حينما تزداد الصلة وتتوطد بين المجتمع والتعليم يرتقى المجتمع ويرتبط برحلة التنمية التى يكون لها أثر إيجابي على الفرد والمجتمع معا .. وحينما يبدأ الفرد الذى هو جزء من المجتمع فى تنمية قدراته ومواهبه يعيش فى مجتمع ناجح ومنافس لكل مجتمعات العالم , ولهذا سنسلط الضوء اليوم على ملف التعليم من الناحية الاقتصادية كونه مشروعا اقتصاديا لتنمية الاستثمار البشرى , والذى يعتبر من أهم جوانب الاستثمار على الإطلاق , ولا نبالغ إذا قلنا إن الاستثمار البشرى هو أساس كل جوانب وفروع الاستثمار .
فالتعليم الأصل منه أن يهتم بالتنمية الشاملة للأفراد عقليا وجسمانيا وخلقيا واجتماعيا للوصول الى تطوير وتحسين نوعية الجهد البشرى , لهذا ظهر ما يسمى بثورة الاستثمار البشرى فى دول كثيرة منذ عقود طويلة من أجل الوصول الى قدرات مختلفة تؤهل الفرد للوصول الى ذاته وتؤهل المجتمع للاستفادة من هذا الفرد .
ولهذا قامت حكومات الدول المتقدمة بجعل ميزانية التعليم هى الميزانية الأكبر بين ميزانيات مؤسساتها وربط التعليم بالأمن القومى ووضع سياسات تكفل الاستفادة من القوى البشرية التى تحصل تعليمها , ولهذا ظهرت قدرات ومهارات مختلفة لبناء الدول المهتمة بالتعليم عن طريق التدريب والتطوير التى تكاسلنا عنها فى مصر خلال العقود الكثيرة الماضية , لدرجة أننا وصلنا لحالة أكثر من سيئة فى التعليم خلال الـ 50 عاما الماضية .
فمثلا الولايات المتحدة الأمريكية لا تمتلك بشرا خوارق ولكن امتلكت فكرا اقتصاديا سليما وطبقته بشكل مبتكر, فكان أهم ما يشغل علماء أمريكا منذ بداية تأسيسها هو كيفية الإستفادة من رأس المال البشرى وإبراز الأهمية الاقتصادية للعنصر البشرى من خلال التعليم واكتساب الخبرات والقدرات والقيم الإيجابية بعكس ما كان يحدث فى مصر منذ زمن طويل , والنظرة الدونية التى كان ينظر من خلالها واعتبار أن المواطن ليس له قيمة وليس جزءا من الثروة ورأس المال .
والتعليم يرفع من الكفاءة الإنتاجية للمجتمع ككل من خلال تشكيل الإنسان المتحضر الذى يتسم باتساع الأفق والقدرة على استيعاب كل شىء , ولهذا يصبح الإستثمار فى التعليم ضرورة لتقدير الدخول الضائعة واستعادة الطاقات المهدرة على مدار الأزمنة السابقة .
يا سادة ... يجب أن يبدأ التخطيط داخل التعليم من جديد وفق ظروف وآليات العصر ووفق دوافع تحفظ للأجيال القادمة فى القرون القادمة حقوقهم فى الحياة , كما يجب أن يخلق التعليم فى الوقت الحالى الإنسان المتحضر الذى يرغب فى تغيير وترك العادات والتقاليد القديمة .