قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

بالتاء المربوطة .. نعم مصر تستطيع

×

سيظل المصريون بالخارج بكل مكوناتهم قوة ناعمة لمصر، تستطيع أن تفعل، كما تستطيع أن تترك أثرا، ليس في بلاد المهجر التي هاجرت إليه بفعل عوامل وأسباب مختلفة يأتي على راسها بلا منازع العامل الاقتصادي الذي دفع الغالبية الساحقة منهم، أعني المصريين بالخارج، إلى حزم حقائبهم باحثين عن فرص عمل، تضمن لهم حياة كريمة.

إن المصري المرتبط بتراب أرضه، وواديه ارتباط الرضيع بأمه، لم يجد أمامه بدا من الرضا بالفطام "المؤقت" فارتحل حاملا الوطن في سويداء قلبه، مشغولا به وبقضاياه في بؤرة عقله، محتفظا به في حدقة عينه حيث تغلق عليه دوما الجفون.

ليس فقط هؤلاء الذين يشغلون مناصب أو يعملون في قطاعات هامة أو يبحثون في مجالات مختلفة هم من نعني بهم تلك القوة الناعمة، فكل فئات المصريين بالخارج يؤثرون في المجتمعات التي يقيمون بها، وذلك الذي نعني به القوة الناعمة، فذلك الميراث الطويل، الذي حمله المصري في جيناته الوراثية، يكون له قوة السحر في التأثر بالشخصية المصرية، ولعلي هنا أذكّر ما قاله - بطريقته الساخرة - الشاعر أحمد فؤاد نجم في أحد البرامج التليفزيونية تعليقا على سيطرة اللهجة المصرية على كافة اللهجات العربية وتلك الرغبة عند كل أبناء العالم العربي في التحدث بها؛ حينما قال: ليس ذلك ناتجا كما يشاع من تأثير "شوية المسلسلات الباسلة التي يتم عرضها بالقنوات التلفزيونية، " كما يحب للبعض أن يتخذ السبيل اليسير في التحليل، ولكنه كما يؤكد الشاعر الساخر نتيجة لذلك الموروث العميق الذي صبغ به المصري تلك اللهجة.

إن الشخصية المصرية قادرة في كل الأوقات والمراحل على فرض ذاتها في أي مكان تحل به، يشترك في ذلك كل طبقات وفئات هذه الشخصية، وإن المرأة المصرية تعد - في منظورنا المفارق للعنصرية - امرأة فريدة بكل ما تحمل اللفظة من معنى، ولقد استطاعت أن تثبت ذاتها وتميزها على مر العصور، بدءً من العصر الفرعوني وصولا لدورها المتميز في ثورة الثلاثين من يونيه حيث هي - في قناعتنا - كانت فاعلة وملهمة.

استطاعت المرأة المصرية المهاجرة في صحبة زوجها، متحدية الصعاب أن تثبت ذاتها، مثمرة - على صعيدين - ثمرة متميزة تتناسب مع وصفنا لها بالفريدة؛ الصعيد الأول كان الحفاظ على الهوية المصرية، تلك التي لها فيها دون غيرها الفضل الأول في غرسها في نفوس جيل الأبناء الذي ولد بعيدا عن تراب الوطن ورُبِّيَ بعيدا عن حضن الوادي، فغرست في نفسه عشق الوطن، ونقشت في عقله ووجدانه قيم وتقاليد الوطن الأم فأعادت خلق الهوية المصرية في بلاد المهجر تمشي على قدمين.

أما الصعيد الآخر فكان إثبات الذات والتفوق في كافة مجالات الحياة التي اقتحمتها المرأة المصرية اقتحاما فحققت فيها نجاحات مشهودة، ذلك الذي لم يكن ليغيب عن الدولة المصرية، في أعلى سلطاتها متمثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي رعى المؤتمر الأول لنماذج من متفوقات المصريات في الخارج تحت عنوان مصر تستطيع بالتاء المربوطة والذي نظمته وزارة الهجرة والمجلس القومي للمرأة.

