الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كُرسي في الكُلوب


يذكرُّنِي كُرسي مقدمي البرامج بالكرسِي الكهربائي المخَصص لتنفيذ حُكم الأعدام في بعَض الدول الأجنبية ،، فكلاهما سيجلب لَكَ الشهرة بشكِل ما، ومقدار تِلْك الشُهْرَة يتوقَف علي طبيعِة ذَلِك الفِعل فكَمْ مِن أسماء حُفِرَتْ في التاريخ لِجلوسها علي إحدي الكرسيين !! كِلاهما لا سبيل للمَناص مِنْه إرادياً فالقيود تُحْكَم ببراعة تضْمَن البقاء عليه حتي يَبِتُ في أمرِك صاحِب الأمر، وإن إختلَفْت طبيعة القيود فذلك قيد ماديّ وهذا قيد معنويّ ، لكنهما يتماثلان في أثارهِما.

التربُع علي أحدهما داءماً ما يصاحبه مشاعِر مختلطة مِن الخوف والقلق ، فوجودك علي إحدي الكرسيين دليل علي خبرَتك الأنسانية، والإنسان تصنَع  خبرَتُه خيره وشرّه،،  علي ذلك الكرسي أنت بينَ يدي القَدَر الذي يفوق قُدرَتك وإن عَظُمَت !! لا يَصِل إلي كلاهما إلا صَاحِب  رأي أو فِكْر أو حَظْ ،،، أو صَاحِب لِصاحِب بِيَدِه أن يضَعَك عليه بدون جُهدٍ يُذْكَر !!

أي مِن الكرسيين تتمني أن تُغَادِرُه علي حال غير الحال فالكرسي الكهربائي تجلس عليه وأنت في عِداد الأموات وتتمني أن تُغَادِرُه وأنت مِن بينَ عِدادالأحياء ،، أما كُرسي المُذيع فتعتليه وكُل ما فيك يَنطِق بالحياة و تتمني أن لا تفارِقُه إلا لمفارقَِةِ الحياة،،، كُل مِنَ الكُرسيين أنت علي عِلْم مُسبَق بأنك علي موعِدْ مَعَهما وَلَكِن لن يأتي هذا الموعِد قَبْلَ أنْ يُنهِكك الأنتظار وتفتُك بِك لحظات الأمل والألم !! اللحظات تمُر سريعة عليهُما و إن طالت ، فالزَمَن لَهُ حسابات أُخرَي عِند مشارِفهُما،،  قَدْ يكمُن الإختلاف الجوهري بينَ المقعدين بأن الكهربائي يثير شفقة الغالبية العُظمي وخاصةً مِنَ المحيطين بِك،،  أما الآخر فيثِير حَنَقْهُم ،، وبالرغم مِن كل هذا لا يخلُو أحدُهما من طوابير الإنتظار التي لَم تأخذ العِبرة المحفورة بالدموع والإبتسامات علي جُدْران قُلُوب مَن سبقوها،،، عندما تُقتاد للكُرسي الكهربائي ستبذُل كُل غالي لتهرَب مِنْه ،، أما وأنت تلهَث للوصول إلي الكُرسي الإعلامي ستُضحِي بكِل نفِيس لتهرَب إليه،،، وقَد يكون الفِعلان وإن خَلَوْا مِن الرحمةِ أحياناً إنما يتطابقان مَعَ كتالوج النَّفْس البشرية التي ستجعل الأنبياء والرُسل ينادون يَوْم الْجَمْع العظيم ( نَفْسِي ، نَفْسِي) "بأستثناء رسُولنا الكَريم " فهذا حَال النَّفْس الأنانية والسَعِي خَلْف المَصلَحة الذاتية و خاصةً عِندما تنْحسِر الفُرص و تغيب الخِيارات.

