كثيرًا ما مررت على قلعة صلاح الدين الأيوبى وتأملت هل كانت تلك القلعة مجرد حصنًا يحتمى به الجنود أم هى منبر حرب أم هى الهدفان معًا الاحتماء والحرب؟
فالقلاع حصن منيع للحماية ومحراب لشن الهجوم . هكذا كانت العلاقات الاثيوبية السودانية .ان التوتر الذى حدث بين مصر والسودان واثيوبيا فى الآونة الأخيرة كان من الممكن أن تُدار بشكل دموى أو –كما حدث- بمنتهى الدبلوماسية.
لقد كانت أولوية ناصر القومية العربية وكانت أولوية السادات الحرب فالسلام العادل وكانت أولوية مبارك محاولات كثيرة للتوازى مع الجماعة محاولا ابعاد دولتهم عن دولة المصريين ولكن أولوية الرئيس اليوم هى شئ واحد وهو مستقبل تلك الأرض والأجيال القادمة لسنوات قادمة.
فذلك الشكل الذى دارت به المفاوضات مع السودان واثيوبيا كان حريصًا كل الحرص على إدارتها بشكل دبلوماسى فى منتهى الحنكة كان موقفًا ذكيًا يتسم بصفتين :-
الأولى وهى موجهة للخارج,فدول الغرب والدول العظمى عندما تتربع على عرش العالم وتغويها السلطة العظمى لا تنفك أن تجد ثغرة أو ثمة مشاحنات أو مفاوضات متعرقلة بين بلدين الا وتتدخل أما لتضع ذاتها فى موقف ريادى وأنها هى التى تقدمت وبادرت بحل المشكلة أو تزيد من تأجج المشاحنات وتسوء العلاقة بين البلدين.
ولكن حرصت القيادة المصرية على احتواء الموقف وسد تلك الثغرة فى وجه الغرب محتملة كل التحديات فى حل المفاوضات منتهية بحلول واتفاقيات احتفاليات ضخمة كان هدفها إرسال للخارج رسالة ضمنية تؤكد سيادة مصر وقدرتها على حل مشاكلها على حدودها مع أشقائها ومنع أى تدخل لحل المشكلة من الخارج وإبراز دور الغرب كدور ريادى أو تفضل بهدف التدخل وسد الثغرة التى كان من الممكن أن تنشغل بها مصر فى محاربة اشقائها مما يعوق حرب الوجود والتنمية والانشغال عن باقى حدودها الشمالية والشرقية والغربية.
أما الثانية وهى خطوة التأمين , فلا يشترى المستهلك منتجًا دون شهادة ضمان ولكن تلك شهادة الضمان رسمها الشعب فى اظهار شعبيته للقائد الذى تتم كل الإصلاحات تحت مظلته فبتأكيد شعبية الرئيس أمام دول الجوار :أشقائنا السودان واثيوبيا ضمنت مصر بفضل الشعب الذى أبرز وطنية وشعبية الرئيس الحقيقية فى قلبه, ايصال دولتى الجوار رسالة هامة ألا وهى أن الشعب يساند الرئيس فى كل ما يتخذه ويقرره وأنه وراؤه لا يقبل التهاون فى حقه ولا يقبل التعدى على حصته من نهر النيل وأن كل ما اتٌخذ من قرارات واتفاقيات لن يستطيع أحد الإخلال به وأن ما قاله الرئيس ووزر الخارجية فى المفاوضات أن الشعب لا يقبل المساس بحقه ما هو الا حقيقة بحته كى لا يخُيل لأحد أنه من الممكن الإخلال بها فى يوم من الأيام بل هى بمباركة الشعب الذى شكل القوة الحقيقية والضمان الحقيقى للمنتج الأصلى وهو المفاوضات المحنكة التى قام بها الرئيس وقيادته
حتى ان تغيرت القيادات فى بلدى الجوار مثل ما حدث مع ديسالين –رئيس وزراء اثيوبيا- يظل عالقًا بأذهان القيادات الاثيوبية والسودانية أن مصر بلد السلام لاتحارب أشقائها بالفعل ولكنها أيضًا بلد القوة التى تُدار من الداخل بقيادة عظيمة تضمن قرارتها وتباركها الظهير الشعبى .