قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

سيادة قطر "المطاطة"

×

هل تعتقد قطر أن توقيع اتفاق التعاون في مكافحة الإرهاب مع الولايات المتحدة كاف لإنهاء أزمتها مع الدول المقاطعة؟ قناعتي الشخصية أن هذا الاتفاق قد فضح عورات القيادة القطرية، بل هو اعتراف صريح ومباشر ودامغ بتورطها في الرهاب ودعمه وتمويله، والدليل الثابت على ذلك ما نشر بالأمس في وكالة "رويترز" حول انتداب مسؤولين أمريكيين للاقامة الدائمة في مكتب النائب العام القطري لمراقبة تنفيذ قطر للاتفاق الذي وقعته مع الولايات المتحدة الأمريكية.

لا أدرى أين كانت "سيادة قطر" التي صدع الإعلام القطري بها رؤسنا حين وافقت القيادة القطرية على قبول مراقبة أمريكية لتنفيذ الاتفاق؟ ثم ألا يعد ذلك تعبيرا عن شكوك أمريكية واضحة في جدية قطر في محاربة الإرهاب؟ وأين اختفى الحديث القطري المتكرر عن سلب السيادة؟ أين حمرة الخجل؟!

المسألة برمتها أن التذرع بسيادة قطر هو عبارة عن كلمات جوفاء تتشدق بها القيادة والإعلام القطري من أجل ادعاء بطولة فارغة تعلمتها على يد إخوان الإرهاب وبقايا فلول المنتفعين من أمثال ابن بشارة وغيره من المرتزقة الممولين من الخزانة القطرية سواء في الدوحة أو وكالاتها الإعلامية المنتشرة في تركيا وبريطانيا وغيرها من الدول والمناطق.

استجابة قطر لشروط الولايات المتحدة في مراقبة تنفيذ الاتفاق الأمني هو اعتراف صريح بصحة موقف الدول المقاطعة، بدليل أن الولايات المتحدة نفسها لم تقف عند حد توقيع الاتفاق بل أجبرت القيادة القطرية على القبول بشروط مراقبة تنفيذه من خلال مسؤولين أمريكيين يراقبون أداء النائب العام القطري وتنفيذه للقوانين!

المشكلة ليست في موقف الولايات المتحدة التي أملت شروطها على قطر، فلولا تشككها في نوايا القيادة القطرية ويقينها من عدم جديتها في مكافحة الإرهاب، ما فعلت واشنطن ذلك، بدليل أنها لم تقدم على مثل هذه الخطوة سوى مع قطر، ولكن علينا أن نتفهم دوافع الولايات المتحدة وحرصها على مصالحها الاستراتيجية كدولة قائدة للنظام العالمي القائم، ولا تريد أن تترك قطر تتلاعب بملف مكافحة الإرهاب بهذه الطريقة العبثية، ولكنها في الوقت ذاته تريد أن تحافظ على مصالحها الاستراتيجية التي تؤمنها لها قطر.

الموقف الأمريكي متسق تمامًا مع حسابات السياسة والعلاقات الدولية، ولكن الإشكالية تبقى كامنة في الموقف القطري المتضارب حيال مكافحة الارهاب، فهي ترفض تمامًا مطالب الدول المقاطعة بالكف عن تمويل الإرهاب، ولكنها تقبل رقابة أمريكية على خطواتها في مجال مكافحة الإرهاب!

لا استغرب السلوك القطري، فالمعايير كلها لدى القيادة القطرية بشكل عام زئبقية مطاطة قابلة للتأويل والتحريف والتعديل، فاحتضان الارهابيين يسمى في قطر حماية لحرية التعبير، وتمويل الإرهاب يسمى دعم دفاع الشعب عن الحرية والكرامة، والعبث بأمن الدول واستقرارها يسمى دعمًا لمطالب الشعوب في الديمقراطية والعدالة!

خلط كامل متعمد للأوراق تعانيه القيادة القطرية، التي تبحث عن دور إقليمي وزعامة سياسية لا تجدها ولا تشعر بها سوى من خلال وجودها وسط زمرة من الارهابيين والمارقين والمتمردين، رغم أن الحسابات والارقام تؤكد أن انفاق قطر على تمويل الارهاب بالمليارات كان يمكن أن يتحول إلى رافعة استراتيجية لا غنى عنها للتنمية والازدهار والقضاء على الفقر والأمية والبطالة في المنطقة العربية لو أحسنت القيادة القطرية النوايا واخلصت العمل لمصلحة الشعوب التي تزعم الدفاع عنها!

وبحسبة بسيطة، يمكن أن يدرك أي مراقب موضوعي أن عشرات المليارات التي انفقتها قطر في تمويل تنظيمات الارهاب ورعايتها كانت يمكن أن تغير وجه المنطقة إلى الأحسن والأفضل ولكن من خلال الباب الحقيقي للتغيير، وهو التنمية والبناء، وليس عبر المؤامرات والخطط الانقلابية وتحريض البسطاء على الفوضى والعنف!