قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

السيسي حقق للمصريين مطالبهم الثلاثة .....فهل يحقق المصريون مطلبه بتحويل مصر لدولة متقدمة ؟

السيسي
السيسي
×


لو قارن المصريون بين أي أوضاع تولى فيها حاكم ، حكم مصر، في تاريخها الحديث سيجد أن الرئيس عبد الفتاح السيسي ورث من سابقيه تركة مثقلة بكل أنواع التحديات و الصعوبات بل و المؤامرات الداخلية و الخارجية إضافة لأجواء دولية ظالمة تتحكم فيها قوة عظمى واحدة تتحكم بأيديولوجية الرأسمالية المتوحشة .

فعندما تولى محمد علي باشا حكم مصر كانت مصر بالفعل في حالة يرثى لها بسبب فساد حكم المماليك و العثمانيين ، لكن المصريون كانوا في ذلك التوقيت شعب قليل العدد لا يزيد عن 4 ملايين نسمة ، كانت تكفيهم و تزيد عن حاجتهم أراضي زراعية تبلغ قدرها نحو 5 ملايين فدان ليأكلوا و يشربوا لا يهددهم في مأكلهم و مشربهم سد نهضة أو غيره لأن إثيوبيا أو الحبشة كما كان يطلق عليها في هذا التوقيت لم تكن قد أصبحت دولة بمعنى الكلمة رغم تاريخ الحبشة العريق . و لا يمكن لأحد أن ينكر مع ذلك أن عبد الناصر حكم مصر و هي محتلة من البريطانيين لكن الظروف الدولية حينذاك كانت مواتية لكي يتخلص من الإحتلال الإنجليزي بدون عناء كبير ، فالنظام الدولي الجديد الذي كان قد تأسس بعد الحرب العالمية الثانية يقيادة الولايات المتحدة و الإتحاد السوفيتي قام على إنهاء حقبة الإستعمار البريطاني الفرنسي ليحل محلهما نظام ثنائي القطبية ، إنقسم بين المعسكر الرأسمالي من جانب في مواجهة المعسكر الشيوعي الإشتراكي من جانب آخر لينضم عبد الناصر لهذا المعسكر الأخير و يحظى بدعمه لينتهي حكمه فعليا بنكسة 1967 . و عندما تولى السادات كانت مصر تعاني من أقتصاد شبه مدمر بسبب توجيه كل موارد الدولة لتحرير الارض و العرض من الاحتلال الإسرائيلي لسيناء وفقا لشعار "لا صوت يعلو على صوت المعركة" .و في هذا الفترة التي أمتدت لست سنوات كاملة توقفت تماما عمليات التنمية و ربط المصريون الأحزمة على بطونهم ليطهروا أرضهم من تدنيس الإحتلال . و بفضل جيش مصر العظيم و بدعم من الجبهة الداخلية تحقق الهدف و أنهى خير أجناد الأرض أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر في إنتصار 6 أكتوبر 1973. و عقب قيام التيار المتأسلم بقتل أنور السادات في يوم نصره المجيد على الصهاينة تولى حسني مبارك حكم مصر و قد أصبحت مصر دولة محررة تماما ليواصل مبارك سياسات أثمرت عن نتائج إيجابية في السنوات الأولى من حكمه ثم تحولت الايجابيات الى سلبيات ظهور مخطط توريث الحكم لإبنه إلى أن أطاحت به ثورة 25 يناير 2011 .

و مع سقوط مبارك عمت الفوضى البلاد لتخطف مصر جماعة الإخوان التي تفتقر تماما للوطنية المصرية ، فتفتح الحدود أمام جميع أنواع التهريب خاصة تهريب السلاح عبر غزة حيث تتحكم فيها حماس التي تعتنق فكر الإخوان . و يزدهر أيضا تهريب السلاح و المخدرات عبر الحدود مع إسرائيل المستفيد الأكبر من سقوط الدولة الوطنية في العالم العربي . و كانت الطامة الكبرى مع سقوط الجيش الليبي في الثورة الليبية ليتم تهريب جانب كبير من سلاح جيش القذافي عبر الحدود الغربية إلى مصر و منها إلى سيناء في إطار فكرة إقامة إمارة سيناء لتكون وطنا بديلا للفلسطينيين تمهيدا لترحيل عرب 1948 إليها بوصفهم قنبلة موقوتة في قلب إسرائيل يحبطون بتواجدهم في أراضيهم و أراضي أجدادهم إستراتيجية يهودية الدولة العبرية .

أما في الداخل و مع فشل جماعة الإخوان في بسط الأمن في ربوع مصر، فقدت أرض الكنانة أهم ما كان يميزها و هو الأمن و الأمان ، لتزداد معدلات الجريمة و العنف و تظهر طبقة البلطجية التي بدأت تتحكم في الشارع المصري في شبه غياب لمؤسسات الدولة الشرعية لتعم الفوضى البلاد . و هنا حلت بمصر أكبر كارثة من خلال المصلحة المشتركة التي فرضت نفسها بين طبقة البلطجية و الخارجين عن القانون و على رأسهم تجار المخدرات و اللصوص و المهربين و بين جماعة الإخوان . فقد تبين للخارجين عن القانون بكل أشكالهم و أنشطتهم غير المشروعة أن من مصلحتهم أن تحكم البلاد جماعة ضعيفة تفتقد للوطنية تفتح الحدود للجميع دون رقابة لتتحول الشوارع المصرية إلى فوضى عارمة ، ليشهد الخارجين عن القانون رواجا كبيرا فتقام المحال في حرم الطرق و تقام المقاهي على الكباري و على أرصفة الشوارع الكبرى و الرئيسية و تباع المخدرات في العلن لتدمر أولادنا و بناتنا .

و تشكلت في خضم هذه الفوضى عصابات لخطف الأطفال و المتيسرين ماليا للمطالبة بفدية من أهاليهم مقابل الإفراج عنهم كما راجت سرقة السيارات بشكل غير مسبوق ساعد في رواج هذا النوع من السرقات فتح حماس أراضيها لتهريب هذه السيارات بل و منحها الشرعية بمنحها تراخيص معتمدة من إدارة المرور في غزة .و في نفس التوقبت تفاقمت أزمة الطاقة سواء بسبب الأعطال التي أصابت محطات توليد الكهرباء نتيجة ضعف الصيانة أو بسبب نقص الوقود فتزايدت مرات إنقطاع التيار الكهربائي لتصل لأكثر من 10 مرات في اليوم الواحد . و أدى ضعف قيادة الإخوان للبلاد إلى تفاقم أزمة الوقود في محطات البنزين لتقف السيارات في طوابير طويلة لساعات طويلة أملا في العثور على ما يكفي لتسيير المحركات لقضاء المصلحة . و كان المصريون في ذلك الحين على أستعداد لتسديد 10 جنيهات في اللتر نظير توفر الوقود .

و في نفس التوقيت بدأت المؤامرة الكبرى و هي تقسيم البلاد إلى دويلات ، ببث الفرقة بين أبناء الوطن الواحد على أسس مذهبية و دينية عرقية ولم لا و قد سقطت دول عربية كبرى بالفعل في براثن التقسيم أهمها العراق و سوريا و اليمين و ليبيا .

و هنا يبرزبقوة الدور التخريبي الخارجي ليعبث بأمن البلاد فتؤسس دويلة قطر تحالفا مع الإخوان بزعم دعم حكمهم تنفيذا لتعليمات من أجهزة أستخبارات عالمية على رأسها جهاز الإستخبارات الإسرائيلي " الموساد " . و يرجع هذا التدعيم إلى إدراك هذه الأجهزة الإستخباراتية أن حكم مصر أكبر بكثير من جماعة الإخوان ،فقد أثبتت التجربة أنهم عاجزون عن السيطرة على الدولة المصرية و مؤسساتها سواء كانت هذه المؤسسات هي مؤسسة القضاء أو الداخلية أو القوات المسلحة أو مختلف فئات الشعب من رياضيين أو صحفيين أو إعلاميين أو فنانين أو عمال و غيرهم و غيرهم من مختلف فئات الشعب المصري . و تؤكد الدراسات التي أجرتها هذه الأجهزة من خلال عيونها داخل مصر ان الإخوان أصبحوا بعد ما يقرب من عام ونصف من الحكم البرلماني و الرئاسي مرفوضين من كل طوائف الشعب المصري إلا من أنصار الجماعة مما شجع هذه الأجهزة على البدء في تنفيذ المخطط القائم على تقسيم أرض الكنانة إلى دويلات متحاربة على أسس مذهبية و دينية و عرقية و قبائلية .

