الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نجاح محمود الخطيب ضرورة حتمية!


ليس كل ما قاله المفكر الدكتور يوسف زيدان في تناوله للرموز خطأ، فالرجل - لا شك - يستند إلى أسباب تليق بمفكر وباحث، ومع ذلك لا يمكن أن اتفق مع الرجل في تناوله، وذلك لا لشيء سوى لكون ما يقول به يضرب القيمة الرمزية لهؤلاء الذين ينظر إليهم المجتمع بالكثير من التقدير والعظيم من المكانة، حيث أن هؤلاء يمثلون القدوة في أجلى معانيها، والرمز في أعلى صوره.

وايضا لم يرق تبرير الشيخ محمد متولي الشعراوي للدرجة التي يمكن أن يقنعني، حينما أعلن أنه قد صلى ركعتين شكرا لله على هزيمتنا في نكسة يونيه، مبررا ذلك بأننا كنا في أحضان الشيوعية الكافرة، وخشى علينا الفتنة!، حال تحقق لنا النصر في هذه المعركة، وهو تبرير لا يصمد كثيرا - ولا قليلا - حال توقفنا عنده بقليل من التمعن، ومع ذلك كنت في أقصى الشاطئ الآخر من فريدة الشوباشي التي تناولت الشيخ الإمام بما لا يليق، وذلك كون الإمام رمزا وقدوة، أعطى الإسلام، والفكر الإسلامي، واللغة العربية، ومصر الوطن الكثير والكثير، وضرب مثلا فريدا في الدفاع عن صحيح الدين: نتفق معه في جله، وتبوأ - عن جدارة - المرتبة الأعلى بين كل من يتخذ الدعوة مجالا له، أو علوم اللغة حقل عمل، أو الفكر الإسلامي ميدانا لعقله.

لقد أضيف الشيخ الشعراوي إلى غصون تلك الشجرة السامقة المورفة التي تظلل بعطائها وإبداعها وعبقريتها مناحي الحياة المصرية والعربية والإسلامية والعالمية، حيث شاركت النوابغ المصرية في كافة مجالات الحياة، وأصبحوا يمثلون رموزا وقدوة يعتز بها أبناء الشعب المصري اعتزازا كبيرا.

لم يحظ هؤلاء الرموز بالمكانة التي يحتلونها هكذا دون عناء أو تقديم مسوغات قبلها أبناء شعبنا المصري، بل أضافوا لها من خيالاتهم المحبِّة والعاشقة لهؤلاء النجوم.

لقد قدمت مصر عديد النماذج في كافة المجالات التي من بينها المجال الرياضي، ذلك الذي تربع على عرش النجوم فيه، وأصبح الرمز الأول دون منازع محمود الخطيب، والذي حاز حبا هائلا في قلوب أبناء الشعب المصري، لم تكن موهبته الرياضية - على روعتها - هي فقط السبب، بل لقد سلك الرجل سلوكا تميز بالعقل، وعاش حياة النجومية مرصعها بأروع الأخلاق، فمثَّل الخلق الرياضي أروع تمثيل لدرجة أصبح فيها اسم النجم مرتبطا بالخلق الرياضي الرفيع.

مَلَكَ محمود الخطيب القلوب بمهارته، واستحق احترام العقول بخلقه، واحتفظ في النفوس بالمثل لسلوكه، وأصبح في مكانة ينشد الوصول إليها كل رياضي، ويسعى إلى الاقتراب منها كل ناشئ، وهذه هي القيمة الحقيقة للخطيب الظاهرة.

لم تكن الفترة التاريخية للنجم الكبير مستقرة استقرارا تاما، فيضمن من خلالها رضا جميع الأطراف، بل عصفت بمصر والمنطقة العواصف، في فترات ليست بالقليلة في حياة النجم الكبير، هذه العواصف التي قلبت مواقف البعض من النقيض إلى النقيض، تلك العواصف التي نقل فيها الأغلبية الساحقة البندقية من الكتف اليمين إلى الشمال ثم العودة ثانية بين الكتفين، فكشفت عَظْم العَظْمِ لنجوم فقدوا كل تقدير في نفوس محبيهم، وعَرَّت سوءات بعض كنا نظن أنهم من القمم، فإذا هم في الدرك الأسفل، إلا محمود الخطيب، فقد حافظ على تلك الصورة الذهنية التي رسمتها الجماهير العاشقة له، وحافظ على القِيَمَ التي كانت السبب الرئيسي لاعتلاء عرش النجومية المطلقة.

