امسك فساد !!! (1)

أحد أهم أنواع الفساد هو الفساد الإداري، ومن مخاطره أنه السبب الرئيسي في ترهل الجهاز الإداري للدولة، ومن ثم تثبيت أواصر الفساد المؤسسي، وانعكاسه على انخفاض القدرة على جني ثمار الإصلاح الاقتصادي.
مش كدة وبس، لأ ده كمان له بعد نفسي يتمثل في الاكتئاب وعدم الرغبة في المشاركة للكفاءات نتيجة شعورهم بعدم قدرتهم على جني ثمار كفاحهم، وإدراكهم أن تولي المسئولية أصبح شبه مؤكد لمن هم غير مؤهلين، وهو الأمر الذي ينعكس على الدولة ككل في انخفاض معدلات نموها الاقتصادي، وتأخرها.
طيب وبعدين، إيه السبب الرئيسي في حدوث الفساد الإداري؟
في رأيي الشخصي أن السبب الرئيسي هو الدوائر المغلقة، وهو ما كتبت عنه مسبقًا مقالا بعنوان "الدوائر المغلقة سبب الفساد المؤسسي".
بتقولي مقال... آه.... بليه واشربي ميته!!!
أنا لما أشوف المناصب يتم تسليمها عيني عينك لمن هم أقل درجة علمية، وخبرة عملية، المفروض الواحد يعمل إيه!!!
أنا لما أعرف أنه قد تم إصدار قرارات بتسكين موظفين، أقل درجة علمية، وخبرة عملية، على درجات وظيفية أعلى من زملائهم ذوي الدرجات العلمية والخبرة العملية الأكبر، لحين الإعلان الصوري، آه الصوري، ليتم تسكينهم بصورة رسمية، المفروض الواحد يعمل إيه!!!
وبعدين تكلموني عن تشجيع ظهور الكفاءات، بأمارة إيه إن شاء الله!!!
أخشى ما أخشاه أن تتحول حياتنا إلى تمثيلية كبيرة، نعلن فيها عن شعارات، ولا نقوم بتنفيذها، فنخسر الكثير، ولا نحقق الكثير، أذكركم وأذكر نفسي بقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون".
فإذا ما رغبنا جديًا في مكافحة الفساد الإداري بصفة خاصة، فعلينا أن نعمل على تجفيف منابعه المتمثلة بصفة رئيسية في الدوائر المغلقة، وذلك من خلال حصر جميع موظفي الدولة وفقًا لمؤهلاتهم وكفاءتهم، وتسكينهم وفقًا لذلك، وإذا لم نفعل ذلك فنحن فاسدون.
علينا أن نخلق الصف الثاني والثالث من كوادر الدولة وفقًا لبيانات الموظفين المقيدة، وبيان حالاتهم الوظيفية والاولويات، وليس من خلال ترشيحات رؤسائهم، المدعمة للدوائر المغلقة، وإذا لم نفعل ذلك فنحن فاسدون.
علينا أن نمنع وجود أقارب حتى الدرجة الثالثة أو الرابعة في نفس جهة العمل سواء هيئة أو مصلحة حكومية أو قطاع، فوجود الأقارب مجتمعين في ذات المكان الوظيفي من شأنه أن يدعم مفهوم "الدوائر المغلقة"، وإذا لم نفعل ذلك فنحن فاسدون.
يجب ألا تتعدى مدة الاستعانة بمن يطلقون على أنفسهم الكفاءات النادرة أو المستشارين مدة الأربع سنوات في ذات الوزارة على أن يلتزموا بخلق جيل ثان وثالث مهيئين لتولي مهامهم، وإذا لم نفعل ذلك فنحن فاسدون.
ومش بس كدة لأ.. ده إحنا مسرفين كمان، وإحنا في عرض كل مليم بصراحة!!!
كلمة أخيرة؛ طيب لو ما عملناش كدة، المتضرر يعمل إيه؟، سؤال سألته لنفسي ولم أجد له إجابة... سوى الحيطة!!!
لذا أتمنى أن تكون هناك جهة تعمل على مراجعة القرارات الوظيفية، فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.
تلك الجهة عليها أن تنظر وتراجع جميع القرارات الوظيفية، سواء المتعلقة بالتكليف أو التعيين، فهل من تولوها يستحقون تلك المناصب؟ هل تخطوا أحدا من زملائهم، ولنتذكر جميعنا مقولة "حكمت فعدلت فأمنت فنمت ياعمر".
أعلم جيدًا أن الإصلاح المؤسسي والإداري هو أصعب مراحل الإصلاح، نظرًا لتعارض المصالح، فهو بمثابة إعلان الحرب على الفساد.
وأؤكد على أن الفساد هو العقبة الرئيسية التى تعوق الجهود الرامية إلى تحقيق التنمية الشاملة، إلا أنه علينا جميعًا ألا نفقد الأمل في المطالبة بالحقوق ما دمنا نقوم بواجباتنا وأكثر، وألا نكف عن السعي بهدف الارتقاء لما هو أفضل، وكلنا ثقة في الله، فهو العادل، وهو البصير بالعباد.
وهو من وعد وأمر في قوله تعالي﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾.
وأثق تمام الثقة في أنه لن يخلف وعده.