قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

رقصني يا جدع!

×

الأزمة المندلعة على "السوشيال ميديا" بسبب الاستعانة براقصات في حفل لإحدى مدارس البنات بالهرم تمثل المجتمع المتناقض والمريض الذي يعيش فيه المصريون منذ سنوات.

كانت إحدى المدارس قد استعانت بفرقة فنية ضمت بعض الراقصات، قمن بالرقص في احتفال خاص أمام الطالبات، فقامت الدنيا ولم تقعد، إلا بإصدار قرار من وزارة التربية والتعليم بإيقاف مديرة المدرسة، التي سمحت للبنات بمشاهدة عرض "الرقص الشعبي"، قبل أن تصدر إدارة المدرسة نفسها اعتذارا عن هذا "الخطأ" حسن نص البيان.

والمؤكد أن الكثيرين يعتقدون أن الرقص مهنة غير شريفة، وأن كل الراقصات بالضرورة عاهرات، رغم أن أيا من هؤلاء لا يستطيع أن يخفي إعجابه بهذا الفن في أي مكان، يشاهدونه في الأفلام، ويشاهدون الراقصات في الحفلات، باهتمام غريب يتناقض مع مفهومهم عن الشرف، وكثيرا ما نرى العشرات وهم يحاولون التقاط صورة تذكارية مع الراقصة أو حتى الوقوف بجوارها، وليس هناك أدل على نجاح الراقصات في هذا المجتمع من الشهرة التي تحصدها هؤلاء، والنجاح الجماهيري الساحق الذي يحققه، سواء الراقصات المصريات أو حتى الأجنبيات.

الوضع في الخارج مختلف تماما عما يحدث في مصر، ويكفي الاستقبال المميز الذي تلقاه الراقصات المصريات في دول العالم، للدلالة على تقدير العالم الخارجي للرقص الشرقي.

تتحمل بعض الراقصات بالتأكيد جزءا من المسؤولية في الصورة السيئة المنطبعة عنهن في الشارع، كما تتحمل السينما المصرية، وخاصة أيام الزمن الجميل دورا آخر، لتعمدها تقديم الراقصة خائنة أو عاهرة على الدوام، ولكني وبعد أكثر من لقاء صحفي مع عدد من الراقصات الشهيرات أستطيع أن أقول بكل ثقة أن بعضهن أقرب إلى الأخلاق من كثيرات من المدعيات.

الغريب أن كثيرات من الفتيات بل والزوجات تشاركن في كورسات الرقص الشرقي في مراكز الجيم في كل مكان، بعلم آبائهن وأزواجهن، الذين يسمحون لبناتهم وزوجاتهم بتعليم الرقص في هذه المراكز، في الوقت نفسه الذي يلعنون فيه الراقصات.

الرقص، مثل أي مهنة أخرى، لا يمكن أن توصف بالعفة، كما لا يمكن أن توصف باللاشرف، ولكن بعض الراقصات قد يكن محترمات، وقد لا يكن كذلك، وهو ما ينطبق على كل المهن، لا الرقص فقط.

في المجتمعات المريضة يصبح هذا التناقض طبيعيا، بين هؤلاء الذين يحبون الرقص والراقصات في الخفاء، ويلعنونهن في العلن، تحت شعار "كله بيرقص على كله"، وهؤلاء المتناقضين ليس بينهم "جدع" واحد يمكن أن توجه له الراقصة جملتها المعروفة "رقصني يا جدع"!