إن محمود الخطيب يمثل حالة خاصة ندافع عنها جميعا - نحن أبناء الطبقة الوسطى للشعب المصري التي سُحِقَتْ سحقا - فهو يعطي الأمل في الصعود لمن يمتلك الموهبة ويتخذ من الأسباب سُلّما لهذا الصعود، ولذلك نرى طبيعيا أن تقف جماهير الكرة المصرية جميعها مع الخطيب داعمة له في معركة الانتخابات على رئاسة النادي الأهلي أكبر الأندية المصرية والعربية والأفريقية.

ليس هناك مشكلة بين جماهير الكرة المصرية والمهندس محمود طاهر، ولكن المعركة الانتخابية في انتخابات النادي الأهلي أكدت للمرة الواحدة بعد الألف أن الانحياز للكابتن محمود الخطيب ضرورة يفرضها الواقع ويحتمها السياق العام لما هو قائم في مصر في هذه الحقبة التاريخية، فأبناء الشعب المصري في حاجة إلى إثبات أن القِيَم يمكن أن تنتصر وأن المبادئ يمكن أن تعلو محلقة.

إن الحملة الانتخابية لكل من المهندس محمود طاهر والكابتن محمود الخطيب أثبتت أن تصرفات الأخير تصدر عن طَبْعٍ لا عن تَطَبُّع، فلم ينجر إلى أية مهاترات، في ذات الوقت الذي أثبت قوة شكيمة، فلم يتنازل عن مبدأ، ولم يتهاون في قيمة، ولم يتهادن مع خصم، ظل ثابتا يعلي القيم، ويحيي المبادئ.

مما حاول خصوم محمود الخطيب تسويقه وترويجه، حصر ملكات الرجل في موهبته الكروية، ولكنهم فشلوا في ذلك فشلا ذريعا، ففي الوقت الذي طالت الاتهامات الجميع ظل محمود الخطيب نقي الثوب الناصع البياض، فلم يتجرأ أحد على اتهامه، وأثبت الرجل براعة في الإدارة، وخير شاهد على ذلك إدارة الحملة الانتخابية التي صبغها بقيم ومبادئ النادي الأهلي، وجاء الحادث الإرهابي البشع في مسجد الروضة ليؤكد الحس الوطني والإنساني عند الخطيب ففاق - بما فعل عندما ألغى ندوة له - المنافسين الذين حوَّلوا المنافسة إلى خصومة مستخدمين فيها كافة الوسائل، بما في ذلك محاولة تجريد الرجل من مكانة اكتسبها بفضل موهبته وخلقه، فانقلبت عليهم تلك المحاولة، وازداد تربع الخطيب على عرش الخلق الرفيع.

إن جماهير الكرة المصرية وخاصة الجماهير الأهلاوية تنتظر يوم الجمعة القادم لترى التحام أعضاء الجمعية العمومية للنادي الأهلي مع الجماهير في مشهد يؤكد أنهم لا ينظرون لمصلحة ضيقة، ولا يعلون فقط مصلحة ضيقة يظنونها للنادي الأهلي وجماهيره، بل يلقنون كل من يتطاول على رمز الأهلي ومصر الكبير محمود الخطيب درسا قاسيا، ويؤكدون أن المال لا يمكن أن يكون هو الفصل في كل شيء.

 حيث أن مشهد الانتخابات في النادي الأهلي يبدو وكأنه بين: سطوة المال والمبادئ والقيم التي يمثلها محمود الخطيب، ذلك الذي يجعل نجاح محمود الخطيب ضرورة حتمية! يتم الإعلان من خلالها أن الرموز المصرية ستظل في قلب وعقل أبناء شعب مصر، يقدرونها ويذودون عنها ويضعونها في ما يليق من مكان ومكانة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط

-