فللمرة الأولى يسمع المصريون عن جماعة تبشر بالمذهب الشيعي في مصر بقيادة شخص يدعى حسن شحاتة و هو ليس مدرب مصر الشهير بكل تأكيد . ففي 24 يونيو 2013 قامت مجموعة يقال أنها من السلفيين بقتل الشيخ حسن شحاتة و بعض أنصاره بالسنج و القضبان الحديدية ليبدأ في مصر مسلسل خطير وهو قيام مجموعة من الأشخاص بتنفيذ حكم الإعدام دون صدور حكم من القضاء . و رغم خطورة قتل حسن شحاتة دون محاكمة قانونية إلا ان حديثه كان يحمل خطورة أكبر، و فتنة أشد، فكان هذا الشحاتة يبشر بنصرة آل بيت رسول الله على صحابة رسول الله وسط تزايد أنصار هذا المذهب الشيعي الخطير الذي تدين به بعض الدول الإسلامية على رأسها إيران .

كما بدأ المصريون يسمعون للمرة الأولى من يطالب بدولة لأهل النوبة في خطأ تاريخي فادح ، فالنوبيين هم أصل مصر ،فجانب كبير من تاريخ مصر العريق كان من عبقرية شعب النوبة المصري . و في نفس الوقت برزت مطالب كثير من البدو بحقوقهم في أراضي مصر في المناطق الغربية . و تملك الأقباط خوف شديد من هذا المناخ الملبد بالغيوم فبدأ بعضهم في التفكير في أقامة وطن لهم و لم لا و الجميع يفكر بهذا المنطق خلافا للفكر القبطي التاريخي الذي يعني الإنتماء لمصر فكلمة "قبطي "مشتقة من كلمة إيجبت أي مصر .

و في نفس العام 2013 إستغلت إثيوبيا ضعف نظام الإخوان بقيادة مرسي العياط لتقوم في مايو من نفس العام بتحويل مجرى نهر النيل عن مساره التاريخي لتبدأ في بناء سد النهضة و هي خطوة لم تستطع فعلها في أي عهد من العهود بما فيها أضعف فترات عهد حسني مبارك خوفا من خلفيته العسكرية .

و تواصل القوى الخارجية إستغلال ضعف نظام الإخوان و الفوضى التي عمت مصر بعد ثورة 25 يناير فينتعش الإرهاب بتمويل خارجي ليضرب السياحة التي إعتمد عليها الإقتصاد المصري خلال معظم فترات حكم مبارك . و يجد كثير من المصريين أنفسهم بدون مصدر رزق لتراجع السياحة لتتدهور معيشة قطاع عريض من المصريين بسبب قيام الإقتصاد على منظومة خدمية في غياب الصناعة و الزراعة و التكنولوجيا التي تصعد بالدول .

و أمام كل هذه الأزمات في الكهرباء و الوقود و الغاز و إفتقار الأمن و إشاعة المذهبية و بدء مخطط التقسيم لتحويل المصريين و المصريات إلى مشردين و نازحين في خيام للإيواء في دول خارجية ،هب الشعب المصري في 30 يونيو في ثورة غضب عارمة دفعت بأكثر من 40 مليون مصري إلى الميادين و الشوارع في جميع أنحاء مصر مطالبين الجيش بالتحرك لإنقاذ مصر . و لم يتأخر وزير الدفاع حينذاك المشير عبد الفتاح السيسي عن تلبية النداء بالإطاحة بالجماعة الإرهابية من حكم مصر . و عقب إنتخاب السيسي بأغلبية كاسحة لم يكن للمصريين سوى 3 مطالب رئيسية من قائدهم خلال فترة رئاسته و هي أولا : إحباط مخطط التقسيم و الحفاظ على الدولة الوطنية و ثانيا : توفير الأمن و الآمان لربوع مصر و ثالثا و أخيرا معالجة مشكلة نقص الطاقة من كهرباء و غاز ووقود .

