قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

مشاهد مروعة تحاصر قرنا حالما بالهدوء ...!!


يهيم على وجهه وسط الظلام ... فسرعان ما يصطدم هنا بجدار ... ويقع هناك على شفرة حادة لسكين كأنه ينتظر ثأره من ضال جبان ...

لا يستقيم المشهد حين ترويه أكوام الحوادث التي وقع منها ثلاثة في لحظات زمنية متقاربة بداية 2017م وعلى نطاق جغرافي ممتد ببطولة سلفية مطلقة لثلاث حوادث متوالية بإجادة كارثية مفجعة ...!!

فليس للقوم إبداع في علم أو شهره في فلسفة أو معرفة بإنتاج يزدهر به التطور أو بحث علمي يحاصر المرض وينشر الأمل ..

هم تخصص اعتداء وعدوان وكراهية .. يسجلون كل يوم بمفكرة الزمان ما يجود به إجرامهم من عصيان ..!

ففي أحد شوارع أبو تيج جنوب مصر... تكون تشكيل عصابي حفظ سطرين من أحاديث أبي داود والبخاري لتنهار على أثرها لحى سلفية تختفي خلف سوادها صدورهم .. وعلى الرؤوس أغطية من القماش تعلن معاداة الذكاء الموصول بأشعة الشمس وبدأ التشكيل السلفي على الفور في فرض مفاهيمه الضالة على أهل المنطقة ..

أراد أن يحشر داعش بفكرها وعقائدها حول معابد المصريين العظماء المشيدة والباقية في عهدة التاريخ تحكي قيما سائلة ..

عن عظمة الراقد هنا تحت التراب .. وهو يشدو بسطوره التي يتلوها من كتاب الموتى " .. جئتك يا إلهي متحليا بالحق.. متخليا عن الباطل.. فلم أظلم أحدا ولم أسلك سبيل الضالين.. لم أحنث في يمين ولم تضلني الشهوة فتمتد عيني لزوجة أحد من رحمي ولم تمتد يدي لمال غيري.. لم أقل كذبا ولم أكن لك عصيا..".!!

ليأتينا اليوم بضلاله ويدوس بعصيانه هذا الفكر السلفي البدوي الغازي الذى احتل عقول صبية ضلت معارفهم فيندفع الشباب خلف امرأة في أبو تيج بالعصي كي يلزموها بتغطية الوجه الذى هو إخفاء لم يفرضه دين ولم يطلبه فقه سوي والله يحرم على النساء تغطية الوجوه أثناء الطواف .. فإن كان فضيلة كيف منعها في بيته المحرم ... وإن كان رذيلة كيف يطلبونها باسمه المعظم في شوارعنا التي تهيم بها فتنتهم ..؟

تمضى الحادثة بهولها في شوارع أبو تيج بصعيد مصر لتقول ما يكفي عن المخاطر التي يحملها فكر لم يتمكن بعد .. فكيف إذا صعد فوق رقاب الوطن وبيده نصل سكين ومنكر .؟

المشهد الآخر سلفي بهواه ... سلفي بأفكاره ومكره والذى راح مخضبا بفضيحته ينعي وطن الثقافة والكرامة والتسامح .. الوطن المصري الذى أهدى العالم كله فضيلة الكتابة فكتب .. وفضيلة القراءة فقرأ ...

يأتينا المشهد بخزيه من وسط أفريقيا .. من الجابون .. حيث المنتخب المصري لكرة القدم هناك يقدم عروضا كرويه تدعو إلى التواصل بين الأمم كون الكرة معبرا للتواصل وكوبري للوصول وفكرا ينتصر على الانزواء عندما يجمع حوله الجماهير لتتنافس بروح رياضية ...!

حان صلاة الجمعة ... ذهب الفريق الرياضي ليقيمها في أقرب جامع قد اشرفت منه مئذنة .. وانبعث منه أذان كالأذان .. وقبلته إلى البيت الحرام ... إمامه يتلو آيات من القرآن ... الصلاة فيه كالتي كانت في المدينة قبل المذاهب ... اقترب الفريق .. فهُمس في أذنه أن المسجد للمسلمين الشيعة .. فتراجع المنتخب الرياضي المصري عن الدخول له والصلاة فيه ... تحت لافتة زور ... وشعور كرائهي مغمور... حينها لفظتهم الصلاة وأدانتهم الأناة .. . !!

كيف تسرب المكر السلفي إلى أفراد المنتخب على هذا النحو ..؟

والمسجد بيت من بيوت الله لمسلمين على مذهب من مذاهب الإسلام الكبرى ....فكيف وسوس شيطانهم وهجم بعبوسه فنفرهم ... ليمتنعوا عن مس قداسته ولمس سجادته بحجة أنه يدين بالإسلام على مذهب لا يعرفونه .. وبالتشويه السلفي يقصدونه .. ؟؟

منذ متى كان هذا المشهد يتجول في رواق مصري .... ومصر هي التي أسست دارا للتقارب بين المذاهب ودرست فيما قبل مذاهب المسلمين دون أن تجعل لبعضهم على الأخر رأيا غالبا.. بل تصدر إمام الأزهر الشيخ شلتوت وأصدر في النصف الثاني من القرن العشرين فتوى شاملة بجواز التعبد بالمذهب الإمامي كأحد المذاهب السائدة المعروفة ..!

من الذى نفث هنا سمومه .. وجعل الرياضة مركبا للفتنة ... تتدحرج بين أقدام اللاعبين ككرة من نار ..ليستغلها إعلام مأجور وكُتاب الشيكات باليورو والدولار ..!!

هنا فقدت الكره جمالها وهدفها .. وتحولت إلى فعل طائفي ينبذ التواصل فلا يتواصل ... ويمتنع عن الإنصات لقول يقبل منه الحق ويترك ما سواه مادام الرجال يحملون عقلا ...

إنه الهوس السلفي الذى لوث بيئاتنا كلها ولم يكتف بجلد امرأة أبوتيج ليجلد سمعتنا الدولية في الجابون وتحت عيون الإعلام ..!!

ينقلنا نفس الزمان وعلى عجل ..

إلى أوروبا القارة العجوز .. لنتأمل فعل رجل ملتحٍ في العقد الثالث من عمره .. أمامه الحياة التي تركته .. والأمل الذى انصرف عنه .. ومعه العقل الذى عاداه فلم ينصفه يوم حشاه بفكر سلفي يكره الجمال والآخر ..

نُفاجأ بلحيته ... ومن كلماته تظهر ملته ... وفي باقي السطور تأتينا حكايته ..!!

في هولندا .. وبجوار الطريق العام .. وفي وضح النهار .. جثة ممددة على الأرض .. ملقاة على ظهرها تعلوها سكين مغروسة في الصدر وقد ثبت الجاني غرسته على ورقة تحكي قصته تركها الإرهابي المغربي لتقول لنا عن هدفه ..!

ذهبت الشرطة على عجل ... لتجد المخرج الهولندي ثيوفان جوخ قد فارق الحياة ومكتوب على الورقة المغروسة فيها السكين النافذة إلى قلب القتيل .. " قتلته من أجل الجهاد في سبيل الله ..".

المشاهد الثلاثة أبناء بيئة فكرية واحدة بمناسيب وطرق مختلفة .. بعضها في نهاية الطريق والأخر لا يزال في حلبة التدريب وأوسطهم يمارس مبادئ السلاح في شوارعنا بما يملك من عصي ...

فإلى متى يبتز هذا الفكر السلام العالمي .. ويُترك بمكره كي يهيل التراب على أمل يتشكل في عالم هادئ ينعم بالاستقرار والأمن .. إلى متى؟.