الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ولا أي اندهاش!


ما يَحْدُث في مِصْر يفوق الوصف .... لا يخلو أسبوعًا في أجندة الْوَطَن من حادث يؤدي إلي وفاة جماعية لعشرات الأرواح ..سقوط عمارة ، حادِث مروري ، غرق مركب نيلي ، تصادُم قطارات ، وغيرها من حوادث توجع الْقَلْب و تستفِز العقل !! تلك الحوادث تحدث في العالَم أجمع وتطالعنا الصُحُف يوميًا بما يجعلنا نتضرَع إلي الله راجين أن يَكُف عنا شر ما لا نَطِيق شره ، وَلَكِن الحادِث المصري له طابعه الخاص ككل ما يحمل الهُوية المصرية ، فيتميز بأنه داءمًا حادِث (متكرر) ، فيبدو أن الروتين الَّذِي اعتدناه طبّقناه حتي علي حوادثنا ، فهل ستفاجأ إذا قرأت الآن عن إنهيار عقار في الإسكندرية ؟أستجحظ عيناك مِن التعجُب لو سمعِت عَن تصادم ضخم علي طريق الصعيد ؟ وماذا لو تعلَّق الأمر بحادث قِطار أستندهش؟ طبعًا " ولا أي اندهاش " !!

وَذَلِك تحديدًا الأمر الثاني الذي يميز الحادث المصري أنه ( متوقَع )، فغرق إحدي المراكب النيلية في موسِم الأعياد يكون بمثابة طَقس مِن طُقوس العيد ، فنحن لسنا أقل وفاءً مِن أجدادنا عِندما كانوا يلقون بجميلة الجميلات كقربان للنيل ليفيض الخير ويُعم ، فمَع تطور الزمن أصبَح أقل " واجب " مع نيلنا الحبيب هو مركب حمولة عَشَر أفراد لَكِن علي متنها خمسين فَرد وسبعة عشر طِفل (تطبيقًا للنظرية المصرية الأصيلة الطفل تحت ١٢سنة خارج الْحِسَاب علي إعتبار كونه شَبح !!

ليس بكاءن مِن لحم ودم له وزن يجب أن يراعي).. أما العلامة الثالثة والثابتة في كل مُصِيبَة تدُق في رأس الْوَطَن هو (الخطأ البشري )، نحن شَعْب أعتنق " الفهلوة " كأسلوب حياة ولن أستثني أحد!! كُلُّنا هذا الرجل !! إذا تأملنا سلوكنا بدءًا مِن أثناء القيادة سنكتشف عوار في شخصياتنا مهما بلغت درجة ثقافتنا ، فمن مِنَّا يرتدي حزام الأمان ، متعلّلًا بأن الشوارع مكتظة فلا داعي لإرتداءه إلا علي طريق السفر مُتجاهلًا القانون ؟ أنا أول المتعللين فالأعتراف بالحق فضيلة... كم مِنَّا مُلِم بالعلامات المرورية ؟ وماذا عَن إستخدام المحمول فبالرغم مِن يقيننا بعاقبة هذا السلوك إلا إن جميعنا " بيسلمها لله " ... الله بريء مِن تصرفاتنا وجهلنا المتعمَّد فلقد أمرنا الرحمن بأن نعقلها ونتوكل وَلَكِن هيهات فنحن مَن تربينا علي إننا ( دهنا ألهوا دوكو) فما الداعي لنعقلها ثُم لنتوكل !! إحنا نتوكل علي طول !!...

حادِث وراء حادِث وَنَحْنُ كما نَحْن، فالمُهْمِل باقي علي إهماله والمُقصِر متشبث بتقصيره ، كم نحن بحاجة ماسة لوقفة مع النفس كّل في موقعه !! فمن يبني عقار سكني من عشرين دور بينما غير مرخص له غير بخمس أدوار مِن أجل الطمع المادي سيرتدع ويردع غيره إذا خلا البرج من السكان ولَم يستطع بيعه ، لأني كمشتري يجب أن أعقلها وأسأل الجهات المختصة عن مدي مطابقة هذاالبرج للشروط الهندسية ، التغيير يجب أن يكون شامل وأول المشمولين بالتغيير يجب أن يكون مَن سيقع علي رأسه العقار... في حادث القِطار الأخير ولن أطُيل عليكم بإعادة ما قيل علي مدي الأيام السابقة لَكِن كان اللافت للنظر الطريقة التي تمت بها مُعاقبة أفراد الإسعاف الذين التقطوا صور ( سيلفي ) وخلفهم حُطام القِطار بنقلهم لواحة سيوة !!

نفس الأسلوب العقابي المُتبع من أيام ما أخترعوا الْعِقَاب ، ولا أدري أهو عقاب لأهل سيوة بأرسال المتخاذلين إليهم أم هو الإصرار علي أن نميز بعض المناطق داخل الْوَطَن بأنها مناطق عِقابية؟ تغليظ العقوبة علي المخطيء ضرورة مُلحة ليلتزم جميعنا بما نستهين به مِن قوانين وَلَكِن ليس ذَلِك النوع من العقاب الذي أثبت فشله فأفضل عقوبة تأثر فينا كمصريين هي الحرمان مِن الأجازات وزيادة ساعات العمل والخصم المادي وهنا يقع الْعِقَاب علي رأس المخطيء وليس علي رأس أهل سيوة... لنُغير يجب أن نتَغَير ولنتذكر إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم....
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط