الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أنا رُكبي حديد


لِكُل شعَب عاداتُه الأصيلة ومكتسباتُه الدخيلة، وَنَحْنُ كمصريين لمْ تكُن (الانتخابات ) يومًا مِن بين موروثاتنا الثقافية والاجتماعية وعلى مدي أعوام طويلة استمرَت حتي الأمس القريب!

بدأت فِكرة (الانتخابات) مِن بَعْد ٢٥ يناير في أن تَفرِد حيزًا في اهتمام المواطِن العادي، الذي يهتَم بها مِن مُنطَلَق الوعي بأهميتها ودورها في تشكيل مستقبله ، وخرجَت مِن عَباءةِ المستفيدين المباشرين بها كالمرشحين وأصحاب المَصالِح المرتبطة بها، واُعتُبِرَ ذلك مِن أهم إنجازاتها إن لمْ يَكُن إنجازها الوحيد !

وكانت إلي ما قَبْلَ ذَلِك التاريخ مُقتصِرة في الأذهان علي انتخابات مجلس الشعب وانتخابات بعض النقابات المِهْنية التي تُبرِز صراعًا في خلفياتها كنقابةِ الأطباء والصحفيين والمحامين.

وَلَكِن حتي تِلْك (الانتخابات) التي كانت تتميز بالسخونة كانت نتائجها لمن يهمُّه الأمر مِن أُوْلِي الأمر، أو مِن باب العِلْم بالشيء للا شيء!

كانت ( الأمية الانتخابية) هي السِمة الغالبة علي كُل الأصعِدة حتي في مجالس إدارات النوادي ، فأحيانًا كانت تُجري الانتخابات ويعزِف الأعضاء عن المشاركة بالرغم من تواجدهِم في حَرَم النادي وإن كان - بالصدفة - ولا يُشكِّل ذَلِك أي اهتمام للغالبية العُظمي مِن الأعضاء ، فكان من الطبيعي أن نجد مجالس إدارات بعض النوادي لم تتغير على مدي يتجاوز العشرين عامًا!

ورُبما لمْ يعرِّف المصريون غيرَ صالح سليم رئيس مجلس إدارة النادي الأهلي من بينَ رؤساء مجالِس إدارات النوادي المُخْتَلِفةِ ، انطلاقًا من شعبية النادي الأهلي الساحقة ومِن جماهيرية صالح سليم الساحرة.

لمْ تَكُن تِلْك النوعية مِن الانتخابات محل اهتمام المواطِن العادي الذي لا تتعدي عَلاقته بِهَا إلا في صفحات المُلحق الرياضي معَ الجريدة اليومية ، وَلَمْ تشغِل بالُه أحداثها إلا الجَلل مِنها ، كَيَوْمِ إعلان ( مرتضي منصور) عن نيته التَرشُح لرئاسةِ نادي الزمالك !

وَلَكِن انتخابات مجالِس إدارات النوادي الأخيرة سَطَرَتْ عَلامة فارِقة في تاريخ انتخابات النوادي ، فكانت بمثابة نقطة وَمِن أول السَطر.

سَطْر شَهِد ممارسة انتخابية مُتكاملة بكُل ما لها وما عَلَيْهَا ! سَطْر كان فاصِلًا في أداء مجالِس الإدارات حيثُ لا بقاء إلا للأقدَر علي تحقيق أمال الناس والأصلَح لتحقيق أحلامهم.

تجربة انتخابات النوادي تجربة ثرية بالتفاصيل وغنية بالدروس المستفادة لمِن يسعي للاستفادة !

كان لافتًا للنظر كثافة الحملات الدعائية وخروجها من إطار بوابات النوادي للشوارع التي امتلأت باللافتات والإعلانات للقوائم المُخْتَلِفةِ ، وشهدَت كُل النوادي تِلْك المظاهِر دون استثناء ما ميزَ بعضها علي بعض القُدرة علي الإنفاق ، والتي تجاوز حجم الإنفاق في مُجمَلُه مليار جنيه ، فوصَلَ بعضها لشاشات القنوات المُتعددة ، حتي أنه في ليلة ما قبل الانتخاب كان محمود الخطيب ضيفًا في كل برامج (التوك شو) المسائية !
 
وَذَلِك أمر يستدعِي أن نسأل لماذا ولمَن كانت تُقدَم الحملات الانتخابية خارج أسوار النادي؟

فمجتمعات النوادي هي مُجتمعات صغيرة بطبيعتها حيثُ لا يتعدي عَدد أعضاء أَكْثَر النوادي كثافة 150 ألف عضو عَامِل ، منهُم دائمًا عدَدْ لا يُستهان بِه من الأعضاء غير الفاعلين بالمرة ، بِحُكْم ظروف السفر أو الصِّحة لكِبار الأعضاء سنًا ، أو للانشغال الحقيقي لأفراد الأسرة بَعدْ أن شَب الأبناء عَن طوق الأباء ، حتي أن بعضهم يحتفِظ بعضوية النادي كنوع مِن الوجاهة الاجتماعية أو كإرث مِن رائحة الحبايب!

حَجم الإنفاق الذي وصَل لحدود البذخ خاصةً في انتخابات النادي الأهلي كان مثيرًا لتساؤلات عديدة، أما كان مِن الأولي طالما عُقِدَت النية و جُمِعَت الأموال، أن تُنفق على إنشاء ملاعب في القري النائية يتولي الأشراف عليها النادي الأهلي فيما بعد وتكون رسالة حقيقية يقدمها النادي ودورا مُجتمعيا عليه القيام بِه ، عَوضًا عَن ذَلِك الإسراف في الأموال وفِي الدعاية غير المُبررة!

فتلك الانتخابات أقرَّت نموذجًا سيحتذي به بعد ذَلِك، فسنجد بغَض النَّظر عن الدوافِع لسَكبْ المال الانتخابي ، الحملات القادمة ستبدأ مِن حيثُ انتهت الحالية وسَنجِد إنفاقًا أضخم قد يُعوِّق شخصيات جادة ولها كفاءة عن خوض الانتخابات لعدم القُدرة علي التمويل!

وكانت المفاجأة الحقيقية والدرس الذي يجب أن نتعلم منه هي نِسَب المشاركة، التي لم تتعدَ رُبع عدد الأعضاء في النهاية، حتي وإن كانت الأعلي في تاريخ النادي فهي غير مقبولة ، بَعد ما مَرَ به المجتمَع الكبير ككُل.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط