قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

المفسدون

×

هل تدبرت يومًا قول المولي عز وجل "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ (12)" وصف فيها المولى تعالي في علاه المفسدون الغافلون في الأرض، وهو نوع من البشر لا يدرك أنه فاسد، على العكس يظن كل الظن أنه على حق وأنه على يقين وفِي باطن الأمور تجد لديه قلبا مريضا وفكرا مضطربا لا يفكر إلا في الذات ولا يتدبر آيات الذكر الحكيم ويأخذ منها الحكمة والاستنارة.

قلوب تحكمنا.. قلب فاسد وقلب سليم كل منهما يحيا على نفس الأرض وبنفس المقومات ويتناول كل منهما الحياة بمفهوم مختلف.. نغفل فيها أن الرزق محسوم والقدر مقسوم ونحارب بَعضُنَا البعض رغبة من البعض في السلطة والبعض الآخر سعيًا وراء المال.. لم يدرك كل منهما أن الله فقط هو من يرفع الذكر ويعلي الدرجات مهما كان سعيك فهو يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء.

والأكثر خطرًا على المرء أن يكون فاسدًا ولا يعلم أنه فاسد بل على العكس يخادع نفسه قبل أن يخادع الآخرين، يتناسى النور الذي أهدانا به المولى عز وجل ويحوّر الأمور ويحلل الحرام ويستشهد على ذلك ويستقطب ضعاف النفوس حتى يصل إلى ما خططته نفسه الأمارة بالسوء.

العجيب في الأمر أنك تجد مثل هؤلاء لا يترك الكتب السماوية أبدًا دون الاستشهاد بها والدعوة إليها، يأخذ الأديان ساترا عظيما ليداري به فساد القلب ومرضه.. يغسل العقول ويسحر البشر بسحر الكلمات ويضع نفسه في إطار مشهود له بالتقوى والإيمان وهو في باطن الأمر عدو لدود لنفسه قبل أن يكون عدوا للآخرين.

احذروا هؤلاء.. فالفساد المستور أشد خطرًا بكثير من الفساد المعلن والذي يَعْلَمه جميع البشر، ولا يُعْتَبَر كل ما هو بعيد عن المنطق والعُرف فسادا، فأحيانًا تجد نفسك في ظروف خاصة ومختلف عن الآخرين، فتفعل ما هو ظاهره محرم وباطنه فيه الصلاح والرشاد.. كل مُيَسَر لما خلق له فاتبع ما جاء في الأديان السماوية، واحذر وترقب الشيطان، واجعل بينك وبين المولى عز وجل وصلا دائما، حتى تنير قلبك وتهتدي لما أراده الله لك على هذه الأرض فكل منا خُلِقَ لدور محسوم وقدرات خاصة تفيد الأرض وتدعو للصالح، وعليك أن تقاوم شيطان القلوب وتبحث عن قدرك وعن المهمة التي خُلِقت من أجلها.. كل بني آدم هبط إلى الأرض ليكون في اختبار الخلافة لله عز وجل فاحذر وترقب واقترب من الخالق تربح الدنيا والآخرة.

ضع أمام عينيك شريط الذكريات وراجع ما مر عليك من مواقف وترقب وانظر إلى القصة بمنظور الحاكم وليس المحكوم عليه، هل ترضى حقًا عنا قمت به في قصة حياتك؟ راقب ردود أفعالك في المواقف المختلفة قبل أن ترحل عن الأرض وتشاهد قصتك فتخجل مما فعلت.. كل منا يشهد علي نفسه فإما الخجل والحزن وإما السعادة الأبدية.. اللهم أحسن ختامنا وأكفنا شر أنفسنا وسيئات أعمالنا.