فهل نجح السيسي في تلبية المطالب الثلاثة رغم أن كثير من المصريين كانوا يشكون في إمكانية تحقيق هذه المطالب خلال فترة رئاسته لثقل المهمة .

الإجابة تكمن في شخصية السيسي نفسه الذي رفض الإكتفاء بتلبية هذه المطالب التي كان يشك المصريون في أمكانية تلبيتها لثقل المهمة و شرع في إقامة دولة حقيقية رغم أنه ورث من سابقيه " شبه دولة " .فمصر للأسف الشديد تعيش على الإقتراض من الخارج و تعيش في منظومة قائمة على الدعم تجعل المصريون يشعلون جميع غرف شققهم و يشترون بالكيلو و الخمسة كيلو في حين أن الأمريكي أو الفرنسي أو الكوري أو البرازيلي لا يمكن أن يخرج من غرفته دون أن يطفىء الإضاءة خشية من الفاتورة الثقيلة و يشتري موزة و بصلة و تفاحة و لم يعد يعرف الكيلو .

و هنا كان قرار السيسي بإجراء أصلاحات إقتصادية قوية ، لكن هذه المرة هذه الإصلاحات تتطلب شراكة مع الشعب تقوم على التضحيات و تحمل الصعاب لفترة محدودة ليجعل من مصر دولة حقيقية يقوم إقتصادها على الصناعة و الزراعة و التكنولوجيا فائقة التطور .

و كان أصعب قرار هو تعويم الجنيه المصري أمام الدولار لترتفع الأسعار بنسبة كبيرة وصلت لنحو ثلاثين في المائة لكن هذا القرار كانت له نتائج إيجابية على الإقتصاد ليس فقط من خلال توفير العملة الصعبة و لكن من خلال الإتجاه للإعتماد على المنتج المصري بعد أن أصبح المستورد الذي دمر الصناعة المصرية هو سيد الموقف في الإسواق المصرية .

و لن أتحدث هنا عن المشروعات الكبرى و شبكة الطرق و الكباري و البنية التحتية التي تقام لتخدم " صنع في مصر " لكني سأتحدث عن دور المصريين في النهوض ببلدهم و أقول لقد حان وقت التضحية ، فالألمان أعادوا بناء ألمانيا و هم يتناولون وجبة واحدة في اليوم بعد أن أصبحت المدن الألمانية ركاما لا يوجد بها طوبة فوق طوبة بعد الحرب العالمية الثانية، فشمر الألمان أكمامهم و تحملوا الصعاب بالجهد و المثابرة ليصبح صنع في ألمانيا هو شعار الجودة في العالم . و عاش الشعب الياباني ظروفا أكثر صعوبة من الشعب الألماني بعد أن دمرت الولايات المتحدة مدنه بالقنابل الذرية فماذا كان رد فعل اليابانيون ؟ لم يردوا على القنابل بالقنابل بل ردوا بصناعات نتاج تكنولوجيا فائقة التطور دمرت بها اليابان الصناعات الأمريكية . فهل يتحمل المصريون الصعوبات الإقتصادية الحالية لفترة محدودة لتصبح مصر دولة حقيقية و ليس شبه دولة كما ورثها السيسي من سابقيه ؟ الإجابة هي " نعم " يستطيعون لأن التقدم هو إرادة مشتركة بين القيادة و الشعب فلو توفرت هذه الإرادة في طرف دون الآخر لن يتحقق الهدف النبيل .و لا يوجد أنبل من شعب مصر العظيم في تحقيق الإنجازات بعد عناء ،و نصر أكتوبر 1973 خير شاهد على ذلك .و أخيرا يبقى السؤال لقد حقق السيسي للمصريين مطالبهم الثلاثة .....فهل يحقق المصريون مطلبه بتحويل مصر لدولة متقدمة ؟