ما أظن أن رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي لهذا المؤتمر جاءت - وما كانت لتجيء - إلا إيمانا منه بدور المرأة المصرية بالخارج، وإيمانا بقدرتها على المساهمة بفاعلية في النهضة المرتقبة المرجوة لمصر تلك التي يعمل عليها الرئيس بكل قوة، تلك القوة التي تنبعث في مؤسسات الدولة التي تعلم أن هناك حسابا سيتم، ما يدفع المنظومة للعمل على الإتيان بالفعل في صورته المثلى أو يكاد.

إن نظرة فاحصة لتلك التوصيات التي خرجت عن هذا المؤتمر الأول "مصر تستطيع بالتاء المربوطة" والتي يجدر بي أن أثبتها هنا والتي كانت:

▪ بحث إنشاء آلية ميسرة للسماح للمصريين في الخارج بدعم المبادرات الوطنية والتي يأتي في مقدمتها صندوق " تحيا مصر" عن طريق شبكات الاتصالات والهواتف المحمولة.

▪ المشاركة في إعداد نظام معلوماتي جغرافي مركزي للدولة باستخدام تكنولوجيا الاستشعار عن بعد بدقة عالية، على أن يتم تحديثه دوريا بمشاركة الخبراء والمتخصصين في الداخل و الخارج لمساعدة متخذي القرار، وهو النظام الذى يضمن التخطيط الأسلم والتنفيذ الأسرع في مجالات :

▪ الثروات الطبيعية (المياه الجوفية / الثروة المعدنية)

▪ التنبؤ بالكوارث الطبيعية والبشرية (السيول / التهريب / مكافحة المخدرات)

▪ كشف جرائم التنقيب غير الشرعي عن الآثار.

▪ حماية الرقعة الزراعية من التعديات بالبناء أو التبوير.

▪ المساعدة في مراقبة الحدود مما يسهل تحقيق استراتيجية الأمن الكامل ومحاربة الهجرة غير الشرعية.

▪ المشاركة في إعداد قواعد البيانات الخاصة بالخبراء والمتخصصين في المجالات المختلفة لضمان توظيف أمثل لجهودهم في تحقيق التنمية والتطوير في مصر.

▪ ضرورة دعم البحث العلمي في الجامعات بالتقنيات الحديثة وربطه بعمليات الارتقاء بالمنتج الوطني لسد احتياجات السوق المحلية، وزيادة قدرته على المنافسة الخارجية سعيا لزيادة الصادرات وخفض عجز الميزان التجاري.

▪ اقتراح إنشاء جمعية للمهندسات المصريات بهدف جذب الفتيات للعمل في المجالات الهندسية والعلمية والرياضية.

▪ إنشاء شراكة بين الجمعيتين المصرية والأمريكية للمكتبات، تمهيدا لاتخاذ القاهرة عاصمة للكتاب فى العالم في إحدى السنوات المقبلة.

▪ عقد عدة دورات من مؤتمر "مصر تستطيع" فى عدد من دول المهجر ليتمكن العدد الأكبر من المصريين المغتربين من الحضور وتقديم الدعم لتحقيق أهداف استراتيجية التنمية المستدامة.

▪ دعوة أبناء الجيل الثاني والثالث من المصريين في الخارج لدورة خاصة من مؤتمرات " مصر تستطيع " لتعريفهم بالجهود المبذولة في الداخل للنهوض بوطنهم الأم، ومنحهم فرصة المشاركة في جهود التنمية.

إن نظرة على هذه التوصيات، رغم قناعاتي بما يمكن أن نطلق عليه نواقص التجريب الأول، تعكس تلك الطاقات الهائلة لسيدات مصر بالخارج، واللائي جاء مؤتمرهن الأول مرهصا بمشاركة فعالة في صياغة مستقبل مصر الحديثة التي تسعى لوضع نفسها في المكانة اللائقة بها بين دول العالم المتقدم الذي تصنعه أبناؤه جميعا: رجال ونساء.