قربت الولاية الأولى الرئاسية على الانتهاء، كانت فيها المشاركة السياسية جديدة على المصريين بعد سنوات طويلة من البيات السياسى والسكون وبعض السلوكات السياسية غير الناضجة المتخبطة.
والحديث غير المقنن والآراء المتبعثرة لدى البعض والتى تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعى وفى وسط كل هذا أخذت على عاتقها بعض الكيانات السياسية والحملات الشعبية التوعية والحشد لمؤتمرات شعبية وتوعية بأهمية المشاركة فى الانتخابات.
لم يكن الحشد فى الحملات الشعبية يحارب المنافسة الشرسة فى الانتخابات قدر ما كان يحارب السلبية وعدم دراية المواطن البسيط بأقل المعلومات السياسية فشكلوا همزة الوصل بين الدولة والشعب تطوعًا وذلك دور يُحمد لهم مما لاشك فيه ولكن تلك الوساطة السياسية لابد أن تنتهى فى الفترة الرئاسية الثانية.
ليس تقليلا من شأن أى كيانات سياسية أو ائتلافات ولكن لمزيد من التواصل المباشر ما بين الدولة والفرد وغلق تلك الفجوة حتى يكون التواصل ما بين ضمير الدولة والوازع الشخصى للفرد فقط.
تأتى أهمية ذلك فى التفويضات الشعبية .. فالتفويض الشعبى الذى يقوم به الشعب لرئيس الجمهورية أو للدولة بشكل عام فى محاربة الارهاب على سبيل المثال أو أى مطلب شعبى لايمكن أن يتخلله وساطة سياسية أو توعية سياسية من أى نوع تخل بشرعية ذلك التفويض.
فالتفويض الشعبى ميثاق بين طرفين فقط وهما الشعب والرئيس أو الشعب والدولة حيث يتحرك الشعب بوازع شخصى بحت ونية شخصية تجمعت كلها على قلب رجل واحد ورأى ومطلب واحد بأوامر نابعة منهم لذاتهم متوجهة به الى القيادة العليا تمليه ضمائرهم عليهم لا أى حملة ولا كيان سياسي.
وفى نفس التوقيت لا يمكن أن يتم تهميش دور الكيانات السياسية الجديدة والأحزاب القائمة ولكن بعيدًا عن الحشد تلك المرة فيقف دورها عند التثقيف السياسى والتوعية بالقوانين اللازمة البسيطة التى يجب أن يكون كل مواطن على دراية ووعى بها كما عليها تحليل وتبسيط قرارات الدولة التى تتخذها فى الأوقات الحرجة وعرض المشاريع القومية وشرح مفصل لمردودها الاستثمارى والاجتماعى والاقتصادى .
ولاسيما أن الفترة القادمة ستشهد ازدهارا أكثر وثمار ما تم زراعته مستثيرة أحقاد قوى الظلام والتيارات المعادية للوطن وهنا لا يمكن أن يقف وسيط سياسى يقول للشعب ماذا يفعل أو يحشده وهو هدف نبيل ولكن على الشعب وحده أن يكون ذلك الدرع البشرى الذى بعد بناء وتأهيل البعد السياسى والوعى الشعبى فى شخصيته هو الذى يتصدى لتلك التحديات والمخاطر بنفسه.
خمس سنوات منذ رحيل الجماعة تحتم علينا اليوم فى الفترة الرئاسية الجديدة أن ينتهج الشعب ويمارس كل السلوكيات السياسية الصحية يتعلم كيف يحشد نفسه بنفسه كيف يفوض ويأمر القيادة العظيمة التى تقوده ,كيف يقف درعًا عقليًا واقيًا, كيف يقنن الحديث السياسى فلا نحتاج الى وسطاء يصلون الأطراف الرخوة ويكونون هم الجسر البشرى الذى تعتمد عليه الدولة.