الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

زيارة السيسي لألمانيا: ما بين 2015 - 2017


في بداية شهر يونيو من العام قبل المنصرم 2015 شددنا الرحال إلى العاصمة الألمانية برلين في مهمة رأيناها حربية بكل المقاييس، وهي أن نكون في استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي أثناء زيارته الرسمية للعاصمة الألمانية برلين بدعوة من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

في الطائرة التي أقلتنا ونحن متوشحون بعلم مصر من مطار العاصمة النمساوية فيينا، وحطت بنا على أرض مطار العاصمة الألمانية برلين، كان فريق آخر من المصريين يركب نفس الطائرة يقوده إبراهيم روما موشحا بعلم تركيا، وكانت لهم مهمة عكس مهمتنا وهي إفساد زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لبرلين بتشويه صورته.

ما أن وطأت أقدامنا مطار العاصمة الألمانية برلين إلا ووقعت أعيننا على طائرة الرئاسة المصرية بعلم مصر ومكتوب عليها تحيا مصر، فامتلأت أنفسنا بفرحة غامرة، وأخرجنا هواتفنا لنلتقط لها صورة بسرعة خاطفة، حيث كان علينا أن نسابق الزمن لنلحق بتلك الوقفات التي ينظمها المصريون احتفاء برئيسهم، وإعلانا العالم أن الشعب المصري في الداخل والخارج لحمة واحدة وصفا واحدا خلف رئيسه الذي جاء برغبة شعبية عارمة قلما تجد لها مثيلا.

استقللنا سيارة أجرة وضعنا بها حقائب حوت بعض المستلزمات لليلة واحدة، وقصدنا الفندق الذي كان قريبا من المطار، وتركنا في الاستقبال حقائبنا، وانطلقنا بسرعة فائقة مستقلين سيارة أجرة تنقلنا إلى أمام المستشارية الألمانية لننضم إلى مصريين جاءوا من كل أنحاء أوروبا لاستقبال الرئيس، لفت انتباهي ونحن في الطريق إلى المستشارية حافلة كبيرة تحمل أفرادا جميعهم اكتسوا باللون الأصفر المرسوم عليه علامة رابعة، لتقع عيني ثانية على هؤلاء الذين كانوا على نفس الطائرة القادمة من النمسا إلى برلين بقيادة إبراهيم روما، ليتأكد لدي أن هناك تخطيطا من قبل الجماعة على أعلى مستوى لإفساد زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لبرلين، وهو ما ملأنا تحديا وإصرارا.

كانت أعداد المصريين المستقبلين للرئيس المرحبين به كبيرة بدرجة ملفتة، وفي المقابل كان أعداد المناوئين للزيارة والذين تنوعت جنسياتهم ما بين المصريين والأتراك والبوسنيين والشيشانيين وغيرهم من الجنسيات، أيضا كبيرة، وإن فاق عدد المصريين عددهم بقدر ملفت.

ثماني وأربعون ساعة قضيناها في برلين في عمل وطني، تغلب فيه عشقنا لبلدنا على ذلك الإرهاق الذي نتج عن مجهود لم يكن أحدنا يتخيل أن طاقته تتحمله، وخاصة هؤلاء الذين تخطوا الخمسين والستين بل ربما السبعين من العمر، وكانوا في الصفوف الأولى في حماسة ملتهبة، ليس كما يمكن أن يتصور البعض لاستقبال الرئيس، بل للزود عن مصر، وتقوية رئيسها في معركة كان يقودها، كان الجميع متحفز، وكان مجرد ظهور أحد من الفريق الآخر كفيل بمضاعفة تلك الحماسة، لقد رجَّت صيحاتنا الأجواء المحيطة بمبنى المستشارية الألمانية، ومبنى القصر الجمهوري ومحيط فندق "أدلن" مقر إقامة الرئيس، تلك الأماكن التي سابقنا فيها موكب الرئيس الذي انتقل من احدها إلى الآخر ونحن تسابق أرجلنا الريح.

انتصرنا، كما عادة المصريين الوطنيين، انتصارا ساحقا، في معركة في حرب كبرى أُطْلِقُ عليها حرب وجود، تلك التي خاضتها وتخوضها مصر نيابة عن المنطقة بأسرها، لقد كان مخططا مدمِّرا، تم الإعداد له في ليل بهيم، لم ينجح أن يختفي عن أعين صقور مصرية، كان همها وسيظل الحفاظ على هذا الوطن بكل مكوناته.

اليوم يزور الرئيس عبد الفتاح السيسي للعاصمة الألمانية برلين، بعدما جرت تحت الجسور مياه كثيرة، بدلت الحال، بفضل عمل دؤوب لمؤسسات الدولة المصرية، يزور اليوم الرئيس السيسي برلين، وقد رجع العالم إلى الرؤية المصرية، وآمن إيمانا عميقا بما ترى مصر، يظهر ذلك رأي العين؛ فلقد تبني مجلس الأمن الورقة المصرية، تلك الكلمة التي ألقاها الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة العربية الإسلامية الأمريكية في المملكة العربية السعودية كخريطة دولية لمحاربة الإرهاب، يزور الرئيس عبد الفتاح السيسي ألمانيا، وقد نزلت أوروبا جميعها على رأي مصر، بعدما ذاقت ويلات الإرهاب، يزور اليوم الرئيس السيسي برلين وجماعة الإخوان محاصرة في قطر وتركيا، ولا تملك من أمرها شيئا، يزور الرجل الذي وقف وحيدا في زمن قريب مضى، ألمانيا وهو اليوم يقود المنطقة كلها بل والعالم في محاربة الإرهاب.

ولأن الأمر كذلك، ولأن المصريين في أوروبا في حالة اطمئنان تام، يزهون برئيسهم، ويفخرون بنصرهم، ولإيمانهم أن المعركة شارفت على الانتهاء، ولم يبق منها سوى بعض جيوب، يقوم عليها أبطال متخصصون، ولقناعتهم أن أبناء الجالية المصرية بألمانيا قادرون على التصدي لأية قلة مفسدة، حيث أن الكثرة لم تعد ممكنة بعد الضربات المتتالية لهذا التيار، لأن الأمر كذلك يتابع المصريون في أوروبا زيارة الرئيس لبرلين عبر شاشات التليفزيون، سعداء به، فخورون بالسياسة المصرية ونجاحاتها.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط