قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

"أمانة الفتوى" توضح حكم من ترك المبيت بالمزدلفة وغادر قبل منتصف الليل


أرسل صاحب شركة سياحية سؤالا لأمانة الإفتاء عبر صفحتها الرسمية يقول فيه: هل يجوز الدفع من مزدلفة قبل منتصف الليل؟

ردت قائلة: الحج مِن العبادات التي جَعَلَ الشرعُ مَبنَى أمرِها على التخفيف والتيسير، وقد وَرَدَ في السُّنَّة تأصيلُ قاعدةِ ذلك؛ فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وَقَفَ في حجة الوداع بِمِنًى لِلناس يَسألونه، فجاءه رجلٌ فقال: لم أشعُر فحَلَقْتُ قبل أنْ أذبح؟ فقال: «اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ»، فجاء آخر فقال: لم أشعُر فنَحَرْتُ قبل أن أرمي؟ قال: «ارْمِ وَلَا حَرَجَ»، فما سُئِلَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم عن شيءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ إلَّا قال: «افْعَلْ وَلا حَرَجَ» متفقٌ عليه.

وأضافت اللجنة المبيت بالمزدلفة قد اختلف فيه العلماء: فمنهم مَن ذهب إلى أنه ركنٌ؛ وهو قول الحسنِ البصريِّ وبَعضِ التابعين وأفرادٍ مِن الفقهاء.

والصحيح الذي عليه جمهور العلماء أنَّ الوقوف بمزدلفة ليس مِن أركان الحج؛ قال الإمام النووي [قد ذكرنا أن المشهور مِن مذهبنا أنه ليس بركنٍ، فلو تركه صَحَّ حجُّه؛ قال القاضي أبو الطيب وأصحابنا: وبهذا قال جماهير العلماء مِن السلف والخلف] اهـ.

ثم القائلون إن الحج دونه صحيحٌ تامٌّ اختلفوا في وجوبه: فمنهم مَن ذهب إلى أنه واجبٌ؛ يصحُّ الحج بدونه ويُجبَر تركُه بدمٍ، وهو الأصح عند الشافعية والحنابلة، ويحصل الوقوف بمزدلفة عندهم بلحظةٍ مِن النصف الثاني مِن ليلة النحر ولو بالمرور، ووجوب الدم خاصٌّ بمن ترك المبيت بلا عذرٍ، أما مَن تركه لعذرٍ فلا شيء عليه؛ كمَن انتهى إلى عرفات ليلة النحر واشتغل بالوقوف بعرفة عن المبيت بالمزدلفة، وكالمرأة لو خافت طروء الحيض أو النفاس فبادرت إلى مكة بالطواف، وكمن أفاض مِن عرفات إلى مكة وطاف للركن ولم يمكنه الدفع إلى المزدلفة بلا مشقةٍ ففاته المبيت، وكالرُّعَاة والسُّقَاةِ فلا دم عليهم لترك المبيت؛ لحديث عديٍّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أرخص لرعاء الإبل في البيتوتة خارجين عن مِنًى. أخرجه الإمام مالك في "الموطأ" وأبو داود والترمذي وقال: حسنٌ صحيح، ولأن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يبيت بمكة ليالي مِنًى مِن أجْل سقايته فأذن له. متفقٌ عليه.

وبِناءً على ذلك: فإن المعتمد في الفتوى في هذه الأزمان التي كثرت فيها أعداد الحجيج كثرةً هائلةً هو الأخذ بسنية المبيت في مزدلفة، وهو قول الإمام الشافعي في "الأم" و"الإملاء"، وقولٌ للإمام أحمد كما حكاه صاحب "المستوعب" مِن الحنابلة، بينما يكتفي المالكية بإيجاب المكث فيها بقدر ما يحط الحاجُّ رحله ويجمع المغرب والعشاء، وأن الجمهور القائلين بوجوب المبيت يسقطونه عند وجود العذر، ومِن الأعذار حفظ النفس مِن الخطر أو توقعه، فيكون الزحام الشديد الذي عليه الحجُّ في زماننا والذي تحصل فيه الإصابات والوفيات -سواء أكان حاصلًا للحاج في مكانه أم متوقَّعَ الحصول في المكان الذي سيذهب إليه- مرخِّصًا شرعيًّا في ترك المبيت عند الموجِبين له.