طارق شوقي

السيد الدكتور المهندس طارق شوقي ، لقد طال شوقي للحديث إليك .. غالبتُ فضولي في أن يبدأ حديثي بمشوارك الطويل في العمل معَ اليونسكو ، وقاومت رغبتي العارمة في سؤالك عَن ما يُميز تجربتك كطالب دَرَس في كلية هندسة (جامعة القاهرة )وكعَمِيد يُدِرِس لطلبة كلية العلوم والهندسة التكنولوجية( بالجامعة الأمريكية) ، وَلَكِن وجدت أن أداءك المستنير وقراراتك الهادئة كوزير للتربية والتعليم بمثابة شَرْح وافي لرحلتك الطويلة دون سؤال.

دكتور طارق لقد طرقت بابًا لَدَى الأسَر المِصرية لم يستطع أن يدنو من عتباته كل مَن سبقوك في إدارة تِلْك الوزارة هُو باب "الصِدق "... زَرعت ثِقة المصريين في شَخصَك فحصَدت إيمانهم بعَمَلَك ،إستطعت أن تحلُم وتسعي في تنفيذ ذلك الحِلم، ولكن أتعلَم يا سيدي أن القدرة علي الحِلم أحيانًا تتطلب قدرة أكبر مِن تنفيذه وخاصة عندما تحلم وأنت تحيا في رَحِم كابوس مُزعج... لقد أَثبَتْ أن مِصْر مشكلتها الأساسية ليست في فقر الموارد وإنما في فَقْر الخيال... فهل تسمح لي بأن أُشاركك حِلمي؟ .

داءمًا ما أشْعر بأن" المشكلة " ما هي إلا أفعى في شكلها و تفاصيلها... ولتأمن شَر الأفعي يجب أن تُقَطَّع رأسِها، فكل المشاكِل اللتي يواجههُا الوطن ستُحَل جذريًا إذا تخلصنا مِن إنهيار منظومة التعليم "رأس أفعي "المشاكل في مصر ، لن نرتقي أبدًا ونحن نَرسِم مستقبلنا علي ورق الملازِم !! أَعْلَم يا دكتور طارق أن هذا ما تُدركه وتسعي لتغيره بتطبيق نُظم تكنولوجية للتعليم بالألعاب والتعليم التفاعلي ولكن تَظَل كل تلك المجهودات ما هي إلا تطوير للتعليم وليس للثقافة !! فالتعليم يُدرِكنا دُون عناء أما الثقافة فلا نُدركها إلا بالعَنَاء الذي يتطلب الوفَاء في البحث والشغف للمعرفة... المدَي الذي نصل إليه في التنقيب عن المعلومة هي مَن تحدد هُوّياتنا ، التعليم الذي ننشده سيمنح الأدوات اللازمة للبحث ويضعَ كُل طالب علي طريق مُمَهَدْ يصلح لتِلك الرحلة.

أحلم بأن الأسابيع الدراسية الممتدة لأكثر مِن ٣٥ أسبوع أن يكون لِكُل منها نشاط مميز يُنمي قدرات الطالب والمدرس المعرفية سواء، يفتح باب إكتشاف المواهب وإستفزاز المَلكّات ، فمثلًا أسبوع يكون مخصصًا لمناقشة أحد الأفلام أو الكتب أو شخصية عامة ، يمكن أيضًا مناقشة مكان ما ذو دلالة تاريخية أو البحث عن أحد الظواهر الجغرافية حتي أنه من الممكن الأستعانة بنموذج الأتحاد الأوروبي الذي ينفذ في بعض الجامعات وذلك عن طريق أن تتولي كل مجموعة دولة معينة وتُلم بكل تفاصيلها وكأنها إبن مُثقف من أبناء تِلْك الدولة حتي لو كان يدافع عن عكس قناعاته وغيرها من النماذج والأفكار اللتي تؤسس جيلاً يناقش ويستمع ويبصِر الحَد الفاصِل بين الخِلاف والأختلاف ، تتم تلك المناظرات والمناقشات بحضور أساتذة متخصصين من الجامعات المختلفة لتكون أراءهم إضافة حقيقية للعناصر المدرسية ككل ، وتقيمهم للطالب والمدرسة منزّهاً مِن أي غرض...قِفْ علي باب الأمل  فأنت "طارق" صبور ، "شوقي " لِغَدٍ أفضل هو ما سيعينك علي مشقة إدراك ذلك الأمل،  فأنا أستحق هذا العناء،  فأنا ( مِصْر ) .....