الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شِدِي حيلِك يا بَلَدْ


عيني عَليكي يا بَلَدْ كُلْ يوم بتدفنِي وَلَدْ، وَلَدْ ولا زيُه وَلَدْ ، روحُه في كَفْه لَجلْ عيوُن ولادِك يا أغلي بَلَدْ.

سنواتٌ طويلة قاربت علي السبعِ العِجافِ ، تطالعُنا الأخبار اليومية بأنضمام شهيد جديد لقاءمة شهداء الْوَاجِب ، أستُشْهِدَ لأنَ عقيدَتُه "حُبْ الْوَطَن عِبادَة" ، ودينُه " السَعِي للنَصْر أو الشهادة".

كانَ علينا الأختيار فأصبَحَ علي عاتِقْهُم دَفْع ثَمَنْ هذا الْقَرَار ، لَمْ يبخَلوا وَلَمْ يضِنُوا فضحّوا بأمنِهِم و أمانِهِم وأعمارهِم .

شَباب في عُمر الزهور تزِفْهُم الحياة لتُسَلِمُهم للموت، علي طبول الغَدر التي تتخللها زغاريد المُزايدين ، في وسَط موكِب مِن اللا مبالين.

كيفَ أصبَحْنا علي ما نَحْن عَلَيْه الآن ؟ سؤال طَرَحْ نفسُه في حقولِ قسوتنا ، التي نَمَتْ كالعُشب الشيطانِي في صحراءِ قلوبِنا ، فَكَم كانَ قاسيًا حادِث الواحات الأرهابي الذي شَهِدناه مِن أيامٍ قلاءِل ، و لكِن كَمْ زِدْنا بأيدينا علي قسوتِه قسوةٍ ومرارةٍ و أَلَمْ.

في كُل مِحنَة مِنحَة، و مِنَحْ الأوطان في مِحَنِها هي توحيد صفوفها ووحدَةِ كلمتها ووضوح رؤيتها ، وتراحُمِ أهلِها. هكذا كنّا ، بحسبِ رواية الجِدات أنهُن أتَشَحْنَ بالسوادْ في حروب زَمَن فات، فالشهيد كانَ شَهِيدًا لِكُل بيت والعزاء عزاء كُل مِصْرِي .

كان ذَلِك في زَمَن (العالَم الحقيقي ) عندما كانت الناس تتلاقي وتتكاتَفْ وتتلاحَم أما الآن فنحنُ في هذا( العالَم الأفتراضي ) نتناحَر ونتراشَقْ بلا سَبَب ، إلا مِن أجلِ إحراز هَدَفْ ، يخدِم المصالِح الشخصية التي تعلو فيها قِيم الأنانية علي أي إعتبارات إنسانية !

أزهَق العدو أرواح شُهداءِنا مَرَّة وأزهقناها نَحْن بأيدينا مرات، عندما روجنا الأشاعات والذريعَة عَدَمْ توافُر البيانات ، تداولنّا التسريبات بفرحةِ الطِفل بالحلوياتِ ، لم نتحري دقتها، ولَم تتحَرَكْ ضمائرنا لتحمِي لحظات قَدْ تكون (ضَعْف )لزهرة وهي تُقتَلَع مِن بُستان الحياة علي يَدْ مَن لا يستَحِق الحياة.

أشتعلَت مواقِع التواصُل الإجتماعي بصَبِ عِبارات الْغَضَب علي الداخلية ، التي لم تُراعِي وَضْع أحدي الخُطط الأستراتيجية، التي وضعها نُخبة مِن خُبراءِ المواقِع ( الفيس بوكية ) ، و زادَ الأمر سؤًا أكمام فُستان سُمَيَّة ذو الوردات اللبنية ، وأحتَدَم الصّرَاع بينَ مؤيد لآليات وضعها لمساحيق التجميل التي جعلتها أَقْرَب في الشكل لفتاة ( المُرجيحة) ومُعارِض لهذا الرأي الظَّالِم !
الذي عَبَر عَنْ رأيه ببسالة أعتدناها في كل منشوراته علي أي صفحة مِن صفحاتِه البيضاء من ( التويتر) إلي ( الإنستاجرام) عِندما" أفتي" في الوَصَف بدِقَةٍ مُتناهية عَنْ طبيعة تسليح جنودنا الأحياء والشهداء في تِلْك المعرَكَة بِمَا يراه قولًا عَدْل لا يقْبَل الهَزِل !

أما الإعلام فحدِّث ولا حَرَج عن مِقدارِ هذا الهَرَج في الألفاظ والعِبارات وإساءة التعبيرات بدّعوي أنها بسبب العَبرَات التي لم تَجِف إلا بَعد الجون الثاني في مباراة الأهلي والترجي!
وتصدّرَ الرقمين (٦/١ ) كل الأشعارات التي تلونت باللون الأحمر ، مَرَّة للتعبير عن الفرح بفوز نادي القَرْن ١/٦ و مَرَّة لإبراز القَرْح علي شهداءنا ال ١٦ ، أما بَعْض مستخدمي تِلْك المواقع بطريقة الأستعمال ( الخفيف) فأكتفي بمشاركة منشور واحد يحمِل أسمي عبارات التهاني والتعازي لوطنِنا الحبيب!

لم أكُن أبدًا مِن مؤيدي إلغاء المباراة ، فلن يمنعنا الأرهاب من ممارسِة شعائر الحياة، فمواجهته الحقيقية بوجود كُل مِنَّا في موقِعه، ليقود ضِدَه حَرْبًا شرسة سِلاحُها العَمْل و نتصدي لَهُ بجرعات مِن اليقين تَجْعَله يترنَح لفقدان الأمل، وَلَكِني ما تخيلت أبدًا القدرة علي إطلاق صرخات الفوز و ضحِكات السعادة وما زال أحد أبناؤنا مجهول المصير ، كُل طَرقِة باب هي شهادة ميلاد مؤقتة لوالديه علّ أن يكون هو الطارِقُ الداعِي.

حادثِة الواحات هي حادِث جَلَل بلا شَك ، (مُصِيبَة) بكُل المقاييس ، والمشهَد العَبثِي الذي صنعناه بأيدينا عَقِب الحادث (مُصِيبَة ) أَكْبَر ، إذا دلّ الحادِث علي قصور و أخطاء في المواجهة التي راح ضحيتها خيرَة شبابُنا ، فأيضًا لَقَد أكَد خلل جسِيم في التركيبة التي أصبحت عليها أفكارنا ومعتقداتنا.

ما لا يوحِدُه الْحُزْن لَنْ تُجمِعُه الأيام، و أذا واسينا مِصرنا وتذكرنا قَوْل العبقري ( محمد نوح) عندما غني كلمات ( إبراهيم رضوان ) "بالحُضن يا أم الشوك حرير" فأخشي أن يكون حُضننا هو الذي أمتليء بالأشواك وأن نفقِد القُدرة علي لِقَاء " قَمر الرجوع اللي فَرَدْ القُلوع " لأننا منشغلون بما تبثُّه الأقمار الصِناعية فننسي وعدَنا لها أن يومًا ما " سنفرِش رمالِك بالضياء يا بلدي" ، وَلَكِن مهما تغيرت الحقائق و أختلفَتْ المُسميات فقطعًا تظَل الحقيقة التي ليست محلًا للجدَلِ أو النِقاش " لو مات شهيد في ألف غيره بيتوَلَد" وشدِي حيلِك يا بَلَدْ.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط