الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حقًا إنه كُل الوصل


خلقنا الله ودّبَر أدَق تفاصيل حياتنا ولَم يغفَل مثقال ذرةٍ، في هذه الأيام الروحانية التي تسبق الأعياد تتجلى حكمة الله لمن يبحث عنها، فالناس في الأعياد فِرَق فمنهم من يستعد للعيد بالتحضير للأضحية وطقوس العيد المعتادة ليجعل من حياة غيره عيداً، وهناك من ينتظر ذلك العيد بفارغ الصبر ليزور ثلاجته «إن وجدت» بعد طول هجر وجفا فيمنح شعوره بالرضا أو السعادة طعم العيد الحقيقي للغير. 


هذه حكمة الأعياد فهي نظام تكافلي كامل أوصانا به الرحمٰن حتى نشعر بالسعادة في دار الكَبَد التي نحيا فيها.. ولا شعور يضاهي شعورك بعد أن تساعد محتاجاً أو تزرع البسمة على وجه طِفل أو تـطعم فماً وتكفل يتيماً وتقضي حوائج الناس إذا استطعت.. فالعمل الإنساني هو ما يستبقى الإنسان بداخلنا، ويحافظ على نقائه وسوية سريرته في وسَط كل ما يحيط بِنَا من عوامل اقتلاع الفِطرة الطيبة.

 

وَلَكِن لأنه عيداً فيمر كالعيد سريعاً ناجزاً وتدور آلة الزمن ونحن داخل تروسها فننسي وننشغل عَن مَن صنعت ابتساماتهم أعيادنا وكانت دعواتهم سبباً في أن تغشانا معية الرحمٰن،  وَلَكِن لأن الله كاف عَبْدَه فيسخر من قلب هذا الرَكبْ من يوهب حياته ليعيش سيد القوم بأن يكون خادمهم، فقد سعى لخدمة عِبَاد الله فسيدُه الله على قلوب عِبَادِه.


هناك نماذج كثيرة للعمل الخدمي التطوعي من مؤسسات كبيرة لمبادرات صغيرة كلها معنية بتوفير حوائج الإنسان الأساسية لتوفر له حَد الكفاف مِن شراب وطعام وعلاج، ونجد أن بعض المؤسسات في الآونة الأخيرة بدأت أيضاً في العمل التنموي وهي خطوة أحدثت أثراً بالغاً في قُرى كاملة تعاني شَظَف العيش وقسوة الحياة بلا ماء وأحياناً بلا مرافق حيوية كالصرف الصحي وأيضاً تسقيف البيوت التي يطرق الشتاء بيوتها، وكأنه مَلَك الموت جاء ليحصُد سكونها المفقود.

 

مِن أجل غد أفضل فذلك ما نحتاج إليه تضافر جهود والمجتمع المدني مع الدولة لتوفير إنقاذ سريع لمن لا يملك رفاهية اختيار قوتُه، وَلَكِن أهذا كل ما يحتاج إليه الإنسان؟  قد يكون هذا ما يحتاجه ليبقيه حياً وَلَكِن لِم الحياة ؟ أهي الوسيلة أم الغرض ؟ فما نحتاجه ليقيم قاماتنا من مأكل ومشرب وما نستظِل إليه من حائط ما هو إلا الوسيلة التي تعيننا على القيام بالغرض مِن الحياة، فالحياة رسالة لذا عندما خاطب الله رسوله في أول أمر إلهي أُرسِل إليه أمَرَهُ أن يقرأ.


القراءة هي ذلك الفعل الذي نسيناه في خِضَم الثورات التكنولوجية التي نُبحر في أعماقها بالرغم أنها الأصل في وجودنا علي هذا الكوكب ما يُفرِق بين الحجر والبشر هو أن ينقش البشر علي الحجر لا أن يتحول البشر إلى ذلك الحجر!! ولذلك كان وجود مبادرة تضع مِن ضمن أهدافها الأساسية القراءة وتوفير الكتاب مع الطعام كان أَمْراً ملفتاً وتحويل تِلْك المبادرة إلى مؤسسة كان عملاً رائداً تَطَلَب الإيمان العميق بأن تغذية العقول لا تقِل أهمية عَن تغذية البطون، بل قد يكون أكثر أهمية لأن الله رزاق،  يرزق الطير الذي لا حول له ولا قوة فلن ينسى عِبَادِه، فذلك رزق سيأتيك وإن تعَذَر سعيك، وَلَكِن رزق الكلمَة لن يأتيك إلا إن سعيت إليه جاهداً مُخلصاً.


 وهنا كانت "حلقة وصل " نموذج لحلم بدا بعيداً وَلكنه غدا واقعاً تقرأ جماله في عيون طفل يعيش في نقطة ما قد يصعُب على قارئ المواقع الإلكتروني أن يجدها، ما في عيون ذلك الطفل هو تعبير عَن الفطرة الطبيعية التي وجدنا الله عليها وهي أن نقرأ، إنها حلقة للوصل ما بين الإنسان ونفسه أولاً لأنك إذا كنت تشارك في نشر بذور الخير فالشجرة التي ستنمو يوماً أنتَ أول المستظلين بِظِلها، وهي كُل الوصَل بين الإنسان وربُه حيثُ تمتثِل لأول بيان رباني.. من يَصِل يوصَل ومَن وَصَلْ وصَلْ إلي حلقة تصِلُه بإنسانيته  وتلك هي " حلقة وصل ".

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط