قدم أحمد عزيز باحث دكتوراة في النقد الأدبي بكلية الآداب جامعة عين شمس قراءة نقدية لرواية "قالت ضحى" للكاتب الكبير بهاء طاهر، موضحًا صورة ثورة يوليو في الرواية؛ وذلك بمناسبة ذكرى ثورة يوليو.
وأكد عزيز أن بهاء طاهر بحث في التاريخ واستحضر في روايته "قالت ضحى" التي صدرت طبعتها الأولى 1985 تاريخ ثورة يوليو، معبرا فيها عن تأثير الثورة على المجتمع المصرى، أو كيف كان أحوال المصريين فى أعقاب ثورة يوليو ومدى نجاحها؟، والتي مر عليها قرابة 23 عام آنذاك، ليشير إلى أن الوجوه تختلف إلا أن الجوهر واحد وكما قال بطل الرواية "فإن الحية لا تموت".
كما يكشف طاهر بصورة أدبية خاصة تجمع إلى جمال الشكل ودقة الحفر والتسجيل والرسم على سطحها الأملس تارة الجعد تارة أخرى عن خيبة الأمل التي أحاطت بالشباب ومثال على ذلك حاتم الذي كان يؤمن بالثورة ولكنها ماتت بداخله بعد أن عرف أن الحية لا تموت ويتولد منها حية جديدة، فالرأس يقطع لكنها تأتي برأس جديد.
وأشار الباحث إلى أن الجانب السياسي هو المسيطر على أحداث الرواية، فتناقش رؤية المجتمع لثورة يوليو وتوضح أسباب وأهداف الثورة التي قامت من أجلها ولم تتحقق، فبطل الرواية سيد قناوي يحاول بكل ما أوتي من قوة أن يحصل على شهادة جامعية للتعلم يحقق من خلالها طموحاته الاجتماعية والثقافية، لكن ظروفه الاجتماعية تحول دون ذلك، بينما الباشا سلطان بيه يتملق وينافق ويحصل بأقل تعب على ما يريده من جاه وسلطة، ويعتبر معادل لما كانوا في عهد الملكية من البكوات والبشوات.
وأكد عزيز أن بهاء طاهر كشف الحالة التي وصلت إليها مصر في عصر مبارك، حيث سلبية المثقف وانحطاطه في قاع السلم الاجتماعي، والأوضاع الاقتصادية المتردية وتكدس البطالة وانتشار اليأس والاحباط بين الشباب الذي يولد حالة من الكفر بكل ما يردد من شعارات.
وقد جاء كلمات ضحى معبرة عن ذلك في حوارها مع البطل :"الظلم لا يبيد.. ما الحل؟ – أن تحدث ثورة على الظلم.. نعم تحدث تلك الثورة، يغضب الناس فيقودهم ثوار يعدون الناس بالعدل.. ويبدءون بقطع رأس الحية، ولكن سواء كان هذا الرأس اسمه لويس السادس عشر أو فاروق الأول أو نوري السعيد، فإن جسم الحية على عكس الشائع، لا يموت، يظل هناك، تحت الأرض، يتخفى، يلد عشرين رأسًا بدلًا من الرأس الذي ضاع، ثم يطلع من جديد.. واحد من هذه الرءوس اسمه حماية الثورة من أعدائها، وسواء كان اسم هذا الرأس روبسيير أو بيريا فهو لا يقضي، بالضبط، إلا على أصدقاء الثورة.. ورأس آخر اسمه الاستقرار، وباسم الاستقرار يجب أن يعود كل شيء كما كان قبل الثورة ذاتها.. تلد الحية رأسًا جديدًا، وسواءً كان هذا الرمز نابليون أو ستالين فهو يتوج الظلم من جديد باسم مصلحة الشعب.. يصبح لذلك اسم جديد، الضرورة المرحلية.. الظلم المؤقت إلى حين تحقيق رسالة الثورة.. وفي هذه الظروف يصبح لطالب العدل اسم جديد يصبح يساريًا أو يمينيًا أو كافرًا أو عدوًا للشعب بحسب الظروف".
رواية "قالت ضحى" تقدم رؤية خاصة تعري صور الفساد المستشري في المجتمع وبين أركان الدولة العميقة عقب ثورة يوليو، من خلال الرؤية السياسية التي تمثل الركن الأكبر من الأحداث، إلى جانب الفتاة ضحى وحكايتها الغرامية في الحي الذي تقيم فيه ، وكذلك البطل سيد قناوي.
وأوضح بهاء طاهر بشكل عبقري صورة ثورة يوليو وآثارها على أحوال المجتمع المصري متلاشيًا الخطابات الرنانة والطنطنة الروائية الفارغة بكل صراحة ووضوح عبر عن الفساد والقهر الاجتماعي الذي يعانيه المصريين، فقدم نموذجًا لذلك متمثلا في حياة الفتاة "ضحى" البطلة التي يقع في غرامها جميع أغلب المحطين بها ومن تعرفوا عليها ولا يستطيعوا نسيانها، ورغم زواجها إلا أنها تعبث كما تشاء.