الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تعَ اشرب موخيتو


خليك فاكر أن مِصر جميلة، فهل من مُعترض ؟ نحن شعب عظيم أجدادنا قدّموا قرابين الحياة التي يقتات عليها العالم إلي يومنا هذا ، فهل من شَك ؟ إذًا سيكون مدهشًا لقاء الجميلة والعظيم، الجميلة تناديه فتأسر قلبه وتسحر عَقله ،، ومن يستطع مقاومة هذا الجمال ؟ فيدخر ماله ويجمع عِياله ويشد رحاله....

يطلق العظيم علي تِلْك ( الطَلعة) اسم المصْيف أو الرحلة وأحيانًا يكتفي بالإشارة أنها إجازَة خجلًا من إظهار شوقه و ولعه وضعفه أمام عيونها الحلوة ، تتزَين للقائه أينما ذهب باحثًا لينشد جمالها وكل مكان لُه قدْره.... لِقَاؤهم جَلل ، حديثُهم صَخب، يمكن رَصْد تبعاته بدءًا من حديقة الحيوان مرورًا بشواطئ جمصة نهايةً بمنتجعات وفنادق البحر الأحمر ... وكعادة الأشياء بأن تنتهي بعكس ما بدأت عليه فالليل ينتهي بالنهار و الحُب ينتهي ( أحيانًا) بالبهدلة و خاصةً عِندما يكون من الحب ما قَتَل، لم يشفع للجميلة حُسنها وبهاؤها وحُسْن استقبالها للعظيم ،.. ولم يُحرك الحُب ساكنًا في جنباته ليُحسن معاملتها... فمبدأه " أحبك آه أراعيكِ لا " و حجته داحِضة جاهزة ألا يكفيكِ ما دفعته ثمنًا لألتقيكِ؟؟ أزمة تواجهها السياحة الداخلية في مِصر في كافة ربوعها وباختلاف أنواعها ...

عدم الوعي الذي يتعامل بِه مرتادو الحدائق العامة مع المكان ومظاهر الفوضي والإزعاج والإهمال اللتي يشهدها المكان هو نَفْس الوعي المفقود الذي ترصده علي الشواطئ اللتي تحولت إلي مقابر للحفاضات والكانزات وفضلات الطَّعَام وما يثير الحيرة آنّى لنا بذلك السلوك، لم يؤت أجدادنا مثل تلك الأفعال؟ الصيف كان فصلًا مقدسًا فهو فصل الحياة، الشواطئ كانت للبحث عن الراحة والحُب والسينما في ذلك الوقت خير دليل فلم نرصد شادية وهي تصطحب معها ( حلة محشي ) علي البحر.

ورشدي أباظة لم نره متلبسًا( ببطيخة) يبقُرها ويلقي بقشرها محملًا بأمنياته الطيبة للحدود الإيطالية نظرة الناس في ذلك الوقت للمصيف وأهميته يمكن قراءتها من أفلام تلك الفترة مثل( البنات والصيف ) ،( إجازة نصف السنة) ، ( أبي فوق الشجرة) ( في الصيف لازم نحب) وغيرها من اللقطات اللتي كان بطلها البحر وتمتلئ بها ذاكرة السينما المصرية ، فالشاطئ يتسع حضنُه لكل الناس باختلاف طبقاتهم و اتفاق عقيدتهم ، عقيدة ( الرُقي)...

ومع الوقت قدَّم لنا التغيير الذي هو سِمة الحياة صورة جديدة للمصيف جعلته متاحًا علي مدار العام فعرفنا المنتجعات والقري السياحية واللتي ظلت مقصورة لفترة طويلة علي الأجانب وعلي عائلات مصرية بعينها مشهود لها بأنها أجنبية التفكير للحفاظ علي المليارات اللتي تم ضخها كإستثمارات ضخمة في تلك المنتجعات... ولكن دوام الحال مِن المحال فالأزمات اللتي مرَ بها الوطن علي مدي سَبْع سنوات ألقت بوجهها القبيح علي القطاع السياحي فكان أول شهداء تِلْك المِحن ...

ومع محاولة أصحاب الفنادق لمواجهة الأزمة والبحث عن حلول بديلة ليس سعيًا وراء الربح ولكن وراء ما يمسك رمق آلاف مؤلفة من العاملين في ذلك القِطاع فما كان إلا فتح الأبواب علي مصراعيها لأولاد البلد وذلك بتشجيع السياحة الداخلية والترويج لرحلات يتولي تنظيمها النوادي والشركات والهيئات والمؤسسات بديلًا أو إلي جانب شقق المصيف التقليديّة وقطعًا هي أعلي سعرًا نظير لما سيحصل عليه رواد المكان من الاقامة الشاملة...

وهنا بدأت معاناة أصحاب الفنادق والعاملين عليها حيث لم تجد تلك الشريحة من يرأف بحالها ويوضِح للسادة المسافرين ما لهم وما عليهم... بل يبدو أن في بعض الحالات قد بالغ منظمو الرحلات في عرض محاسن رحلاتهم حتي ظن بعض المشتركين أن ما يدفعه هو لقاء تمليك المكان مدة أيام الرحلة وذلك ما يبرر الجرأة اللتي يطالب بها أحد الرواد مدير أحد الفنادق أن يخصص منطقة علي الشاطئ له هو وزوجته فقط ويفسر الحرية في إرتداء أحدهم ملابسه الداخلية والتجول بها بأريحية في أرجاء المكان.

ناهيك عن ما يحدث في بوفيهات الطعام من تصرفات تدل عن إفتقار كامل لثقافة التعامل مع تِلْك الأماكن , واللحوم والطيور والحلويات والمعجنات علي إستعداد للوقوف علي رءوس الأشهاد وتُقْسِم بما تلقاه من معاملة بها مزيج من الجهل المشوّب (بالاستخسار) .... إذًا فالحل هو في إيجاد ثقافة التعامل مع الأماكن المختلفة حتي نحافظ علي إستمرار بقاء تلك الاستثمارات ونستغل حالة الإقبال من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي من السياحة الداخلية ...

منابر الإعلام موجودة يمكنها أن تعرض أفلاما تسجيلية قصيرة عن ثقافة الفنادق ، البرامج اللتي لا شغل لها ولا شاغل إلا تنغيص دماغنا بإمكانها أن تخاطب الناس بما يفيد ... وهنا يأتي العبء الأكبر علي منظمي الرحلات حيث يجب أن يتولوا تعريف الناس بأدبيات التواجد في تلك الاماكن و أن رفض العاملين علي قاعات الطعام وجودك داخلها أثناء وجبة العشاء ( بالشبشب) ليست إساءة أدب منهم إنما هي إساءة أدب مِنك... و هنا نناشد إدارة الفنادق أيضًا بتجهيز مينيوهات مُبسطة لشرح أنواع العصائر المختلفة حتي لا يمضي عامل الكافيتريا ليلة وضحاها يوضح الفرق بين الموخيتو والصن شاين وينتهي الأمر بعد تعذر الفهم وتعطيل الباقيين بطلب واحد شاي ........
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط