قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

ماذا بعد وعد ترامب

×

منذ الصراع الرهيب الذي حدث بين السيدة هيلاري كلينتون والسيد ترامب في الإنتخابات الرئاسية الأمريكية السابقة والتي أود أن وصفها بوصف دقيق كان (صراعًا مسرحيًا من طراز رفيع) قد غذي اتجاه بعينه للعرب أن هيلاري هي استكمالا لما فعله أوباما وأن ترامب هو الأقرب وهو الحليف، وبالطبع كان علي ترامب حينما يقرر التقرب أكثر من العرب أن يقترب من مصر بمودة حتى إذا استطاع كسب تأييد الشعب المصري استطاع توجيه الخليج وأمواله، ونحن هنا قد تناسينا الولايات المتحدة دولة تمشي بشكل ممنهج وليس عشوائيا أي انها تمشي وفق خطط زمنية محددة مرحلية مرتبطة بكل زمن وشخص حتي اقول انه يكون معروفا من سيحكم بعد 100 عام وتكون الخيارات موضحة بين عدة اسماء تفيد المرحلة، وما يحزنني أن أري بعد وعد ترامب الذي يشبه كثيرا بوعد بلفور خيبة أمل كبيرة عند العرب وكأننا كنا نتوقع من الإدارة الأمريكية أن تعيد أرض الشعب الفلسطيني التي انتزعها الصهاينة عنوة منذ عقود مديدة، وكأننا اكتشفنا حديثا بعد أن الإدارة الأمريكية مهما كانت تحت أي مسمي رئيس أو حزب يحكمها اللوبي الصهيوني داخل مفاصل الدولة اي أن الرئيس لا يستطيع أن يفعل شئ دون موافقة المؤسسات وأن المؤسسات هي من تدير وتسوس فعليا والرئيس مجرد واجهة جيدة للدولة، هذا بطبيعة الحال ما يحدث.

وهنا يأتي مكمن اللعب العميق، حينما يكسب ترامب ود العرب وتمويلاتهم تفعل المؤسسات ما يعاكس الآمال العربية فتكون حجته لدي الإدارة حتى تموله مرة أخرى، بل وتدعمه في الإنتخابات المقبلة وما بعد ترامب سيأتي آخر ويلعب بشكل اخر لكن الخطة تسير ولا تتوقف ولا يأتي شخص يعاكس إرادتها وان أتي يمحي من الوجود، ولنا في الرئيس كيندي عبرة!

ذلك الترامب الذي قد صوب ضربة قاضية للمنطقة العربية بصاعقة قوية ولكمات خاصة بعد إعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إلى العاصمة الفلسطينية العربية، ضاربا بكل الأعراف والقوانين الدولية عرض الحائط، وعرض العلاقات بين بلاده وعدد كبير من الدول العربية والإسلامية إلى مأزق، حتى ولو على المستوى الشعبي، بعد إتخاذه "وعد ترامب"، مما أحدث أزمة فى المنطقة العربية خاصة بعد المساعي العربية والأجنبية في الفترة الأخيرة لحل القضية الفلسطينية، ناهيك عن أزمات أخرى من بينها الأزمة السياسية في لبنان، والصراعات السياسية بين السعودية وإيران، فماذا بعد قرار ترامب بشأن القدس؟

فقد نجح دونالد ترامب في زيادة أعدائه خلال عام واحد من حكمه، حيث من الممكن أن نشهد مزيد من العمليات الإرهابية ضدها، وربما أعمال مخابراتية منظمة على الأراضي الأمريكية، تلك التي تورطت في عمليات إرهابية ضد أمريكيين، غير ان هذا القرار الأمريكي تراه إسرائيل دعما لمواصلة الإستيلاء على الأراضي الفلسطينية ومواصلة إستيطانها لأرض القدس والأراضي المحيطة بها، مما يكشف عن الموقف الأمريكي الحقيقي المنحاز دائما لإسرائيل كونها الذراع العسكري الرئيسي والأول للولايات المتحدة في المنطقة.

