نوع من الناس يختلط فيه الخير والشر، تحتار في الأمر، هل تتعاطف معه أم تقسو عليه، مزيج من المشاعر التي تتسم بالتهور والأنانية... هكذا هم بعض البشر.. يخطئ تحت ستار الخوف وعدم الوعي بصحيح الأديان... شخصية مثيرة جسدتها لنا الفنانة هيفاء وهبي في مسلسل الحرباية... فتاة تتعلم من حرباء كيف تتلون وفقًا للأيام... في باطن الأمر النوايا طيبة وفِي ظاهر الأمر طريقها محفوف بالظلمات والظلم..
فتاة تحيا في حي فقير وسط مجموعة من البشر لا يدركون معني الحلال والحرام... الحياة بعشوائية في التصرف وفِي التفكير، تتزوج من قاتل ومجرم تعلم بعدها أنه قتل حبيبها الوحيد الذي كانت تسعي للزواج منه... فإذا هي تهرب بدون تفكير في الأمر وبدون محاولة إعادة حق الميت الذي أحبته.. فكرت فقط في غفلة منها في الهروب من هذا الواقع الأليم فإذا بها تلتقي بفقير يفتح لها باب الشيطان ويعلمها كيف تتحايل علي البشر بهدية أهداها لها ونصحها أن تتعلم منها... حرباء متلونة تتلون حسب المواقف والظروف... وإذا بالفتاة تستجيب وتحاول هي الآخري التلون تحت ستار الخوف ورفض الواقع فتظلم بعض البشر وتسرق وتهرب ثم تظلم آخرين وتتحايل علي الواقع وتنجب طفل من رجل ثري ثم تهرب حين تنكشف ... راحلة مع طفلها لتتحايل مرة أخري وتتلون وفقًا للظروف وتتزوج من آخر وللمرة الرابعة بإسم جديد ولون جديد ثم يموت ... فتتلون من جديد مع شخص خامس أحبها ... وهكذا الحال عند بعض البشر ... كل منهم يتلون وفقًا للظروف والأحداث ويظن أنه علي حق وأنه لا يظلم ... بل مظلوم من واقعه .... مظلوم من القدر..
إذا تأملت هذه القصة تحتار هل يحاسب المولي عز وجل علي سوء التفكير والاختيار والشر الغير مقصود كما يحاسب عن شر القلوب المتعمد؟ أمر يدعو للتساؤل فكلاهما شر يؤذي البشر ويؤدي إلي نفس النتيجة... علي سبيل المثال ما الفرق بين ما اقدمت عليه عسلية من سرقة زوجها الثاني وبين أن يُسرق علي يد شخص آخر غريب ؟ في كلتا الحالات قد وقعت السرقة ولكن قد يتقبلها الزوج من غريب ظالم ويستعوض المولي عز وجل عمّا كَوّنَه من ثروة علي مدار حياته ولا يتقبل أن يُسْرَق علي يد زوجته التي أحبها وأحسن معاملتها وكان سندًا لها، فالجريمة هنا مهما كانت الأسباب المؤدية لها هي الخيانة المصاحبة بالسرقة..
و ربما يتقبل المرء الشر من الظالم المعروف عنه الظلم ولا يستبعده عليه ولكن لا يستسيغ الظلم علي يد مظلوم مثله ... وهذا ما يدعونا للتوقف ومراجعة النفس فالطريق إلي جهنم كما قيل عنه محفوف بالنوايا الطيبة ، لا يكفي أن تكون طيب القلب ، طيب النية وتفكر في نفسك فقط وتجرح وتؤذي الآخرين تحت ستار أنك مظلوم ... فالله عز وجل قد كرم عباده بحل للظلم بالصبر عليه أو بالدعوة للخلاص منه وجعل دعوة المظلوم تصعد للسماء ويقول لها المولي وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين.. وهذا أكبر دليل في الشرع من ضرورة توخي الحذر والحرص علي عدم ظلم الآخرين، مهما كنت مظلومًا فلك إله كريم يستطيع أن يرفع عنك الظلم ويرد إليك الحق وينصرك ولو بعد حين ... فقط عليك التحلي بالصبر والإيمان حتي لا تتحول من مظلوم إلي ظالم أثيم.
وتذكر دائمًا الحديث الشريف " اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة.
فمعصية الظلم تتسع لكل شئون الحياة مهما كان صغيرها إلا إنها عند الله كبيرة ومن أشد أنواع الظلم أن يظلم المرء نفسه ويظلم الآخرين فيخسر الدنيا والآخرة ويحيا حياة مظلمة مهما كان ظاهرها المال والسعادة إلا أن ظلمة القلب تظل ساكنة مدي الحياة حتي يلقي المرء ربه وينصب له ميزان العدل ويرد لكل ذي حق حقه مهما كانت النوايا طيبة.