لَكِن مايصْعُب تبريرُه هو الإستمرار علي ذات النَهج في حضرِة أي مِن الكرسيين،  فالمحكوم عليه بالموت يظل لآخِر أنفاسُه يلقي بالتُهم علي غيره أملاً في أن ينقِذ نفسُه،، ونجِد نفس الواقع يَحْدُث علي كُرسي مقدم البرامِج ،، عندما يُقَدِم القرابين لجمهوره مِن أجل               " الفرقعة الخَبَرية " التي تضمَّن " الفرقعة الجماهيرية" ،، فنجِد القنوات الكبري والصغري تفرِد مساحات واسعة لِنقل خبر (نصاب الألقاب ) وهذا حقُ المُشاهِد -المعرفة - ولكن عِندما يُصبِح ڤيديو القبض عليه وعلي زوجته وصورهِم أثناء التحقيق هُم مادِة الخبر !! فهذا أمر لا يليق ،، و خاصةً أن التحقيق مازال جاري وَهُم ما زالوا مُتَهمين ،، وحادِث الْقَبْض علي نقيب الشرطة عِند نفق الشهيد (أحمد حمدي) عندما أشتبهت به دورية الكمين الموجود هناك وقامت بتفتيش سيارتُه وحقيبَة صديقته التي كانت بصحبتِه في السيارة وتَم العثور علي ثمانين تذكَرَة مُخدرات ستخضَع للتحليل للوقوف علي محتواها،، أما كان يكفي نقل الخَبَر والوقوف علي الجانب المُشرق فيه وهو أن لا أحد فَوْقَ القانون !! أم لا تكتمِل الصورة إلا بِذِكْر أسم الظابط ثلاثياً و عُمرُه باليوم والشهر والسنة،، وبالمثل لصديقتُه ،، آي تشهير هذا في حَق مَن لا زالوا متهمين !! أليس هُنالِك إحتمال لواحد بالمائة أن يكونوا غير مُذنبين فما أنتم فاعلين وكيف ستُرَد الحقوق لأصحابها،، ألم يأمرنا اللهُ بالستر؟؟ نعَم لفضْح الفِعْل وَلَكِن ألف لا لفضْح الفاعِل حتي تَثْبُت إدانته.

 

 ولَم تسْلَم الحوادث الدولية مِن نفس الأداء ،، فبعد الحادث الأرهابي الذي وقع في نيفادا بالأمس مِن إطلاق نار عشوائي علي مرتادي حَفْل موسيقي ،طالعتنا البرامج المُخْتَلِفةِ بصورة( مُنفِذ الهجوم ) وكأنهم رأوه بمقلَة أعينهِم وهو يصوب النيران علي الضحايا،، أي مِنطَق هذا !! فوجود الرجل ( ميتاً) و محاطاً بعدد كبير من الأسلحة المستخدمة في موقِع الجريمة يجعله مُجَرد مشتبه به ،، لأن إعمالاً للعقل كيف لِّرَجُل لا دافِع لَه وأكبر جريمة أرتكبها في حياته التي أنتهت بشكل مأسوي هو كَسْر الأشارة ، أن يُقدِّم علي هذا الفِعل ،، أليس مِن الجاءز أنه هو نفسه ضحية لمجموعة أقتحمت غرفته لتنفيذ جريمتها،، و مَعَ الأخذ بعين الأعتبار أن الرجل الذي ناهَزَ منتصف الستين كيف لَهُ القدرة علي إستخدام عِدّة أسلحَة في وقت واحد لإصابة أكبر عدد في مَقْتَل!!

لا أحد يستطيع الجَزْم بالحقيقة قبلْ أن تأخذ التحقيقات مجراها في كل القضايا الكبيرة والصغيرة ،، بأي حَقْ نُنَصِب أنفسنا قُضاةً وجلادين !! ليكتفي مقدِم البرامج بدورِه  في تقديم الخبَر وليس في صناعتُه،، وليتذَكر أن الظُّلم ظُلُمَات ،، وكلّ مَّا يَنطِق بِه في لَوح المحفوظات ،، والنهاية آتية لا محالة فلا داعِي لأن تنتهي بكرسِي في الكُلوب .

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط