الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الإرهاب يستخف بفرنسا بضرب منظومة "سونتينال" لمكافحة الإرهاب


أثبتت عملية الدهس الإرهابية التي استهدفت مؤخرا في العاصمة الفرنسية باريس، 6 جنود فرنسيين، من المشاركين في عملية حماية فرنسا من الإرهاب المعروفة باسم "سونتينال"، أن الإرهاب أصبح منظومة تدار باحترافية تتعاظم قوتها بمرور الوقت لدرجة استهداف المنظومات الأمنية التي شكلتها الدول الكبرى الأمر الذي يتطلب موقفا حازما من كل دول العالم في مواجهة الإرهاب بعيدا عن ازدواجية المعايير.

فعلى الرغم من أن فرنسا حشدت لعملية سونتينال نحو 10 آلاف جندي معظمهم من الجيش وعدد أقل من الشرطة فإن الإرهاب واصل ضرباته إلى درجة أنه أصبح يستهدف جنود سونتينال التي تعني بالفرنسية " حارس " مما دفع البعض من أبناء الشعب الفرنسي إلى السخرية من استهداف حياة الذين يوفرون لهم الحماية مطالبين بتشكيل قوة "مدنية " لحماية أفراد سونتينال أنفسهم من الإرهاب.

وكان جزائري يعيش في فرنسا بشكل شرعي يدعى حمو بن الأطرش ( 38 عاما)، قام صباح 9 أغسطس الحالي بدهس 6 جنود بسيارة بي أم دبليو قام باستئجارها من إحدى الشركات مما أسفر عن إصابة الجنود الستة، ثلاثة منهم إصابتهم خطيرة وعلى الرغم أن السلطات الفرنسية لم تتمكن حتى الآن من إستجواب الجزائري بشكل كامل لإصابته خلال مطاردته على إحدى الطرق السريعة، إلا أن المعلومات المتاحة أكدت أن قائد السيارة تعمد دهس الجنود حيث ظل ينتظرهم حتى بدأوا عبور الشارع، وهنا زاد من سرعة السيارة بشكل كبير ليطيح بهم قبل أن يفر هاربا باتجاه الطريق السريع المؤدي لبلدة كاليه بشمال فرنسا.

و والخطير في الأمر، أن استخفاف الإرهاب بمن يحرسون أمن فرنسا، وصل إلى درجة أن كل العمليات الإرهابية الست التي وقعت في عام 2017 على الأراضي الفرنسية استهدفت جميعها أفراد سونتينال، على الرغم من أنه قد تم اختيار أفراد هذه العملية من أفضل العناصر في القوات المسلحة الفرنسية والشرطة.

أما الأخطر من ذلك فهي الرسالة التي أراد الإرهاب توجيهها للدولة الفرنسية من خلال اختياره لضاحية لوفالوا- بيريه بشمال باريس لتكون مسرحا لضربته الجديدة ضد جنود منظومة سونتينال . فضاحية لوفالوا - بيريه تحتضن مقر جهاز أمن الدولة الفرنسي " DGSI " التي تعتبره فرنسا أقوى جهاز أمني في أوروبا . يشار إلى أن بن الأطرش ويعمل سائقا ليس لديه سوابق في أمن الدولة الفرنسي لكنه إتهم في جنحة عادية تتعلق بمخالفة قانون إقامة الأجانب على الأراضي الفرنسية.

ومن جانبه إعتبر تيبو دومونتريبال، رئيس مركز دراسات الأمن الداخلي وعضو المجلس العلمي بالأكاديمية الحربية الفرنسية، أن الإرهاب يريد من خلال استهداف منظومة سونتينال توصيل رسالة مفادها أن استراتيجيته تقوم حاليا على استنفاذ قوة رجال سونتينال ليتفرغ بعد ذلك لضرب المدنيين.

ووصلت الإنتقادات لمنظومة سونتينال إلى درجة أن البعض في فرنسا طالب بتفكيك المنظومة ليس فقط لفشلها في حماية نفسها ولكن بزعم تعارض مهامها مع مهام الجيش المنوط به حماية البلاد من العدو الخارجي، لكن رئيس البرلمان الفرنسي ، فرنسوا دو روجي، بادر بالرد على هذه الإنتقادات لافتا إلى أن حماية الأراضي الفرنسية تندرج ضمن أولويات مهام القوات المسلحة الفرنسية.

أما اللجنة البرلمانية التي تشكلت لتقييم عمل منظومة سونتينال فقد أوصت بتخفيض عدد جنود المنظومة إلى 3 آلاف جندي فقط على أن تقتصر مهمة جنود سونتينال على تأمين المناطق الحساسة والإستراتيجة فقط في البلاد، لكن وزيرة القوات المسلحة الفرنسية فلورانس بارلي أعلنت أن سونتينال ستظل قائمة لكن سيتم إدخال تعديلات عليها بزيادة فعاليتها لتتلاءم مع التطورات التي استجدت في مجال مكافحة الإرهاب.

وفي النهاية فإن نجاح الإرهاب في إستهداف حياة رجال المنظومة الأمنية الفرنسية التي تشكلت لمكافحة الإرهاب تؤكد ضرورة عدم أتباع فرنسا لإستراتيجية "البيزنس مان" التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مواجهة الإرهاب، لكن ذلك يتطلب مقالا آخر لإثبات خطورة هذه الإستراتيجية التي كشفت عن نفسها من خلال ميوعة الموقف الأمريكي من قطر الممول الرئيسي للإرهاب.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط