قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

الشيخ البعيد مش دايما سره باتع


من موروثات الثقافة المصرية هي النظر إلى أي شيء بعيد وكأنه الشيء الأفضل، فلم نرث أن ننظر إلى جودة وفخامة ما بأيدينا، أو كيف لنا أن نعظم من قيمة ما نمتلك، كما يفعل الآخرون.

فعلى سبيل المثال نلجأ إلى السلع المستوردة، وفي قرارة أنفسنا أنها الأفضل جودة دائمًا، وحتى وإن ارتفعت قيمتها السعرية لتصبح فوق قدرتنا الشرائية، وذلك على الرغم من وجود بدائل محلية مثيلة، بل ومن المحتمل أن تكون أفضل من تلك المستوردة، لكن نحن آمنا بأن الأبعد هو الأفضل دائمًا.

وعلى نفس النمط نلجأ إلى استقدام الخبراء الأجانب في كافة المجالات؛ وأقصد بالأجانب كل من هو أجنبي عن المؤسسة التي تستقدم هؤلاء الخبراء، ولم أعني الجنسية فقط؛ فنعامل هؤلاء الخبراء المستقدمين بإعتبارهم الأكثر علمًا، ونقف أمامهم كالتلاميذ، نتلقى فكرهم وتوجيهاتهم، ونسير على دربهم، ونعتبر كلماتهم المتفضلين بها علينا خرائط ترسم مستقبلنا ومنهاج وقانون نلزم أنفسنا بتنفيذه، وذلك على الرغم من أنه قد يوجد من الخبراء الداخليين من يضاهيهم أو إذ ربما أكثر علمًا من هؤلاء المستقدمين، ولكننا اعتدنا على أن ننظر إلى الأبعد وكأنه الأجدر دائمًا.

واستنادًا إلى ذلك تتبلور حياتنا، وهو الاعتماد على الخارج في كل شيء، في علمنا؛ خطوات عملنا؛ تدريباتنا؛ سلعنا؛ حتى ثقافتنا؛ ننظر إلى الآخر وكأنه هو الأفضل.

فكل شيء خارجي نعتبره الأفضل دائمًا، ونضع أنفسنا دائمًا في المرتبة الثانية، ومن الطريف أننا نبتغي الوصول إلى المرتبة الأولى، ونتحدث عن أحلامنا في الوصول إلى تلك المرتبة المستبعدة.

فكيف لنا أن نصل إلى مرتبة متقدمة، ونحن نضع أنفسنا ونعترف بأن مكانتنا هي المرتبة الثانية!، وكل ما هو خارجي يسبقنا ليحتل المرتبة الأولى، ونحن نليه!، وللعلم هؤلاء الخبراء الميتقدمين يعلمون ذلك جيدًا، ويتعاملون معنا من هذا المنطلق.

لم أتحدث هذا من فراغ، ولكن أكده لي حضور أحد الصديقات لورشة عمل، استقدمت فيها المؤسسة التي تنتمي لها تلك الصديقة، عدد من الخبراء ليستمعوا منهم ما قد تناولته تلك الصديقة في أبحاثها العلمية دون أن تجد صدى يذكر من مؤسستها أو المؤسسات المعنية، ولن أتطرق إلى فارق المقابل المادي الذي يتم التعامل به مع الخبرات المستقدمة، وهو أمر يندى له الجبين، ويعكس بشكل واضح عدم التقدير.

فنحن نسير بمبدأ أوحد، ألا وهو أن الشيخ البعيد سره باتع.

رجاءً أيها المسئولين إن وصلتكم رسالتي، وإن كان يهمكم الأمر، فلتعلموا أن الشيخ البعيد مش دايما سره باتع، فلتنظروا إلى الكفاءات الموجودة في الداخل أولًا، بدءًا من مؤسستكم وصولًا إلى محيط دولتنا، فالمؤسسات الداخلية قد يكون بها كفاءات مهدرة يمكن وضعها في أماكن أكثر ملائمة، كي تتحقق الاستفادة للجميع، وبناءًا على ذلك فمن المؤكد أن محيط الدولة به كفاءات أكثر، وهي مهدرة أيضًا.

معلش حتتعبوا معانا شوية، ولكن تلك الخطوات يجب استيفائها بل والتأكد منها قبل استقدام كل ما هو خارجي في شتى المجالات.

فمن المفيد أن تضعونا جنبًا إلى جنب مع هؤلاء المستقدمين، على أن يتولى الخبير المصري سواء من داخل مؤسساتكم أو من داخل حدود الوطن عرض أين نحن من تلك التجربة؟ وأين وصلنا؟، وما نحتاجه من الخبرات الأجنبية لنستكمل مشوار التنمية المنشود، فتلك الخطوة أعتقد أنها قد تكون كفيلة بكسر حاجز كوننا متلقيين والطرف الأخر متفضل علينا بطرح علمه.

وإن لم تفعلوا ذلك، فلتثقوا أننا لم ولن نترك المرتبة الثانية أبد الدهر، وسيظل الشيخ البعيد سره باتع دائمًا وأبدًا.