الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ناصر تنحى


عندما نظرت إلى الأجندة التى بحوزتى وفيها كلمات باقية من زعماء ومناضلين وقادة وسادة، وجدت فيها أن اليوم التاسع من شهرنا هذا هو اليوم الذى أعلن فيه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تنحيه بعد هزيمة الخامس من يونيو والتى سماها المصريون "النكسة"، ووجدت كلماته تقول: "كنت على استعداد للتنحى وذلك تكفيرا عن ذنبى فى حق شعب انتظر منى النصر ولم أحقق له ما أراده، كنت على أهبة الاستعداد لترك الحكم لأنى لم أسعد شعبا تفانى فى حبى والولاء لى، ولكن بقدر عزيمتى على إعلان قرار التنحى بقدر سعادتى بتمسك الشعب بى".

انتهت كلماته ولكننى أطلقت لنفسى العنان وقبلت قراره والشعب معى بالتنحى، ماذا كان سيصبح عليه حالنا وحال مصرنا، بالطبع التصور شخصى ولن يحظى بإعجاب كثيرين ممن أعطوا ناصر لقب زعيم، ولكنى سأتصور ما قد يحدث إذا تنحى ثانى رئيس للمحروسة بعد زوال الاحتلال البريطانى وانتهاء الملكية فى قاهرة المعز، أولا انتهى الحكم العسكرى وحل محله رئيس مدنى وابتعاد ناصر طبعا سيعيد أموالا فى خزينة الدولة أنفقت على دول وشخصيات وزعامات من أجل نشر سلطان ناصر وامتداد ظله واكتسابه ألقابا ومفردات تضاف إلى اسمه، فى حالة تنحى ناصر ستعود منظومة الاعتدال التى اخترقها هو بنزع ما يملكه الأغنياء ووهبه للفقراء والذى بالطبع اختلس من خلاله ذوو النفوذ والسلطة حينها ما لا يعد ولا يحصى.

وتنحى ناصر أيضا سيعيد منظومة الاتزان فى إلقاء خطب وكلمات ردت علينا بأفعال وخبطات، وإذا ما تنحى الرئيس كانت خطى العلم والترقى والعلو والتى شاركتنا فى توقيتها دول عدة على رأسها الهند، إذا ماتنحى كنا قد أصبحنا مثل نيودلهى وربما مثل نمور آسيا مع استبدال القارات، إذا ما تنحى فالمؤكد أن مصر الآن لن تكون كما هى عليه وأيضا لن يكون شعبنا كما أصبح وكان.

مصر ناصر التى تكلفت وكلفت شعبها ما لم يحتمله وصار من أكثر الشعوب زيادة فى السكان وأقلهم فى ساعات العمل والبنيان، كان من الممكن أن تكون غير ذلك إذا ما كان ناصر جادا فى قرار التنحى وترك الحكم والبلد والأوطان.

منذ أكثر من نصف قرن مضى ونحن ندفع فاتورة زعيم أراد لنفسه أكثر مما تريده الأوطان، منذ النكسة وحتى الآن وخطوات البناء لا تكتمل لهوان الأساس وضعف البنيان، منذ ذلك التاريخ والمواطن لا يبحث إلا عما يملأ بطنه ويروى عطشه ويترك بعدهما أبناءً بلا مستقبل ولا كيان، حتى الانتصار لم تكتمل أركانه بعمل ولا أثر فقط ملأوا الدنيا أغاني ورقصا وألحانا.

تنحى يا ناصر ليتنحى كل من كان همه ترك اسم مسبوق بالألقاب والوصف والريحان، وليأتى من أراد وطنا يفخر بكونه من أبنائه وبأنه رسخ فيه الأساس والبنيان، وحتى يتنحى هذا وهؤلاء فلمصرنا وعليها السلم والسلام.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط