يُحكى أن: فى أيام ما قبل ثورة التصحيح المجيدة - الثلاثين من يونيو – كان من أكثر الأشياء حبًا لقلب أعداء الوطن تفجير خطوط الغاز، فكانت تتصدر الصحف أخبار انفجار خط غاز فى مدينة أو محافظة ما، وذلك لأن الغاز الطبيعى يُعد من أكثر المواد حيوية فى حياة الصناعة والإنتاج والحياة.
وعندما رحل أعداء الوطن وبعد اكتشاف حقل "ظهر" ذلك المورد الطبيعى الذى أهدته الطبيعة لمصر والآمال الكثيرة المُعلقة على ناتج ذلك الحقل، استمرت الانفجارات مرة أخرى، وهذه هى الطرفة الأولى ولكن انفجارات الرأى العام وليس خطوط الغاز!
انفجر الرأى العام منذ أيام قليلة عندما سمعنا خبر استيراد الغاز، ولذا لابد من استعراض عدة نقاط بهذا الصدد
أولا: بادئ ذى بدئ علينا أن نعى جميعًا أن الاقتصاد والسياسة مرتبطان ارتباطا وثيق جدًا وعلينا أن نعى أيضًا أن المرمى الأساسى الذى فى نفس القيادة المصرية الحكيمة هو الخطط طويلة الأجل بعيدة المدى وليس الخطط أو الأهداف القريبة.
ثانيًا: إذا كانت تسعى مصر ليكون لها دور إقليمى فى الشرق الأوسط والرائد فى صناعة البتروكيماويات، فعليها ألا تتجاهل نقطتين وهما:-
ألا يعبر غاز من أى دولة مجاورة دون أن يكون تحت سيطرة وقبضة مصر بكل الطرق القانونية والصفقات المربحة.
وأن يكون لدى العامل المصرى والفنى والمهندس الخبرة ليست فقط الكافية بل أيضًا الخبرة الممتازة والمتميزة والفائقة عن أى طاقم عمل صناعة بتروكيماويات فى الشرق الأوسط كله.
فالطرفة الثانية ستكون عندما يزداد إنتاج حقل "ظهر" بحلول عام 2020 أو 2019 ونحتاج إلى عامل بشرى خارجى للتعامل مع ذلك الذهب الخام لتصنيعه واستخراج مُشتقاته.
فعندما يتحطم حلم صاحب الذهب بحقيقة أنه فى حاجة لشريك لكى يروض له ذلك المنتج الخام فلن يصبح الربح الكامل لنا!
لذا كان القطاع الخاص مشكورًا، فعقد صفقة الغاز من ميزانيته ووهبنا تلك الميزة الإضافية والتى تعنى أن الطاقم المصرى العامل كله سيتدرب أكثر ويزداد خبرة فى مثل تلك الصناعة فى غاز وارد قبل أن يزداد ويتضحم إنتاجنا فى السنوات القادمة مع غياب عامل بشرى مدرب قادر على التعامل مع مثل هذا الكم من الإنتاج.
ثالثًا:- وهى الطرفة الثالثة من الطرائف وبعد تصريحات سيادة الرئيس بصدد هذا الشأن والتى قالها بمنتهى الابتسامة المنتصرة قائلا ضمنيًا إن مثل تلك الصفقات ما هى إلا ربح لنا، وهو رأس الدولة الذى له الحق فى الاطلاع على كل أركان الموضوع من الجهات الأمنية والاستراتيجية والسياسية التى لا ندركها ولازلنا نتساءل! أمن الممكن أن تكون مصر فى حالة ضعيفة فى هذا الملف ويقف رئيس الدولة بهذا الانتصار المعنوى محاولا إيصال المعلومة لنا قدر ما أتُيح؟ بالطبع ليست قيادتنا الذكية العظيمة بهذه السذاجة.