قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

عن الإرهاب الأسود الذي وحد الجميع

×

(مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) 《سورة المائدة》.

وقال محمد عليه الصلاة والسلام: "أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء"، وقال نبي الله: "لا يزال المؤمن في فسحة من دينه مالم يصب دمًا حرامًا"، أي أنهم ليسوا بمؤمنين!!!

الله غالب على أمره، ولله الأمر من قبل ومن بعد، نكاد نتقيأ ما في جوفنا من فرط خسة العناصر الإرهابية ونذالتها وسوادها باستهداف ضيوف الرحمن، ولكن بأشد العبارات وأقوى الكلمات أنعي أنفسنا وأسر الشهداء، وأقولها واضحة إن الإرهاب استطاع هذه المرة أن يوحد الجميع ضده، الإرهاب الذي لم يفرق بين مسلم ومسيحى، شرطيا، أو جنديا، أو مدنيا كان، والحادث الإرهابي الأول في تاريخ الإرهاب الأسود في مصر، وقتل مصليون أثناء تأدية صلاة الجمعة بأحد بيوت الله.

فما يفعله هؤلاء القتلة المتطرفون من المنظمات الإرهابية العالمية، وإن كانت بعيدة كل البعد عن كونها جماعات إسلامية، وخير دليل قتل المصلين في مسجد الروضة ببئر العبد بسيناء أثناء تأدية صلاة الجمعة، خير دليل على أن هؤلاء لا يتبعون أي دين سماوي، والإسلام وجميع الأديان بريء منهم كل البراء.

وإن كانوا يدعون أن أفعالهم تمت بصلة للإسلام بشيء، فقد جاء في القرآن الكريم وأحاديث النبي الشريف ما هو ينهي عن القتل بشكل واضح، فالإسلام دين الحياة ودين السلام، وقتل النفس يعد من أكبر الكبائر ويأتي بعد الشرك بالله سبحانه وتعالى، فالله عز وجل هو وحده واهب الحياة وليس لأحد غيره أن يزهقها، والشريعة الإسلامية شديدة الحرص على توجيه سلوك الإنسان وأخلاقه، وحماية حياته من أي اعتداء، وتكفل عزته وكرامته.

جعل الإسلام للنفس الإنسانية مكانة محترمة، فمدح في كتابه الكريم إحياء النفس وذم قتلها، وقال الله عز وجل: {ولا تقتلوا النَّفسَ الَّتي حرَّمَ الله إلاَّ بالحقِّ ومن قُتِلَ مظلومًا فقد جعلنا لوليِّه سُلطانًا فلا يُسْرِفْ في القتلِ إنَّه كان منصورًا}.

وقتل الناس وتعذيبهم والتنكيل بالجثث والترهيب أيضًا، جريمة كبرى لا يرضاها الله تعالى، ولا يرضاها الأنبياء ولا سمح بها بجميع الكتب السماوية التي أنزلها الله على رسله (سلام الله عليهم أجمعين).

فقد تلقيت العديد من المكالمات الهاتفية، والرسائل عبر وسائل التواصل الاجتماعي من شركاء هذا الوطن الأخوة المسيحيون ينعون الحادث الإرهابي الغاشم الذي تعرض له إخوانهم المسلمين في سيناء، كما تلقيت رسائل من أحبتي وأصدقائي فى بعض الدول العربية للطمأنينة عما يحدث ببلادنا المحروسة والتي ستظل محروسة بإذن الله علي مر الدهر، اللحظة التي توقفت عنها ذروة من الوقت وتوقفت عنها أحزاني متيقنة من أن الإرهاب الذي قتل المئات منا بالبارحة، استطاع في غفلة عنه أن يوحد صفوفنا جميعا، مسلمين ومسيحيين وإخوة وعرب في الكثير من البلدان، ليس فقط عملا على الوحدة الوطنية، بل جمع شتاتنا جميعا علي وحدة قومية، أجتاز الألم والحزن بقلوبنا وجمعنا فى آن واحد وطن لا يفرق بين أطيافه وأجناسه، وعرقه، أو دينه، وليثبت أن الإرهاب الذي اعتاد الانتقام وليس بكلمة القصاص من إخواننا المسيحين وأبنائنا في الجيش والشرطة، لأول مرة في تاريخه لا يفرق بين مسلم ومسيحى، بين مدني وشرطي، بل طال مسلمين في أحد بيوت الله.

لذا أطلب من جميع الناس ومن الجميع بوطني العربي الأم وبلادي مصر، بكل أطيافها التوحد من أجل مواجهة الإرهاب الأسود، ومن يخرب ويقتل ويستبيح دماءنا في كل مكان، في مواجهة المنظمات العالمية التي لا تعرف ملة ولا دين، التي لم تفرق بين الأطفال والشيوخ، واختلطت دماء العجائز بكراسيهم!!

وكما جاء في في الكتاب العزيز: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبَرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [سورة المائدة ـ الآية 2].

فالإرهاب الذي نعاني منه هدفه المنطقة العربية أجمع منذ أكثر من ثلاثة عقود إرهاب مؤدلج، ويملك مشروعا سياسيا يقوم على أيديولوجية مناهضة للدولة، إجرام منظم يريد البقاء في الظل داخل جميع الدول، وعلى رأسهم مصر، لكن خارج أطرها القانونية، ولنعلم جيدا أن الإرهاب مشروع يريد أن ينسف الدولة وتاريخها ومنظومتها القانونية، ويطمح إلى استبدالها بدولة مختلفة لها تاريخ مختلف وقانون مختلف، وعلينا أن نتحد من أجل تلك اللحظة ونستفيق لما يدار من حولنا ويدبر، وهذه لحظة يجب أن يكون كل شخص فيها وكل مؤسسة على قدر التحدى، فالأمر جلل لا يحتمل الرخاوة التى نتصرف بها جميعنا، وعلى حكومتنا الموقرة أن تعمل من أجل التصدي لهذا الإرهاب الغاشم والقضاء على بؤر الإرهاب وأولها سيناء التي كدنا نعلم جميعا أن يوم الجمعة لا يمر علينا من غير أن تكون هناك فاجعة جديدة متمثلة في دماء أحد أبناء الوطن الغالي، وعلينا تقريب المسافات بين الساخطين والمؤيدين، فطاقة الإرهابيين تكاد تخيب سهامها، خاصة هذه المرة.