عمر فتحي يكتب: اللحظات الأخيرة

الحقيقة الوحيدة في هذه الحياة هي الموت ولكن ماذا قبل الموت؟!
ينشغل الفرد منا بالحياة وذلك طبع البشر، فمنذ بدء الحياة على الأرض قتل قابيل أخاه هابيل وكان ذلك أول صراع على وجه الأرض، فهكذا طبع الإنسان انشغاله بالدنيا منذ ولادته حتى مماته يعيش في صراع طوال حياته وفي نهاية الأمر لا شيء، قال الله تعالى "لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ"، وكبد تعنى معاناة مضايق الدنيا، وكم منا من يواجه متاعب ومعاناة أمامه لا حصر لها كل يوم.
ويسعى كل منا لأن يأخذ حقه من الدنيا كاملًا ولا يأخذ إلا ما أراده الله أن يعطيه له، وينشغل بمتطلبات حياته ومضايقتها منذ الصغر ودخوله للمدرسة مرورًا بمرحلة الجامعة وتخرجه فيها، وكم منا واجهته كم المتاعب في هذه الفترة حتى إذا تخرج واجهته متاعب أكبر وأكثر مما كان فيه، بأن يبدأ بالبحث عن وظيفة ثم يتزوج مرورًا بما بعد أن يأتيه الله عز وجل بمولود ثم يضع كل تركيزه بما وهبه الله، ويظل الإنسان يكافح ويسارع قي ضغوط حياته اليومية وما بين أن يرزقه الله بالأولاد وأن يأتيه الله من مال وقال الله تعالى "اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ"، حتى إذا جاءه اليقين "الموت" وشغلته الدنيا عن ذكر الله وعبادته وقال تعالى "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" ليس معنى ذلك أن تترك حياتك، بل اسع وتوكل ولكن لا تنسى ما فرضه الله عليك.
وكم منا فارق شخصا عزيزا عليه وجاءت عليه أيام يعلم أن الدنيا لا تساوي شيئا وأن ما جمعه هذا الشخص في حياته من مال وسكن وأولاد وزوجه ومنصب تركه في الدنيا لغيره يتقاسمون ورثه، ولا يأتي إلا بعمله فقط، وأن الموت هو الحقيقة التي يغفل عنها الجميع ثم تمر الأيام ويرجع منا الفرد إلى حياته الطبيعية بعد فراق أقرب الناس إليه.
كذلك أنت.. نعم أنت.. ستترك حياتك في لحظة والموت لا يأتي إلا غفلة وفي لحظات الأخيرة تنظر إلى أعين من هم حولك ولا يقدرون أن يفعلو لك شيئا، ينظرون إليك والدموع بأعينهم والصراخ يقشعر القلوب وأنت على فراش الموت ولا تعمل لهذا اليوم "وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ" وكلمة الحق أي الموت وتحيد بمعنى تهرب وتفر منه طوال حياتك.
يأتي بمن يجردك من ملابسك ويغسلك ثم حمل على الأكتاف وينزلون بك إلى بيتك الحقيقي حتى تأتي الساعة، ثم يقفون على قبرك يدعون لك وينصرفوا بعد ذلك وتبقى وحيدًا، وفي الليل ينصبون لك العزاء وبعد يومين أو أكثر يتقاسمون ما تركته لهم ويتمتعون بما كنت تسعى وتركض وراءه طوال حياتك، وبالطبع سيحزنون عليك ولكن بعد فترة ستكون مجرد ذكرى يترحمون عليك وهذا ليس بأرادتهم لأن من نعمة الله علينا النسيان، وبعد فترة أكبر ينشغل كل منهم بحياته حتى أولادك وأقرب الناس إليك وتبقى وحيدًا في قبرك ليس معك إلا عملك الصالح.
لا تنشغل بحياتك أكثر من اللازم وتمتع بالدنيا ولا تنس عبادته وحق الله عليك.