افهم يا غبى "2 - 1"

وسائل الاتصال الاجتماعى والسوشيال ميديا، أضحت الآن بالأهمية الفاعلة المؤثرة بمكان، ولا يمكن بحال من الأحوال إنكار وإغفال دورها الحيوى في شتى المجالات، وخلال الأيام الأخيرة الماضية، فوجئت بسيل من الرسائل المرسلة لى على الفيس والواتس آب، يحمل مضمونا واحدا، وهو مقطع فيديو قصير مدته دقيقة و53 ثانية، للعالم الكبير الدكتور وسيم السيسى، وكان مستضافا به في برنامج "صباح الخير يا مصر" المعروض على الفضائية المصرية، وببحثى عن هذا المقطع باليوتيوب وجدت انه يرجع لما قبل يناير من العام 2015، ولكنه يحمل رسالة قوية ومهمة جدا من عالمنا الكبير الدكتور وسيم الى الدولة المصرية، ولكل ولى أمر بها تجاه أبنائنا ونشئنا في كل وقت وأى مكان.
والدكتور وسيم السيسى لمن لا يعرفه، أستاذ جراحات الكلى والمسالك البولية، زميل كليتى الجراحين الملكية بإنجلترا وأمريكا، ومفكر، وكاتب، وباحث وعالم في علم المصريات، واختير في موسوعة "who is who" لإنجازاته العلمية والفكرية لوطنه مصر، له من المؤلفات كتاب (الطب في مصر القديمة) في مكتبة الكونغرس الأمريكي، و"نظرة طبية فاحصة في الحب والجنس"، و"مصر التي لا تعرفونها"، و"مصر علمت العالم"، و"هذه هى مصر".
والدكتور السيسى أقدر مكانته العلمية والفكرية، وأثمن غيرته وحبه وعشقه لبلاده، وله من الآراء التي تبرهن على ذلك، موثقة بوسائل الإعلام المختلفة، إلا أننى اختلف معه كليا، جملة وتفصيلا في رأيه المذاع ببرنامج "مساء القاهرة " في الـ22 من سبتمبر العام الماضى على إحدى القنوات الفضائية بأن "صلاح الدين كان ظالم وبهدل مصر، وواليه في مصر "قراقوش" حكم المصريين بشدة ظلمه وطغيانه، وابتدع المصريون شخصية الأراجوز سخرية منه، وأنه خرب في البلاد "، ولست بصدد الحديث عن ذلك الآن، لعظم مكانة وإنجازات صلاح الدين وواليه قراقوش، التاريخية والعسكرية والقيادية، والتي وثقها كبار وأمناء علمائنا.
ما يعنينى الآن قول مفكرنا الكبير الدكتور وسيم السيسى في مقطع الفيديو المنتشر له الآن: "الحرب النفسية يرد عليها بالحقائق، ابن جوريون وهو أول رئيس وزراء لإسرائيل قال: قوتنا ليست في سلاحنا النووي، ولكن قوتنا في تفتيت ثلاث دول كبيرة "حوالينا"، هي العراق وسوريا ومصر، الى دويلات متناحرة على أسس دينية وطائفية، ونجاحنا في هذا الأمر لا يعتمد على ذكائنا بقدر ما يعتمد على جهل وغباء الطرف الآخر -نحن- ".
ثم مناداته ودعوته بقص وحكى وكتابة وتعليم كل نشئنا في جميع المدارس والمقررات الدراسية وبالليل والنهار ودوما، تلك المقولة لابن جوريون لأجيالنا الناشئة التي لا تفهم شيئا من تاريخ بلادهم ولا تعرف شيئا عن أعدائه في كل مكان ، وتعليمهم أيضا كيف أن أمريكا -بجلالة قدرها ومكانتها- لعبة في يد الصهيونية العالمية، عندما خرج هربرت سبنسر عضو الكونجرس المسيحى قائلا: ان اليهود في بلادنا يسيطرون على كل ما يسيطر على المعدة والعقل والغرائز، ولم يعد باقيا لدينا في هذا البلد إلا أن نغير اسم نيويورك الى جويو يورك، معلقا بأن نيويورك عدد سكانها 8 ملايين نسمة ، 5 ملايوي منهم فقط يهود، وأن بنيامين فرانكلين من 80 عاما قال: خراب أمريكا سوف يكون على يد اليهود عندما وجد اليهود يلحقون أبناءهم بالوظائف الحساسة بها.