فلا يخفى علينا جميعا أن المنطقة العربية تمر بأخطر مراحل أزماتها وتغيراتها، وأن النسيج الذي كان قائما لم يعد موجودا، وتتزايد حالات الصراع، وثمة أمور غير واضحة المعالم والتفاصيل حتي الآن، ومن خلال بعض الاجتهادات والرؤي، اولهم نري أن الدول العربية لا تملك الكثير من القدرة على التأثير على واشنطن، واكتفوا فقط بإعلان راية الغضب من خلال بعض الكلمات ليس إلا، في حين ان قرار نقل السفارة الأمريكية الي القدس تكريس واضح للقانون الإسرائيلي و لتسهيل ممارسة السيادة الإسرائيلية على مدينة القدس المحتلة، وما سيترتب عليه هذا القرار قرار التقسيم الذي صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 29 نوفمبر 1947، والقاضي بقيام دولتين يهودية وفلسطينية ومنح القدس وضعا قانونيا خاصا تحت وصاية الأمم المتحدة، من تهويد المدينة المقدسة وتهجير سكانها وتوسيع حدة الاستيطان بشكل أكبر، غير ان قرار الإعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل يفتح الباب أمام دول العالم المساندة لإسرائيل باتخاذ قرارات مماثلة لما اتخذته الولايات المتحدة.
الأمر المخالف أيضا لقرار مجلس الأمن بتاريخ 25 سبتمبر 1971 والذي أكد علي ان كل الإجراءات التشريعية والدستورية التي تتخذها إسرائيل لتغيير معالم القدس، بما في ذلك مصادرة الأراضي ونقل السكان، وإصدار التشريعات التي تؤدي إلى ضم الجزء المحتل من المدينة إلى إسرائيل، باطلا، فيما يخالف القرار الأمريكي اتفاقية أوسلو بين الإحتلال ومنظمة التحرير الفلسطينية، والمعاهدات العربية الإسرائيلية المشتركة.

غير ان ... الدولة المصرية بمفردها لن يمكنها فعل شيء دون تحالف عربي يلتف حولها وإلا فلن يحدث أي جديد وسيبقى الوضع كما هو عليه، وإلى كل من يطالب مصر فقط بالتصدي للإرهاب الأمريكي علي الأقصى، وكفانا ماحدث سابقا من موقف عربي سلبي يرتمي أخطائه دوما علينا، فمصر في دائرة الصراعات الداخلية ومحاربة التنظيمات الإرهابية والحروب التي تخوضها على أكثر من جبهة لدعم وتثبيت ركائز أمنها القومي على مختلف الإتجاهات الإستراتيجية، من حرب على الإرهاب في شمال سيناء، والحدود الغربية الرخوة من الجانب الليبي، وتأمين الحدود الجنوبية مع الجانب السوداني، والمصالح التجارية في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، ومشكلة سد النهضة الأثيوبي.

إلا أن إخراج ملف القدس من أي عملية تفاوض مستقبلية، في ظل تأكيد ترامب أنه ماض في السعي نحو إحياء عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، عمليا، تصبح إدارة كافة المقدسات الإسلامية والمسيحية بالمدينة خاضعة لسلطات الإحتلال الإسرائيلي.

ولكن ما يهم الآن كيف نستغل الزخم الدولي الرافض للقرار الأمريكي مثال رفض روسيا والصين، وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وكندا واسبانيا وبريطانيا وغيرهم، حتي نستطيع الخروج بقرارات معاكسة ل"وعد ترامب" في صالح القضية الفلسطينية، الي جانب تحالف وتعاون عربي موحد واستنادا لقرارات مجلس الأمن التي جاءت برفض إعلان القدس عاصمة إسرائيل.

وأخيرا..ً يجب ان يقف رؤساء وملوك الدول جميعا بجانب القضية الفلسطينية والإهتمام أكثر من اللازم بالأراضي المقدسة املا في أن يحدث جديد، بدلا من حالة عدم الإهتمام الذي ساعد في تمسك ترامب بقراره، فلا تتعجب الولايات المتحدة وإدارتها بعد الآن عن أسباب كراهية العالم العربي، وان كنت اتوقع ردود أفعال محتملة خلال الفترة القادمة.