قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

ما هذه السكينة التي ينزلها الله على أسر شهداء الوطن ؟

×

ما هذه السكينة و الرضا و الطمأنينة التي ينزلها الله عز و جل على قلوب أسر شهداء الوطن ؟ تساؤل لم أتوقف عن ترديده منذ أن أديت واجب العزاء منذ نحو أسبوع في الشهيد النقيب ، عمرو صلاح الدين، شقيق الصحفي شادي صلاح الدين زميلي بوكالة أنباء الشرق الأوسط .

فعندما وصلت لأداء واجب العزاء في النقيب عمرو ، أحد شهداء الوطن في عملية الواحات ، لم أجد شادي فبدأت أستفسر عن سبب تغيبه عن الأنظار فتقدم إلي رجل وقور ، ترتسم على ملامح وجهه علامات الرضا و السكينة ، و يشع النور من وجهه مصحوب بإبتسامة بشوشة تنم عن إيمان عميق ، فشد على يدي و أبلغني بأن شادي بصدد إجراء حديث تلفزيوني يسرد فيه بطولة أخيه و كيفية تلقيه الرصاص في صدره و وهو يقاتل بعزة و كرامة و ليس في ظهره كما روج الإرهابيون و من يتعاطفون معهم .

وعندما سألته عن والد الشهيد عمرو صلاح الدين، لكي أقدم له واجب العزاء ، أبلغني بأنه هو صلاح الدين ، والد الشهيد العريس النقيب عمرو صلاح الدين ، مؤكدا أنه يشعر بسعادة بالغة وهو يتلقى التهاني بإستشهاد ابنه في سبيل الله و الوطن .

وتابع بفخر قائلا " إن الشهيد النقيب عمرو إنضم للعمليات الخاصة منذ تخرجه حتى لحظة إستشهاده ورفض كل محاولات الضغوط التي تعرض لها لترك العمليات الخاصة و الإنتقال لمهمام أخرى أقل عرضة للمخاطر" .

ولم أجد في هذه اللحظة كلمات أعبر بها عن حالة الذهول التي إنتابتني من جراء تماسك والد الشهيد عمرو وفخره بابنه ، فقررت أن أنتظر الزميل شادي حتى أستفسر منه عن سبب سعادة والده بإستشهاد ابنه فسألته قائلا " هل يدرك والدك مقدار الفاجعة التي ألمت به ، أم أنه تحت وطأة الصدمة و لا يزال يعتقد أن الشهيد عمر حي يرزق".

فرد شادي قائلا " إن والدي هو أول من علم بإستشهاد عمرو ، بل هو من تولى مهمة إبلاغ والدتي بالحدث الجلل، و طالبها بضرورة الرضا بأمر الله خاصة وأن عمرو قد غنم بالشهادة و هو يقاتل بصدره كما كشف جثمانه الطاهر ، خلافا لما روج له أعداء الوطن بأن الشهداء قتلوا وهم يهربون أو وهم مستلقون على بطونهم بعد تخليهم عن أسلحتهم.

وفي واقع الأمر ، لم أكن لأكتب هذه الكلمات، إلا بعد أن قمت أمس بتقديم واجب العزاء في ابن صديق لي، شاب في مقتبل العمر ، لقي مصرعه في حادث سير على الطريق الصحراوي على متن سيارته الجديدة التي إشتراها له والده من طراز بي إم دبليو الفاخرة . وعند وصولي الى دار المناسبات، و كانت بالمصادفة نفس الدار التي قدمت فيها واجب العزاء لأسرة الشهيد عمرو صلاح الدين في التجمع الأول ، توقعت أن أجد صديقي متماسكا على أقل تقدير، بعد أن عقدت في مخيلتي مقارنة سريعة بين وضعه كأب مكلوم و بين وضع والد الشهيد عمرو . لكن دهشتي تحولت لذهول لا حدود له من حالة صديقي الذي بدا أكبر من عمره بعشرين عاما بعد مصرع ابنه الشاب ، المتخرج حديثا ، لدرجة أنه لم يعد قادرا حتى على الوقوف على قدميه جراء حالة الانهيار التام التي يعاني منها.

وهنا إضطررت رغما عني لعقد مقارنة بين الرجلين، فالاثنان فقدا فلذة كبديهما ، لكن والد شهيد الوطن يزف ابنه للجنة بسعادة غامرة ، في حين أن والد ضحية حادث السيارة منهار لا يقوى على الوقوف على قدميه . و لم أجد تفسيرا آخر سوى أن الله عز و جل ملأ قلب والد شهيد الوطن بالسكينة والرضا و الطمأنينة في حين أن حالة الانهيار التي يعاني منها الثاني هي الوضع الطبيعي الذي ينبغي أن يكون عليه أي أب فقد ابنه في زهرة شبابه .