فجأة ودون أي مقدمات بدأ تنظيم حزب الله اللبناني معركته الجدية في منطقة جرود عرسال، ليعلن عن نيته تطهيرها من الإرهابيين حسب زعمه، علما أن الأنظار كانت تتجه نحو الجيش اللبناني والعملية الوقائية المنوي القيام بها من قبله في نفس المنطقة، إلا أن الحزب كان أسرع، فبدأ المعركة وأنهاها في أسبوع دون تحقيق أي نتائج إلا من خلال مزاعم إعلامية فقط لا غير.
فقد ترافقت هذه المعركة مع حشد إعلامي من قبل الحزب، حيث تم الترويج لها باعتبارها معركة لبنان ضد الإرهاب وبأن الحزب يقاتل نيابة عن اللبنانيين جميعا ومن كل الطوائف وبأن الجميع راضٍ عن معركته وسلاحه، وترافقت أيضا مع حملة "مسعورة" على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تحول كل معارض لهذه المعركة خاصة وسلاح الحزب عامة إلى خائن وعميل وإرهابي.
حزب الله وجه معركته الكرتونية باتجاه جبهة النصرة فقط، علما أن الخطر كامن في المنطقة أيضا من قبل تنظيم داعش أيضا، إلا أن الحزب لم يوجه رصاصة واحدة باتجاه المنطقة التي يتحصن بها عناصر داعش، كما أن أعداد قتلى الطرفين غير منطقي، حيث ارتفع بشكل كبير خلال أيام وبطريقة لا تتناسب مع التطورات على الأرض، خصوصا من جانب الحزب، حيث أكدت مصادر لبنانية وسورية قريبة من الحزب أن قتلى حزب الله الذين أعلن أنهم قتلوا في جرود عرسال قتلوا قبل المعركة بأيام في معارك البادية السورية وتم التحفظ على أخبار موتهم إلى أن بدات معركة عرسال ليتم تقديمهم على أنهم "استشهدوا لتحرير لبنان" وتحويلهم إلى أبطال قوميين لبنانيين.
جبهة النصرة ورغم إعلان الحزب أنها لا تزال تسيطر على مساحة 10 من المساحة التي كانت تحت يدها فقط، إلا أنها استطاعت الوصول إلى الهدنة والمفاوضات والإبقاء على أسراها من الحزب الإيراني، ما يؤكد أنه لا تغيير حقيقي حصل على الأرض إطلاقا.
الناظر إلى معركة عرسال يجب أن ينظر لها من المنظار الإقليمي، فقطر وإيران أصبحتا في خانة سياسية واحدة، واللعب أصبح على المكشوف، خصوصا في سوريا، وبدأت إيران بتحصين مناطقها التي تؤمن لها ممراتها الاستراتيجية ومناطق نفوذها الاقتصادي، المنطقة الحدودية هامة جدا لها كظهير للعاصمة دمشق، وبالتالي فإن إخراج عناصر النصرة التابعين لدويلة قطر كان يحتاج لمسرحية لنقل العناصر إلى منطقة ريف إدلب، وفي نفس الوقت ينجح هذا الحلف بالإبقاء على عناصر حزب الله في لبنان كأداة ضغط إقليمية للاستعمال عند الحاجة.
علما أن هذه المحاولة لتلميع حزب الله أتت في الوقت الذي ينتظر فيه الحزب قرارات أمريكية وأممية لتصنيفه كحزب إرهابي وإصدار قائمة جديدة من مسئوليه كمطلوبين إرهابيين، إلا أن المحاولة كانت فاشلة جدا بعد بدء صدور هذه القرارات والتي كان أولها من الكونجرس.
سموم إيران وقطر تنفث في المنطقة دون استثناء أي بلد أو شعب، والمواجهة يجب أن تكون قاسية وجادة، وإلا فإن المنطقة ستدفع الثمن غاليا بنشر المزيد من التطرف والاحتقان الطائفي الذي لا يخدم إلى هذا الحلف الجديد الذي يضم إليه تركيا أيضا..
وللحديث تتمة