ثم يدعو أن تعرف الدولة نشئنا- بقوله حرفيا- كيف أن أمريكا لعبة في يد اليهود والصهيونية العالمية التي تعمل لحساب إسرائيل لتكون كما يريدون من النيل الى الفرات، ولكى تكون عبد ذليل لإسرائيل بعد ذلك، وتكون جالية مصرية في بلدك مصر لإسرائيل، مختتما حديثه بمقولته: "افهم يا غبى".
والحق أننى أتفق معه تمام الاتفاق فيما ذكره ودعا إليه، فالحرب تطورت ولم يعد مجديا حرب البندقية والمدفع والصاروخ والسلاح النووي، بل أضحى جيلا جديدا الآن من الحروب يطلق عليه الجيل الرابع والخامس، تدس خلالها تقطيع وتمزيق وهتك هويتنا الإسلامية والمسيحية، المصرية والعربية، ولا أدل على صدق حديثى من تفاهة وسطحية عقول وسلوك الكثير من شبابنا وفتياتنا، خُلقا وخَلقا، إلا من رحم ربى.
حديث مفكرنا الكبير الدكتور السيسى ذكرنى برسالة دكتوراة للباحث الدكتور ربيع عبدالوهاب مدرس التربية بجامعة بنها، والتي حملت عنوان"(التعليم الدينى في إسرائيل ودوره فى تشكيل الهوية)، والتي تم منحه بها دكتوراة الفلسفة فى التربية مع التوصية بطباعة الرسالة وتداولها بين الجامعات المصرية والعربية، وأشارت لجنة الحكم والمناقشة إلى تميز الرسالة بشرف السبق فى بحث موضوع التعليم الدينى فى إسرائيل، وتحليل المناهج التعليمية فى هذا النظام التعليمى، ثم كان لى شرف محاورة الباحث القدير الدكتور ربيع عبدالوهاب في ذلك الموضوع عظيم الأهمية للإسرائيليين، المهمل والمغفل عنه لدينا.
ففي الوقت الذى يعلى فيه اليهود شأن ومكانة التعليم الدينى لديهم، الذى هو معول بناء وتشكيل ثقافة وفكر الطلاب في إسرائيل وهويتهم ومعتقداتهم، وكيف أن سياسته العامة، التخطيط لإنتاج "اليهودي الجديد"، بقيم وأفكار واحدة رغم التنوع الثقافي للمواطنين،-كما يذكر دكتور ربيع-، وكيف نجحت الصهيونية في توظيف التعليم الديني لصالح أهدافها ومشاريعها التوسعية والتسلّطية، وأنه رغم كثرة النداءات لإعادة تجديد الخطاب الإسلامي بمجتمعاتنا العربية، لم نجد من ينادي بالنظر في مناهج العدو الصهيوني، بل وجدنا من يخرج علينا بقانون لإلغاء وتشويه التعليم الدينى لدينا، إضافة لجهلنا وأميتنا بفكر وعقلية من يناصبنا العداء ويتربص بنا الدوائر، في كل زمان ومكان، وهو عدونا الأول الكيان الصهيوني.
وأتساءل مختتما، ألست متفقا -قارئى الحبيب- مع مقولة مفكرنا الكبير الدكتور وسيم السيسى حين صاح مستنكرا حزينا على حالنا مقارنة بحال عدونا في نهاية مقطع الفيديو المتداول بقوله :" افهم يا غبى".. وللحديث بقية بحول الله وقوته ومشيئته.