قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

اللي اختشوا ماتوا ..


"اللى اختشوا ماتوا" مثل شائع في مجتمعنا الشرقي، يتردد حين يرغب شخص ما في فعل شيء مخالف للعادات والتقاليد المعروفة في المجتمع الذي يعيش فيه، لكنه يستحيي من ذلك فيقال له فورًا "اللى اختشوا ماتوا" كتعبير عن ضرورة تخلصه من الحياء وفعل ما يريد، وبحكم تخصصي الموسيقي سأتناول هذا المثل الشعبي من حيث واقع الغناء حاليا في مصر، لكن قبل ذلك دعوني أذكركم بقصة هذا المثل وفقًا للروايات المتداولة.

يعود أصل مثل "اللى اختشوا ماتوا" إلى الدولة العثمانية في مصر، حيث كانت توجد حمامات عامة للرجال وأخرى للنساء للاستحمام، ولا تزال بعض هذه الحمامات موجودة حتى الآن في الأحياء القديمة ويطلق عليها اسم (الحمام البلدي) أو (حمام التلات) نظرا لأنه كان يعمل يوم الثلاثاء فقط من كل أسبوع، وكان يُستخدم الخشب والحطب قديما لتسخين المياه في هذه الحمامات، وفي يوم نشب حريق بأحد حمامات النساء فسارعت الكثيرات ممن كُنَّ بالحمام إلى الهرب خارجًا وهن عاريات لينجون بأنفسهن من الحريق، ولكن بعضهن استحيين (اختشوا) من الخروج بهذا المنظر فظللن في أماكنهن بالحمام حتى اختنقن ومُتن داخل الحمام، وحين جاء صاحب الحمام سأل الواقفين يشاهدون الحادث عما إذا كان مات أحد في الحادث، فرد أحد المتفرجين قائلًا "اللى اختشوا ماتوا"، ومن هنا بدأ هذا المثل ينتشر عبر العصور..

ويبدو (من وجهة نظري) أن النساء اللواتي خرجن من الحمام عاريات إلى الشارع تزوجن وأنجبن بعض مُغنيات هذه الأيام، مما جعل الأخيرات لا يجدن حرجا في الخروج علينا عبر الفضائيات بدون ملابس تُذْكر، وكأنهن هاربات من الحريق، كما أن الفكرة تطورت عند بعضهن حتى وصلت إلى تصوير الفيديو كليب كاملا داخل الحمام، وهن يأخذن (شاور) بكل تفاصيله، والطريف في الأمر أن كلمات الأغاني ليس لها علاقة من قريب أو من بعيد بفكرة التصوير داخل الحمام، وربما تكون هذه الفكرة هي فكرة مُخرج أو مُنتج الكليب الذي لو اتبعنا شجرة عائلته لوجدناه ابن صاحب الحمام البلدي القديم.

أما بالنسبة للمشاهدين الذين يتابعون هذه القنوات وهذه الكليبات الساقطة بشغف واهتمام فيبدو أنهم أيضا أبناء المتفرجين القُدَامى الذين اصطفوا يتابعون الخارجات من الحمام البلدي المُحترق، والدليل على ذلك أن من يتابعون هذه الكليبات يستمرون في المشاهدة الدقيقة بكل اهتمام حتى نهاية الكليب ثم يقولون "اللى اختشوا ماتوا"...

وفي النهاية لو ذكرنا بعض أسماء مطربات الزمن الجميل مثل (أم كلثوم، أسمهان، نجاة الصغيرة، ....) والكثيرات غيرهن ممن عَرِفن قيمة فَنَّهُن واسْتَحْيَين أن يَخْدِشْن حياءنا بفعل أو كلمة لوجدناهن (عاشوا) بداخلنا حتى الآن وسيبقين أحياء بفنهن الراقي، لذا وجب علينا تعديل المثل لأقول لكم أن الفنانات الأصيلات المحترمات (اللي اختشوا عاشوا)..... دُمتم بخير وفن.