نهضة ثقافية وفكرية قد تكون غائبة عن المشهد العربي والعالمي تعيشها القارة السمراء ، ولكنها تجلت وتحققت سينمائيا بعد ترشح الفيلم الكيني " نيروبي هاف لايف" للمخرج الكيني ديفيد توش جيتونجا للحصول على جائزة الأوسكار كأحسن فيلم أجنبي .
وكان هذا الفيلم والذي يركز على عالم الجريمة المنظمة وحياة رجال العصابات في نيروبي قد احتل صدارة شباك التذاكر في كينيا فور عرضه فى دور السينما هناك .
وسيناريو الفيلم واقعي عن الجيل الجديد فى السينما الإفريقية وتروي قصته تفاصيل حياة من غادروا قريتهم الصغيرة قاصدين المدن الكبرى ظنا منهم أنهم سيتمكنوا من تحقيق أحلامهم فيها وهو ما قام به بطل الفيلم "مواس" الشاب الطموح المتطلع الذي يحلم بدخول عالم التمثيل من أبوابه الواسعة ولكنه وفي اليوم الأول لوصوله مدينة نيروبي تسرق أغراضه فيضطر للإنغماس في عالم الجريمة ليستطيع مواصلة الحياة .
وفيلم "نيروبي هاف لايف" كما تقول الباحثة السينمائية فاطمة الزهراء محمد حسن: هو محاولة لإضفاء لمسة إنسانية على مرتكبي الجريمة المنظمة في كينيا في محاولة منه لتغيير مفهومها أو التخفيف من وقعها على المشاهدين وفي الحياة اليومية وهو النقد الذي وجهه النقاد للفيلم إذ أن الجريمة تظل جريمة مهما كانت أسبابها ودوافعها على حسب تقارير النقاد وآرائهم .
ويقول مخرج الفيلم ديفيد توش والذي عايش عالم الجريمة حقيقة بقضائه بعض الوقت مع رجال العصابات من لصوص قطع غيار السيارات ليكون صادقا في نقل الوقائع ولمزيد من فهم ثقافة الجريمة يقول : الجريمة خطأ لاجدال ولكن هل تساءلنا يوما بجدية : لماذا تحدث الجريمة ؟
أما الممثل الكيني مانيا أولينا فريد وهو أحد أبطال الفيلم فيرى أن فيلم نيروبي هاف لايف يشكل نقلة في مسار السينما الكينية إذ لأول مرة يكون هناك فريق كبير من المنتجين والممثليين وعدد وفير من السيناريوهات لفيلم واحد ومن ثم فهو من وجهة نظره يعتبر مرجعا ونموذجا للسينما الإفريقية .
ويبدو أن إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (الدورة 35) إستشعرت هذه النهضة وهذا التحرك الإفريقي الملموس والفائق حقيقة فحرصت على أن يكون تواجد السينما الإفريقية هذا العام قويا ومتنوعا بمشاركة تسعة أفلام تتناول قضايا مختلفة من واقع المجتمع الإفريقي ومن ضمنها فيلم "نيروبي هاف لايف" , إلى جانب ندوة بعنوان " اليوم الإفريقي"، وتتناول دور السينما الإفريقية كوسيط للتحرر السياسي والإجتماعي والثقافي ودورها فى تقديم القارة الإفريقية بمنظر إيجابي يعكس تقدمها ونهضة شعوبها المحبة للفن والجمال والإبداع .