ممر ضيق مُختبئ في شوارع الدرب الأحمر، يضم محلات ضيقة بمساحات محدودة، تعلوها نوافذ أرابيسك، يغطي الممر سقف خشبي، الضجيج والزحام لم يمنع المارة من التمتع بالشراء أو حتى النظر لجمال المشغولات والمصنوعات اليدوية بالممر.
عُرفت بمنطقة الخيامية، وعلى لوحة معدنية يغطيها التراب، كتب اسم "حارة قصبة رضوان"، يرجع تاريخه لأكثر من ثلاثمائة عام، ورش ومحلات أثرية تعتبر بمثابة المتحف المفتوح للسياح طوال العام، كرم ولطافة البائعين جذبت العديد منهم على مر السنين.
وفي جانب من الممر، يجلس عم محمود الحلواني، الرجل الستيني الذي ولد وعاش عمره بالممر يروي قصة قصبة رضوان قائلاً: "الممر عُرف بهذا الاسم بعد بناء الأمير رضوان بك الفقاري عام 1650م قصبته وقد أراد أن ينافس بها قصبة القاهرة القديمة" .
وسُميت بالقصبة تشبهها بالقصبة الهوائية، فمعناها ممر مثل القصبة الهوائية عند الإنسان، فالحارة أولها من باب المتولى وآخر شارع الداودية، يبدأ عند تقاطع شارعي تحت الربع والدرب الأحمر وآخر شارع الخيامية.
وفي قصبة رضوان، يعلو صوت الأذان من عدة مآذن، ففي مقدمة الشارع جامع صالح الطلائع، وفي المنتصف مسجد محمود الكردي، مساجد شيدت منذ مئات السنين، فحتى وإن كان ممرًا تجاريً إلا أن البعض يعتبره مزارًا دينيًا ذا طابع تاريخي.
وكانت قصبة رضوان ممر تجاري من أعظم أسواق مصر، فالشارع يضم محلات قماش خيامية وصناعات جلود وقباقيب.
يطلق عم حلواني أنفاسه من أرجيلته في الهواء، تحدق عيناه على الغرف التي تعلو المحلات بقصبة رضوان: "الأوض دي كانت ملجأ للأتراك زمان، وبعدها بقت بيوت للوقف، واتأجرت بعدها وتوارثت أباً عن جد لحد ما عشت فيها أنا".
تسلق سلالم مهشمة ضيقة يوصلك إلى غرفة عم حلواني، وبالرغم من أن مساحة المنازل التي تعلو المحلات بقصبة رضوان بالكاد تكفي لفرد أن يعيش بها، إلا أنها تميز وأصالة المكان تجبر عم محمود على العيش بها وعدم تركها، بل يحرص على ترميم غرفته بنفقته الخاصة، ويستطرد قائلا: "بشوف مصر القديمة كلها من سطوح البيت، وأجمل حاجة كوباية شاي وقت عصرية".
وحذر عدد من الأثريين من تدهور الحالة الإنشائية لقصبة رضوان واكتفت هيئة الآثار بوضع أعمدة خشبية من ثمانينيات القرن الماضى، استعدادًا لترميمه الذى لم ينته حتى الآن.