إلى أنه إذا كانت المتوفاة قد أوصت السائلة بالتصرف في هذا المال بعد وفاتها، فإن هذه الوصية تنفذ في حدود الثلث فعَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي زَمَنَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقُلْتُ بَلَغَ بِي مَا تَرَى وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلا يَرِثُنِي إِلا ابْنَةٌ لِي أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي قَالَ لا قُلْتُ بِالشَّطْرِ قَالَ لا قُلْتُ الثُّلُثُ قَالَ الثُّلُثُ كَثِيرٌ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ وَلَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلا أُجِرْتَ عَلَيْهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ.
واستطرت: وما زاد عن الثلث فإنه يتوقف على إجازة الورثة فإن أجازوه نفذ وإلا فيصير تركة يقسم على الورثة، حيث ذهب جمهور الفقهاء من الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ وَالْمَالِكِيَّةِ فِي قَوْلٍ إلى: أنَّ الزِّيَادَةُ عَنِ الثُّلُثِ مَوْقُوفَةً عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ.
وأفادت بأنه في حال أَجَازَ الْوَرَثَةُ الزَّائِدَ عَنِ الثُّلُثِ لأَجْنَبِيٍّ، نَفَذَتِ الْوَصِيَّةُ، وَإِنْ رَدُّوا الزِّيَادَةَ بَطَلَتْ، وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ وَالشَّافِعِيَّةُ، فِي قَوْلٍ كَذَلِكَ إِلَى بُطْلانِ الْوَصِيَّةِ بِالزَّائِدِ عَنِ الثُّلُثِ، وَإِنْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ، نَفَذَتِ الْوَصِيَّةُ فِي حِصَّةِ الْمُجِيزِ فَقَطْ، وَبَطَلَتْ فِي حِصَّةِ غَيْرِهِ، منوهًا بأنه إذا كانت المتوفاة قد وكلت السائلة بالتصرف من هذا المال في حال حياتها، فيجب عليها أن تنفذ ما تحملته من أمانة.