الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عفوًا أيها الكافرون‎


يأتي المُولِد النبوي الشّريف مُحَمَلًا بالذكري العَطِرة لأفضل الخَلق ، وبعُلبة الحَلوي الشهِية المُحَببة ، وكعادة أصيلة بدأها التلفزيون المصري مُنذ سنوات طويلة تحرِص القنوات التلفزيونية التي يُوجَد بها مِساحة لعرض الأعمال السينمائية أن تَعرِض الأفلام الخاصة بتلك الحِقبة.

وبالرغم من قِلَّتِها فذَلِك لا يتنافي معَ عَظَمتها ، فكل عَمَل هو رِسالة تحمِل قيمة نبيلة يعرِّف قيمتها كل من تابَع تِلْك الأعمال، ويقَدِس مضمونها كُل مَن تَرقُد في ذاكرتِه تفاصيل عَرضْها! 

ففي يَوْم كانَ لا يماثلُه أي يَوْم نذهَب إلي المدرسة والنشاط يدِب في تلافيف أدمغتنا الصغيرة والأفكار تَسْبَح في برَاح وَاسِع بينَ دروس العربي والعُلوم وغيرها مِن المواد المُخْتَلِفةِ ، وكيفَ لا نُخَطط ونُدبِر لقضاء أمسية سعيدة بعد العودة من المدرسة، فاليَوْم التالي عُطلَة رسمية بمناسبة المَولِد النبوي الشريف ، وَمَا أحلي الأجازة !

وبالرَغم أنَّ خُطط البيوت المصرية علي أختلاف عاداتِها و مستوياتها كانت مُتشابهة دَرَجَة اللافَرْق ، إلا أنّ للتخطيط - و إن كان لنفس المُخطط - سعادة لا تُوْصَف .

نعُود مِن مدارِسنا مهرولين لتطمئن قلوبنا أن عُلبَة الحلاوة تَضُم كُل الأنواع المُفضلة لنا فربُما كانت تِلْك هي النُقطَة الخلافية الأكبر في طُرِق أحتفاءنا باليَوْم! 

نأخذ حلوانا ونتجمَع حولَ الاحتفالية المُنظمة لهذا الحدث الجَلل فتبهرنا ياسمين الخيام بأغنية ( أم النبي) وتُلقي في وجداننا بقوة صورة ذهنية لعظمة (خير الأنام )، التي ظللنا نشدوها طويلًا ونتباري في ترديد "يا بركة الله الأحد" بقوة في أوقات اللعب في الفُسحة المدرسية والعائلية. 

وكان خير ختام لتِلكْ الليلة الكريمة عَرْض أحد الأفلام التاريخية الدينية، وإن لم يتجاوز عددَهُم أصابِع اليد الواحدة وخاصةً إذا أستبعَدنا فيلم (الرسالة ) لأنه كان ممنوعًا من العَرض في ذَلِك الوقت، وَلَكِن كانت كُل مرة كأول مرة! ونحُن نشاهِد تِلْك الأفلام التي شكّلَتْ داخلنا في طفولتنا الكثير من التكوين الفِطري لحُب رسول الله ، وبُغض أعداءه. 
حتي أن كثيرًا مِن أبناء ذَلِك الجيل تحديدًا ثمانينيات والنصف الأول من تسعينيات القرن الماضي لا زالوا يحملوا الضغائن لنجوم تِلْك الأفلام الذين قاموا بتجسيد أدوار الْكُفَّار ، مثل حسن البارودي و أحمد أباظة وعلي رشدي ، كان ذَلِك الأحتفال المحفوف بالأحتفاء في عَصْر ما قَبْلَ الأسلام!

الإسلام علي الطريقة (الأفغانية الوهابية) (والأمريكية الإسرائيلية ) علي يد أبطال الدَّم والدمار مِن ( بن لادن) ووصولًا لـ ( البغدادي ) !! 

عَهْد ما قَبْلَ تحريم الغناء والتمثيل والحلوي ، و إباحة الفتوي بالفوضي ، عَهْد حرصنا فيه علي حِفظ الوَعْد بأن الدين لله والوطَن للجميع، فأصبَح الوضَع بأن الدين أصبح دينهم والوطن لايَسَع إلا دُنياهِم ، عَصْر عَرِفَت فيه الدنيا الإسلام بلا إسلاموفوبيا ! 

في يَوْم الجمعة الماضية و إحياءً لذكري رسولنا الحبيب الصادق الآمين ، قام أعداء الإنسانية بمجزرة بشرية ، و جائت تغطية مُعظَم الصُحف ومواقع التواصِل و مذيعي النشرات والبرامِج للمجزرة التي وقعت في مَسْجِد الروّضة تحتوي علي وصَف الأرهابيين بأنهم ( كُفَّار )، لَكِن هذا الوصف جعلني أشعر بِظُلْم وقَّع علي الكافرين! 

الكفّار كانوا أعداءً للرسالة الشريفة والرسول الكريم لأسباب واضحة ومُحددة ومفهومة يُمكن أن تخضَع بطواعية تحت منطِق الخلاف الذي يُشعِل الصراع. 

فلم يقُم أحد الْكُفَّار بألقاء بيان يتباهي بقتل الأبرياء بادءًا إياه بالصلاة علي الحبيب المصطفي ثم بَعد الأستشهاد بأحد آيات الكتاب الحكيم! فلمْ يرتدي أبو لهب رداء الدين ليُطلِق يدُه عبثًا وفسادًا في الأرض ، وَلَمْ يُصَلِّي أبو جهل ركعتين شُكر لله علي الدماء التي أهدرها!

فإن دنسوا مكانًا للصلاة وإذ قتلوا المصلين فلأن ذَلِك إهانة للأحجار التي يقدسونها ، لَكِن أولٰئِك القتلة الفجرة الذين قاموا بالأعتداء علي حُرمة الجامِع ودنسوه بنعالِهم وبقسوتهِم ما هو منطِقهُم ! ربما لو نطق الحجر لنَطَقَ حُثالة الْبَشَر ! 

عِندما أُطالِع مشاهِد الإرهاب الذي يضرب العالَم وآثار الدمار وعلامات الخراب والفوضي " الخلّاقة" الذي يُخلفها ، ويعقُبها بيان بصوت وصورة لأحد جهابذة الأرهاب من الدواعش أو حسم وربما تشاركهم بيت المقدس وتدعمهم حركة لواء الإسلام أشعُر بمدي سذاجة أعداء الإسلام في صَدْرِ الإسلام ، و أتذكر مدي هلعِي عندما كُنت طِفْلَة مِن بشاعة الْكُفَّار وكيف رَسَم لي خيالِي أن لمْ ولنْ تعرِف البشرية أسوأ مِن أفعالِهم ولا أقسي مِن قلوبْهِم ، وكنتْ أحمِد الله كثيرًا علي حُسن حَظِي الذي نجاني مِن أن أولَدْ وأحياتَحْت رَايَات أفكارهِم وأموت علي يد أحدالموتورين مِن أتباعِهم نُصرَةً للات والعُزة!

لَكِن الحياة غيرُ مأمونة وسُنتها ألا يستمِر حالْ علي حالُه ، ذَهَب الكافرون وَذَهَب عَصْر الإختلاف الوسطي الجميل!  وظَهَر الأرهابيون وبدأ عَصْر الأختلاف الجِذْرِي العنيف! لذا وجبالتنويه أن " عفواً أيها الكافرون " لَقَد كنّا مُخطئون عِندما شَبهّنا بِكُم الأرهابيون. 
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط