الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل تمتد أزمة ميركل إلى النمسا ؟!


يعتبر عام ٢٠١٧ هو عام الانتخابات الأوروبية فبعد هولندا وفرنسا وألمانيا تحل منتصف هذا الشهر في الخامس عشر منه الانتخابات البرلمانية النمساوية والتي يتصارع فيها ثلاثة أحزاب رئيسية هي الحزب الديمقراطي الاجتماعي النمساوي الذي يقوده المستشار النمساوي الحالي كيرن وحزب الحرية اليميني الذي يقوده اشتراخا المعادي للأجانب بصفة عامة والمسلمين والعرب على وجه التحديد، وحزب الشعب الذي يقوده وزير الخارجية النمساوي كورتز والذي، في تصورنا يمسك العصا من المنتصف في مخاطبة الرأي العام النمساوي في مسألة اللاجئين،

فهو يقدم حلولا تقنع لدرجة كبيرة الشارع النمساوي، الذي يرفض بدرجة كبيرة وجود اللاجئين كعالة تستنزف الاقتصاد النمساوي، والذي مازال يتربع على رأس قائمة استطلاعات الرأي والذي يتوقع أن يتحالف، حال فوزه مع حزب اليمين المتطرف الحرية الذي يرأسه شتراخه والذي يتماهى لدرجة كبيرة مع حزب البديل الذي حقق تقدما ملحوظا في الانتخابات الألمانية آخذا من رصيد وشعبية الحزب المحافظ الذي تترأسه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والتي أقرت بأن حزبها لم يحقق النتيجة المرجوة في الانتخابات التشريعية مع اعترافها أيضا بأنها تواجه «تحديا جديدا كبيرا» يتمثل في دخول اليمين المتشدد للمرة الأولي إلي البرلمان.

وذكرت أمام أنصارها في برلين: أنا سعيدة بالفوز، لكننا كنا نأمل بنتيجة أفضل. وأضافت قائلة : «نواجه تحديا جديدا كبيرا يتمثل في دخول حزب البديل لألمانيا إلي البرلمان «البوندستاج»، ووعدت «بإعادة كسب هؤلاء الناخبين والناخبات» الذين صوتوا لليمين القومي.

تظل مسألة اللاجئين وسياسة الباب المفتوح أحد أهم الملفات التي يتم استغلالها من قبل الأحزاب النمساوية ليس المتنافسة فحسب، بل المتصارعة في ظل معركة انتخابية حامية الوطيس وصلت للجوء لإجراء خطوات قانونية من قبل ميخائيل مينجر رئيس حزب الخضر في إقليم تيرول النمساوي، ضد حزب الحرية اليميني المتطرف في الإقليم الذي نشر على صفحته الرسمية في موقع التواصل الأشهر «فيسبوك»، قائمة طويلة بأسماء عدد من التلاميذ بالمدارس الابتدائية، في إشارة واضحة لأصولهم الأجنبية.

وتنديدًا بنشر القائمة بعث حزب «الخضر» بيانًا لوسائل الإعلام المحلية، بعدما أخفوا الأسماء بلون أسود، واصفين التصرف اليميني بالفضيحة، والعنصرية الواضحة، ذلك الذي سبب ردود فعل غاضبة وتغريدات مستنكرة، اكتفى على إثرها حزب الحرية بحذف القائمة من صفحته على الفيسبوك، لكنّه لم يعتذر عن نشره لهذه القائمة من الأسماء، بل نشر تعليقًا لرئيسه في الإقليم ماركوس ابفيرزقر برد فيه على منافسيه من حزب الخضر يقول فيه: «الفضيحة، أنّ هناك مدارس فيها 90 في المائة لاجئون»، مضيفا: «حذفنا القائمة فقط، لكونها لا تتفق مع حماية البيانات»، مؤكدا أن استنكار منافسه حزب «الخضر» لا يعدو أكثر من كونه مجرد «وسيلة انتخابية» لجذب الأنظار بعيدًا عن حقائق مخيفة تعيشها النمسا، مهددًا بأنّ حزبه لن يسكت عنها.

من جانبه كان هاينز كرستيان اشتراخا رئيس حزب الحرية، قد نشر على صفحته الشخصية مطلع الشهر الماضي، شريط فيديو يعرض صور بعض المدارس في العاصمة فيينا، للإشارة إلى الكمّ الهائل من الأمهات الأجانب المحجبات وهن بصحبة صغارهن في أول يوم من العام الدراسي الجديد، ما يؤكد أن ملف اللاجئين والأجانب سيكون له دور مهم في حسن نتائج الانتخابات البرلمانية بالنمسا.

وفي حالة يمكن أن توصف بالبعيدة عن طبيعة المجتمع النمساوي تعيش النمسا هذه الأيام حملات انتخابية إلكترونية ساخنة، وصفت بـ «القذرة»، استعدادًا لانتخابات برلمانية تجري في 15 من أكتوبر الجاري، ولم تأت قضايا اللاجئين فقط في مقدمتها بل وانتشار الإسلام في، خصوصًا من قبل حزب الحرية الذي ندّد في انتخابات سابقة، بزيادة عدد المهاجرين من أصول تركية! ويرفض حاليًا زيادة عدد اللاجئين المسلمين العرب، رافعا شعار «لا وجود للإسلام في النمسا»، وذلك على الرغم من أن الدستور أقر في عام 1912 بأنّ الدين الإسلامي دين رسمي.

ويشكل المسلمون 8% من سكان النمسا، وبحسب توقع الأكاديمية النمساوية للعلوم في دراسة حديثة يمكن أن ترتفع هذه النسبة إلى ما بين 12 و21% بحلول 2046.

وفي المقابل يغازل شتراخة رئيس حزب الحرية اليميني المواطنين النمساويين ليس بفرض قيود على الإعانات الاجتماعية للمهاجرين فحسب، بل يطالب بخفض الضرائب على الدخل للنمساويين، كما وعد الناخبين بالحصول على نصيب من الثروات التي يؤكد أنها تُنفق على اللاجئين، ويأمل حزب الحرية في إنهاء الأغلبية التي تحظى بها الحكومة في البرلمان حاليًا، ولا يستبعد كل من الحزب الديمقراطي المنتمي إليه المستشار كريستيان كرن، أو حزب الشعب بقيادة كورتز تشكيل ائتلاف مع اليمين المتطرف، حيث يتقارب موقف شتراخه الصارم من الهجرة مع موقف رئيس حزب الشعب، وزير الخارجية سيباستيان كورتز.

ويتصدر حزب الشعب استطلاعات الرأي بـ33%، ويليه الحزب الديمقراطي وحزب الحرية بنحو 25% وفي خضم هذا الصراع المحموم بين الأحزاب النمساوية الرئيسية انتقد الكسندر فان ديربلن رئيس جمهورية النمسا، غياب ثقافة التعامل مع الآخر في الحملات الانتخابية الجارية التي تنظمها الأحزاب استعدادًا لإجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة في منتصف شهر اكتوبر الجاري،

فذكر الرئيس النمساوي في كلمة ألقاها بمناسبة حلول يوم الدستور، “أتوقع أن تسود خلال الاسبوعين المتبقيين مناقشات حول التحديات التي تواجه النمسا”، في إشارة إلى حدوث تجاوزات ارتكبتها أحزاب في سياق حملاتها الانتخابية.

ودعا رئيس النمسا إلى تبني أسلوب وطريقة تعامل تسمح بتعاون الأحزاب مع بعضها عقب إجراء الانتخابات البرلمانية ما يؤكد أن هناك أزمة تلوح في الأفق بعيْد الانتخابات شبيهة بتلك التي تواجه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وذلك بسبب صعود تيار اليمين المتطرف ليس فقط في كل من ألمانيا والنمسا بل في القارة العجوز كلها.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط

-