الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إن فاتك الميري..


لِكُل زَمَن أفكاره لكن لا يعني هذا إلزامية جودة تِلك الأفكار فكم مِن أفكار دمرَت أزمنة وخاصة الأزمنة التي تَلِي ظهور الفكرة ،، ومِمَّا لا شَك فيه أن لِكُل وقت آذانه وَلَكِن إفراط المؤذِن قَدْ يصيبك بالصمم، إذ تتداخل الأصوات وتفقِدْ الاتجاهات ،، وهذا ما مَرَت به مصر طوال السنوات الماضية ،، فكان الآذان الموحّد ( إن فاتك الميري إتمرَغ في ترابه) !! أي منطِق هذا الذي يدعو بكل مفاخرة التمرمغ في الوحَل !! كيف لأحفاد بِناةُ الأهرامات القبول بالدفنِ في الترابِ بعد أن علّموا الدنيا كيف تهيلُه عَنْ عُقولِها ؟ في الحضارة الفرعونية يُوجَد كاتب واحد يُسَجِل إنجاز الآلاف مِن العُمّال.

 وتاريخنا الحديث أصبح عامل واحد يَشْهَد خيبةَ الآلاف مِن الكُتاب،،، ولا ترتقي الأمم بآيادِ الكَتَبَة، إنما علي أكتاف كُل صَاحِب فِكرة، حَطَمَ التوابيت و كَسَرَ الصناديق ليخرج الي براح الكون يراقب الحاجات ويفكر في الموجودات ليأتي بالمستحيلات،، عادةِ الأفكار الاستحالة و إن كانت بسيطة،، فمَدُ عُنُقَك خارج شبابيك الواقع لدي البعض بمثابة دَرْبْ مِن الجنون !! ولكن ليكن ما يكون فالجنون أصل الفنون ، والفنون هي الكون ،، فلا تخشي الفزاعات فالرزق بيدِ الرزّاق و ذات يوم سيأتي قَوْم لاتعرفهم ولا يعرفونك وَلَكِن هُم مَن سيفهمونَك.

 ويكفي أن نعرف أن من علّمنا ( المرمغة ) الرومان إبان حُكم الإسكندر الأكبر إذ كان يتم تصدير القَمح المِصري الذي كان يُعرف ( بالميرة) لروما ويحْذُر علي الفلاح أن يأخذ منه دون إذن الملك ، وكانت تِلْك الميرة تُخزن في أجولة مِن التراب حتي وصولها للإمبراطورية الرومانية فكان الفلاحون يبحثون عَن ما تبقي مِنْهَا في التراب الموجود في الصوامع ،، تمرمغ أجدادنا عُنوَة مِن أجل ( لقمة العِيش ) فأستكملنا المرمغة طواعية من أجل ( إستمرار العِيش) الأستِسهال المشوّب بالأستهبال آفتنا،، فالميري متعدد الفوائد علي سبيل الذِّكْر لا الحَصر فمثلًا راتبُه شهري ثابت مضمون الحصول عليه في آخر كل شهر لا يرتبط بمعدل إنتاجك وإلا ما حَصَل عليه أحدُ، في نهاية الأمر كله حيقبض ويفرَح فَلِم المجهود الزائف ؟؟ الميري يعلمَك قيمة كُل شهر في حياتك فهذا شهر( الراحة )من الراحة وهو شهر رمضان ،وهذا شهر( التزويغ) مع أجازة المصيَف عدُةٌ من أيام أخري لن تضير أحدًا، وهذا شهر( الأعذار) وأي قرينة أكبر من إمتحانات العيال !!تحصُل بها علي ما شئت من أجازات وتذّكر أن النّاس لبعضيها، الميري أيضًا رسول الصَّبر و تذكِرة بجزاء الصابرين، فكُل سنة أنت علي موعِد مع الهنا عندما يزداد راتبك ( الأساسي) ١٠٪‏ يا قلبي أنا!! 

وهذه آية الصبر الصغري أما الكُبري فحدِّث ولا حَرَج عندما تتقن حساب الأعوام للتتدرج السُلَم الوظيفي علي مِهل وهوينة وأنت ممتلئ بالثقة مِن مكانك المحفوظ من بطش اللصوص الذين يدّعون الأحقية و يتناسوا الأقدمية!! أُنظِّر لنفسك أنت إبداع الخالق ، الذي خَلَق( ما فوق البعوضة) لسبب ، فتدبَر سبب وجودك علي هذا الكوكب ، ألم يخلُقنا الله لعبادته؟ قال تعالي ( مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ( 56)مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) (سورة الذاريات ) والعمل عبادة،، أخرج مِن حَلق الضيق الي الوسَع فما زادنا الميري إلا ترهلًا في كافة الخدمات التي يقدمها ، وإذ أعتنقَتْ الأجيال القريبة السابقة (المذهَب الميري )فقد نلتمس لهم عُذرًا بأن الدولة ككُل كانت ميري فالمستشفي والمدرسة والأتوبيس حكومي ، ناهِيك عَن مؤسسات الدولة التي تعمل يدويًا حيث لم تكن التكنولوجيا قد فرضت سلطانِها فرضًا علي كل مناحي الحياة،، ليست الحاجة أم الأختراع فَقَط ،، لكنها أهلُه وعزوتُه ونَاسُه والآن نحن نعاني الحاجة الماسة للخروج عَن المألوف والبحث بين الصفوف عَن حاملي دفوف التطوير،، في الفترَة الأخيرة أنتبهت الدولة لهذا المفهوم فأتجهت لمفهوم (ريادة الأعمال )وهو التطور الطبيعي لما كان يَحْدُث في ريف وصعيد مِصْر عندما كانت المرأة البسيطة تُنتج قوت يومها من جُبن ولبن وخبز وبيض وزفَر،،، نفس الفكرة وإن إختلف المضمون يؤدي إلي وحدة النتيجة ، وهي والأكتفاء بالذات في توفير الحاجات الأساسية لكُل ذات،، ونحمد الله أن عمل المرأة كان مرفوضًا في ذلك الزمن وإلا لوجدناها تتمرمغ في التراب كتفًا لكتف مع الرجل!! وتنادي بالمساواة ،، ولَم لا ،، فالمساواة في المرمغةِ عَدْل!!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط