الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إلا ابنتي !!!!


فى جلسة من جلسات علاجها النفسى التى تواظب عليها منذ ست سنوات، سألها طبيبها وطلب منها ان تحكى له آخر حديث كان لها معه، مع ذلك الذى جعلها تلجأ للطب النفسى لتشفى منه وتتخلص من ميراثه السيئ فحكت له الآتى:

قلت له مترجية: كنت عمرى كله احرص كل الحرص على طاعتك وعمل كل ما تطلبه منى سرا أو جهرا ، لم أعص لك امرا ولم اتردد لحظة عن تلبية كل ما طلبته وتطلبه وتريده وأردته ، وصممت اذنى عن كل مايقال عنك، وايضا لم ألتفت لكل ما تعود به من بقايا وقت سعدت به . جاهرت بمعصيتك واعلنت كراهيتك لى ومع ذلك لم اتخذ اية اجراءات مقابلة لهذه الافعال ، أبعدتنى متعمدا عن لحظات مجدك وصعودك سلم الترقى الذى كنت انا من مهد له ارضا واقام له بنيانا، وايضا تحملت وتلمست لك الف عذر وعذر.
 
كنت ليلا فى حياتى والف قمر لغيرى ورغم ذلك بحبى لك تلمست خطواتى والتمست لك اعذارا ووهبت من عمرى لك عمرا. كنت لا تدخر وسعا فى التقليل من شأنى ويراك الكل معها ويقولون عنك وعنها ما ارفضه واقول لهم انه شبيه الاتقياء و ليس هو بل انكم عليه تفترون وهو من سلاسة الطهر ولا يعرف ما تصفونه عنه بالعهر، رافضة انا حقائق عنك وانت رافض ان تجعلنى اصدق الوهم لتجاهر بأفعالك وبسلوكك صبحا وظهرا، لاغيا وجودى متعاملا معى وكأننى لم اكن ولم اصبح ولا لحياتى مقرا.

رغم كل افعالك ورغم كبر سنك ورغم بداياتى معك والف رغم ورغم لم تكن وفيا او عادلا فى رد جزء بسيط لما فعلته معك ولم يحزننى جبروتك وكبرك وطغيانك. ورجوت الله ان يردك اليه ويخرج ما فيك من غى ولهو وعبث ويرميه بعيدا عنك ، وللحق وللصواب يعيدك ويقربك منه واليه .

وفى ظل كل ما عشته معك وما لمسته منك تأكدت انك لن تتغير لانك لاتحب ان يتبدل حالك الذى له احببت.ورجوت ربى ان يرسل عليك نورا من الحق يأخذك اليه ولكن لان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ظللت انت على ما اصبحت عليه وأمسيت ، وفى يوم لم تشرق فيه شمس ولا تهتز فيه اشجار ولا ينبت فيه بذر ولا تطرح فيه ثمر، انتزع منى ربى ابنى ووسط احزانى ظننت ان عقاب ربى منك كان بأخذ اغلى ما أحببت.. ولوهلة رضيت بقضاء الله عله يعيدك اليه ويبعدك عن طريق الغى الذى فيه التصقت.

ومضت ايام وشهور وسنين وتغير حالك ولكن للاسف لاسوأ ما ظننت واخذتك دائرة الباطل وحب المجون صار لصيقا بك وعليك ، وازداد جبروتك وزين لك شيطانك وسولت لك نفسك بأن تلقى وراء ظهرك من كانت لك وكل عمرها وهبته لك وبالفعل اصبحت طاووسا واصبحت تفعل ما يمليه جسدك عليك وعشت لنفسك مباهيا بانك لايوجد من يشبهك ومن له فضل عليك .

كل هذا وأنا فى زاوية من الحياة اقوم بألف دور ودور كى لا ألغيك من حياة من احببت ، واصبح كل همى لملمة ما بعثرته انت لكى تعيش سعيدا ولايوجد ما يعكر صفو طريقتك فى الحياة التى بها انت ارتضيت . رتبت حياتى ولملمت احزانى وعشت لأبنائى راجية من الله ان يعوضنى فيهما كل الخير الذى عنى منعته وعنه انت امتنعت، ولم يرضك هذا فأفسدت حياة ابنىّ لان لديك ما ليس لدى من مال وسلطان وما هما بحاجة اليه ،وصرت تهيمن عليهما وبكبر ترسل رسائلك الىّ بأننى خارج كل شىء وانت فقط رب البيت وان كنت عنه ابتعدت، توالت رسائلك وصبرى عليك يتواصل مع كل ما اسمع واعرف عنك. ولكن ان يعاقبك الله على صنيعك بكل ما لدى بابنتى ويرسل لى رسالة كتلك التى ترجمت معانيها بوفاة اول من احببت ، أستعطفك بمن تجاهر بها فى كل مكان بأن تكتفى بما سببته لى من آلام وتتركنى انا وهما نعيش ما قدر لنا العيش.

وفى جلسة اخرى سنسمع منها ما قالته لطبيبها وما قاله له معذبها وممرضها ومحزنها.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط