يعد طواف الوادع أمرًا ثابتًا في السنة النبوية المطهرة عن سيدنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، ومنه ما جاء فى الصحيحين عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: «أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ، إلاَّ أَنَّهُ خُفِّفَ عَنْ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ»، وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا طُفْتُ طَوَافَ الْخُرُوجِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَطُوفِي عَلَى بَعِيرِكِ مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ».
واختلف الفقهاء فى حكم طواف الوداع فذهب مالك والشافعى فى إحدى الروايتين عنه إلى أنه سنة ليس على من تركها شىء، وذهب الأحناف والحنابلة إلى أنه واجب يلزم بتركه دم.
وذكر بعض الفقهاء أخطاء يرتكبها الحجيج عن طواف الوداع ومنها: نزولهم من منى يوم النفر قبل رمي الجمرات، فيطوفون للوداع ثم يرجعون إلى منى فيرمون الجمرات، ثم يسافرون إلى بلادهم من هناك، وهذا لا يجوز لأنه مخالف لأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يكون آخر عهد الحجاج بالبيت، فإن من رمى بعد طواف الوداع فقد جعل آخر عهده بالجمار لا بالبيت، ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يطف للوداع إلا عند خروجه حين استكمل جميع مناسك الحج، وقد قال: «خُذُوا عَنِّي مَناسِكَكُمْ»، رواه مسلم.
وورد أثر عند سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- صريح في أن الطواف بالبيت آخر النسك، فمن طاف للوداع ثم رمى بعده فطوافه غير مجزئ؛ لوقوعه في غير محله، فيجب عليه إعادته بعد الرمي، فإن لم يعد كان حكمه حكم من تركه .
ويقع أيضًا الحجاج في خطأ المكوث بمكة بعد طواف الوداع، فلا يكون آخر عهدهم بالبيت، وهذا خلاف ما أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- وبينه لأمته بفعله، فإن النبي أمر أن يكون آخر عهد الحاج بالبيت، ولم يطف للوداع إلا عند خروجه وهكذا فعل أصحابه.
ورخص أهل العلم في الإقامة بعد طواف الوداع للحاجة إذا كانت عارضة كبيرة، كما لو أقيمت الصلاة بعد طوافه للوداع فصلاها، أو حضرت جنازة فصلي عليها، أو كان له حاجة تتعلق بسفره، كشراء متاع وانتظار رفقة ونحو ذلك، فمن أقام بعد طوافه للوداع إقامة غير مرخص فيها وجبت عليه إعادته.
ومن الأخطاء أيضًا خروجهم من المسجد بعد طواف الوداع على أقفيتهم يزعمون بذلك تعظيم الكعبة، وهذا خلاف السنة الواردة عن سيدنا رسول –صلى الله عليه وسلم-.
ويخطئ الحجاج في التفاتهم إلى الكعبة عند باب المسجد بعد انتهائهم من طواف الوداع، ودعاؤهم هناك كالمودعين للكعبة، وهذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن خلفائه الراشدين.