الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الرئيس السيسي في ولايته الثالثة


منذ أن عدّل الرئيس الراحل محمد أنور السادات دستور 1971 الذي هو أول دستور في مصر بعد ثورة 1952 والذي تم إقراره بعد استفتاء شعبي في 11 سبتمبر 1971 وسمي ب"دستور مصر الدائم"، ليتم السماح بتمديد فترة الرئاسة، منذ ذلك الوقت، ظلت هذه النقطة مثار حوار ونقاش دائم، حيث يبارك المؤيدون للنظام تلك المادة، ويسخط عليها كل السخط المعارضون، والذين نجحوا، بضغطهم المستمر، في أن يعدّلوا تلك المادة الخاصة بالترشح للرئاسة في تعديلات 25 مايو 2005 وذلك على خلفية تصاعد حدة الأصوات المطالبة بالإصلاحات الديمقراطية مع بداية عام 2005، وتراوحت مطالبها ما بين إدخال تعديلات على البنية الدستورية والتشريعية للحياة السياسية في مصر، ومعارضة التجديد للرئيس السابق حسنى مبارك لفترة رئاسية خامسة، ومواجهة احتمالات توريث السلطة لابنه جمال، أمين السياسات والأمين العام المساعد بالحزب الوطني الديمقراطي الذي كان مسيطرًا على الحكم.

وجاءت ثورة الثلاثين من يونيه المجيدة ليتم تكوين لجنة الخمسين وهي لجنة تشكلت في عصر يوم الأحد الأول من سبتمبر 2013، بواسطة الرئيس عدلي منصور بالقرار رقم 570 لسنة 2013. وكان الغرض منها دراسة مشروع التعديلات الدستورية الواردة إليها من لجنة العشرة، وطرحه للحوار المجتمعي، وتلقي مقترحات من المصريين حوله، من أجل إعداد مسودة للدستور المصري المعدل.

عقدت اللجنة اجتماعاتها داخل مجلس الشورى، وبدأت أولى الاجتماعات في 8 سبتمبر 2013، ووضعت مسودة الدستور بعد 60 يومًا من هذا التاريخ، ثم عرضت مسودة التعديلات الدستورية على الشعب المصري من خلال الاستفتاء العام في 14 و15 يناير 2014.

وحددت المادة 133 من الدستور الحالي الفترة الرئاسية بأربع سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة الرئاسة المنقضية؛ ولا يجوز إعادة انتخاب رئيس إلا لمرة واحدة. كما لا يجوز لرئيس الجمهورية أن يشغل أي منصب حزبي طوال مدة الرئاسة.

ولقد صيغت هذه المادة تحت ضغط تلك النظرة التاريخية التي عرضناها سابقا، وتلك الحالة الشعبية التي لم تكن تقبل – في ذلك الحين، نتيجة لتجارب سابقة – أي نص آخر، فلقد كانت، ومازالت، تجربة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك شاخصة للأعين، ذلك الذي جعل نص هذه المادة أقرب لحتمية تاريخية.

وجاء الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيسا لمصر في ظل هذه المادة، التي تحرمه من الترشح سوى مرة واحدة، وهو ما يرى الكثير من أنصاره، وهم الأغلبية الساحقة في مصر، أن ذلك يحرم البلاد من قائد استطاع أن ينجو بسفينتها إلى بر الأمان، واستطاع أن يعيد للبلاد مكانتها وهيبتها، كما بدأ مشروعات عملاقة كفيلة في أن تنقل البلاد نقلة نوعية، تلك المشروعات التي هي - بكل تأكيد – في حاجة لأكثر من ثمان سنوات للانتهاء منها، ذلك الذي دفع الكثيرين للمطالبة بتعديل الدستور، خاصة تلك المادة الخاصة بولاية الرئيس المشار إليها سابقا، بالإضافة إلى تعديلات أخرى أُضيفُ منها عدد نواب المجلس النيابي عن المصريين بالخارج والذين هم عشر عدد سكان مصر، ويمثلهم وفقا لنص الدستور ثمانية نواب فقط في نسبة غير متفقة مع عددهم.

رأينا أن تلك المطالبات لها ما يسندها، وما يدفعنا دفعا للسير في معها حتى نهايتها، ومع اقتراب انقضاء الولاية الأولى للرئيس زادت تلك الأصوات التي تؤمن بضرورة أن يستمر الرئيس في منصبه، فوجدنا العديد والعديد من الحملات التي تدعو الرئيس للترشح لولاية ثانية، وهي الخطوة الأولى للحفاظ على المكتسبات التي حققتها مصر في عهد الرئيس، وتم تأخير الدعوة لتعديل الدستور خطوة للخلف، على أن تكون هي أول ما ينادى به، ليتم الضمان أن يترشح الرئيس لولاية ثالثة.

ولكن الرئيس السيسي يخرج علينا يوم أمس الثلاثاء مؤكدا أنه لا يسعى إلى ترشيح نفسه لولاية رئاسية ثالثة، ونحن على ثقة من عدم سعي الرئيس لذلك، أما سعي الشعب فهو أمر آخر.

لقد أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي في حوار مع شبكة "CNBC" الأمريكية: "أنا مع الالتزام بفترتين رئاسيتين مدة الواحدة منهما 4 أعوام، ومع عدم تغيير هذا النظام، وأقول إن لدينا دستورا جديدا الآن، وأنا لست مع إجراء أي تعديل في الدستور في هذه الفترة".
ذلك الذي يؤكد أن الرئيس هو أول من يحافظ على الدستور، كما كان أول من حافظ على البلاد في أقسى لحظة تاريخية تمر عليها، وكما كان أول من حافظ على مؤسسات الدولة التي لو أصابها أي عطب، ما كان ما نحن فيه الآن هو المصير، ولحدث لمصر وشعبها ما كان مخططا لها وهو ما حدث لبلدان أخرى في المنطقة.

ويستمر الرئيس عبد الفتاح السيسي في عرض الأمر بمنتهى الشفافية فيؤكد: "الدستور، يمنح الحق للبرلمان وللرئيس في أن يطلبا إجراء تعديلات، وأنا لا أتحدث هنا عن فترات في منصب الرئاسة، فهذه لن نتدخل فيها، ولهذا لن يستطيع أي رئيس أن يظل في السلطة أكثر من الوقت الذي يسمح به الدستور والقانون، وهو 8 سنوات".

تلك المدة التي يراها كل من يؤمن بالرئيس عبد الفتاح السيسي غير كافية بكل تأكيد لتحقيق مشروعاته التي بدأها ويسارع بها الزمن.

وأما قول الرئيس: "لا يناسبني كرئيس أن أجلس يوما واحدا ضد إرادة الشعب المصري، وهذا ليس مجرد كلام أقوله فقط أمام شاشات التلفزيون، فهذه قيم أعتنقها ومبادئ أنا حريص عليها وأي رئيس يحترم شعبه ومبادئه لن يظل يوما واحدا في منصبه ضد إرادة شعبه".
إنما يعكس مبادئ الزعيم الذي جاء بإرادة شعبية هائلة، وإيمان رئيس يقول في العلن ما يقول في الغرف المغلقة، ويحترم إرادة شعبه، ويعبر عن قناعاته بوضوح لا يترك معه نصيبا للتأويل أو التفسير الذي يلجأ إليه كل من يتخذون السياسة مجالا لعملهم، ليضرب نموذجا يحتذى في العمل والخلق والإيمان بالمبادئ والقيم السامية.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط