قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

الأبعاد الاستراتيجية وراء زيارة بن سلمان لمصر (2-2)

×

اذا كان الجزء الأول من هذا المقال، قد توقف أمام العديد من الأبعاد الأمنية والسياسية التي انطوت عليها زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لمصر، وكشف عن الرغبة المصرية – السعودية المشتركة في التصدي للأخطار الداهمة في المنطقة وفي مقدمتها الآن الخطر الفارسي من قبل إيران؛ خصوصا وأن إيران اليوم - وبالنظر الى حالة عالمية متحفزة لنشاطاتها- لم تعد مجرد دولة إقليمية كبرى تسبب هلعًا للعالم بسبب أيديولوجية النظام المتطرف الحاكم هناك ولكن مشروع متكامل للهيمنة والتمدد وقضم دول وأجزاء من العالم العربي وإخضاعها للسيطرة الإيرانية المباشرة عبر ميليشيات وعصابات مسلحة تأتمر بأمر الولي الفقيه في إيران.

فإن الجزء الثاني من المقال، سيتناول الجانب الديني والثقافي الهام ، خصوصا وأن لقاءات ولي العهد السعودي في مصر، شهدت زيارة غير مسبوقة من جانب كل من الرئيس السيسي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الجامع الأزهر.

والحقيقة أن زيارة الجامع الأزهر من قبل ولي العهد السعودي لها دلالة خاصة جدا ومعانٍ دينية واستراتيجية غير محدودة.

فبغير رغبة من العالم العربي والإسلامي، زُج بالمنطقة في أتون حرب مذهبية مسعورة بمعنى الكلمة. وحولت (إيران الملالي) الصراع في المنطقة إلى صراع سياسي وعسكري ومذهبي من الدرجة الأولى.

فهناك سباق إيراني للسيطرة ومدّ النفوذ الإيراني في أكثر من دولة عربية في مقدمتها العراق وسوريا واليمن ولبنان وفلسطين عبر حركة حماس. وداخل العديد من الدول الخليجية عبر شبكات ضخمة من العناصر المتطرفة والإرهابية التي تدين بالولاء لنظام الملالي.

وداخل هذا الصراع السياسي والعسكري تفجر صراع مذهبي. بعدما رصد النظام الإيراني من ميزانيته خلال السنوات الأخيرة العديد من المليارات من الدولارات لنشر الثقافة الفارسية والمذهب الشيعي عبر مراكز وجامعات إيرانية إسلامية.

ومؤخرا أعلن، علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي عن افتتاح عدة فروع للجامعة الاسلامية الحرة الإيرانية" آزاد" في كل من سوريا ولبنان والعراق. وذلك لتدريس مفردات وتعاليم نظام الولي الفقيه الذي يقوم في الأساس على نشر المذهب الشيعي وتصدير الثورة الإيرانية للخارج.

وهذه الخطوة جاءت بعد أعوام قليلة، من تأسيس وافتتاح عدة فروع لكل من جامعتي المصطفى الإسلامية الإيرانية والفارابي، وكلها مؤسسات دينية مقربة من المرشد الإيراني الأعلى وتأتمر بأوامره.

ووسط هذه الحرب الدينية ومحاولة تشّييع العالم العربي بصورة سافرة ودون وعي من مواطنيه وفي خضم حرب ساخنة على شتى الجبهات..

لم يكن يعقل أن تتعطل مؤسسة دينية كبرى، مثل الأزهر الشريف عن آداء دورها في العالم العربي. وان ترزح تحت إمكانيات وظروف صعبة لذلك جاء قرار الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز آل سعود بتقديم منحة شاملة لتطوير الأزهر والانتهاء من أكبر عملية ترميم له في تاريخه وتجهيزه بنظام صوتي مماثل للحرمين الشريفين ، وتركيب رخام أرضية في صحن الجامع من نفس الرخام المستخدم في أرضيات الحرم الشريف والمسجد النبوي الشريف وغيرها من التجهيزات الضخمة.

وذلك لدفع الأزهر لإعادة تبوؤ مكانه داخل العالم الاسلامي كقلعة للإسلام الوسطي قادرة حتى اللحظة على اجتذاب عشرات الآلاف من الدارسين كل عام.

فتطور الأزهر وإعادة تصدره المشهد الديني الإسلامي لا يفيد مصر فقط ولكنه ينعكس اسلاما ووسطية على العالم العربي كله كما يعزز وجود الاسلامي السني في مواجهة مشروع التشّيع.

وهو ما ظهر جليًا في تصريحات ولي العهد السعودي المباشرة تجاه الجامع الأزهر. عندما أعلن عن تطلع المملكة لتعميق علاقات التعاون والتواصل مع الأزهر الشريف قلعة الوسطية والسلام. وتقديره الشديد للدور الهام للأزهر في مواجهة ما يحيق بالعالم الإسلامي والعربي من مخاطر. ومتابعته لجهوده باستمرار باعتباره من أهم منارات وركائز الفكر الإسلامي – بنص تصريحاته-.

وكذلك حرصه على مشاركة الأزهر كمرجعية علمية في مجمع الملك سلمان بن عبد العزيز للحديث النبوي والذي تقرر إنشاؤه مؤخرا.

إن الزيارة التي قام بها الأمير بن سلمان، لم تقف أبدا عن حدود زيادة آفاق التعاون الاقتصادي بين مصر والسعودية. وزيادة الاستثمارات السعودية في مصر والتي وصلت الى نحو 45 مليار دولار منها 27 مليار دولار للقطاع الخاص و18 مليار دولار للقطاع الحكومي بنص تصريحات عبد الله بن محفوظ نائب رئيس مجلس الأعمال المصري – السعودي؛ ولكنها تخطت ذلك كله إلى التخندق المشترك من كل من القاهرة والرياض لمواجهة مشروع إيران المهدد للدول العربية والزاحف بقوة نحو إستقرار الخليج العربي.