الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وجاء من أقصى الفضائيات رجل يصعد


أعادتنى تصريحات الشيخ المكفر للمسيحيين بواقعة عشتها مع المغفور له إمام الجامع الأزهر الدكتور سيد طنطاوى، وكنت فى مقتبل العمر والحماس يتملكنى ويدفعنى لكل ما يجعلنى أعلو فى عالم الإعلام، وبالفعل أثبت فى فترة وجيزة باعتراف رؤسائى تفوقى والذى ظهر فى الحصول على مقابلة مع العالم طنطاوى، وعندما التقيته وأجريت معه لقاء تحدث فيه عن سماحة الأديان السماوية ودعوتها للمحبة والإسلام يتلخص فى عبارة واحدة، وهى أن يسلم الناس من أذاك قولا وفعلا وفى أثناء كلامه وقف أحد الشباب المندفع وهاجم مولانا واتهمه بأنه لا يقول الحق ويسعى للحفاظ على منصبه ومن أجل ذلك فهو يدلى بما يراد منه وليس بما ينبغى أن يكون، واستشهد الشاب المتهور بسؤال لمولانا عن ماهية شركائنا فى الوطن، وهل هم سيدخلون الجنة أم أنهم بإشراكهم بالله وبقولهم إن المسيح عيسى ابن مريم هو الله او ابنه، فعليهم أن يتبوأوا مقاعدهم فى جهنم.

وانتهى الشاب المارق من كلامه ونظر إليه مولانا، وسط تحرك من حراس سيادته وغيرهم، لم أتعرف عليهم إلا أنه نظر إليهم بما يعنى توقفوا، وتبسم ابتسامة لم أر مثلها، ولم أعرف لها تفسيرا، ولن أعرف ما حييت، وقال وهو مصوبا ناظريه على الشاب كأنهما طلقتان تبحثان عن مكان لهما تنهيان به هذا الشاب، وتمحوان اسمه من سجل الأحياء، قال له أريد أن يجمعنى بك لقاء منفرد لأنى أخشى من تصفير الوجوه، ولأنك لا تعلم معنى الجملة فأقول لك وأشرح أن نبينا محمد عليه الصلاة والسلام قال إياكم وتصفير الوجوه، ولما قيل له ماذا تعنى فأجاب بأن يبهت ويخذى أى شخص آخر أيا كان.

فما كان من الشاب إلا أن قام من جلسته وصفق لمولانا احتراما واعتزازا وزاده اعتذارا وأخذ من مولانا الجليل موعدا يحدده مدير مكتب قامتنا الجليلة، وانتهى الجمع وصارت علاقتى بمولانا متينة وكلما كان هناك أي مناسبة كان مكتبه يرسل لى دعوة أحرص على تغطيتها ومتابعتها ومضت فترة والتقيت الشاب الذى كان يهاجم مولانا وقد أصبح أكثر هدوءا وتواضعا وعجبت للتغير الذى ألم به وسعيت لأعرف السبب وبعد وقت ليس بالقليل وبعد أن صرنا أصدقاء وصار يعترف لى بأننى مخزن أسراره وبأننى فى نظره مخلوق يؤتمن على الأسرار وساعتها انتهزت هذه الاعترافات وسألته عن لقائه الخاص بمولانا فوجدته قد أصبح مصفر الوجه، ويده ترتعش وعيناه تدور كالمغشى عليه وحاول أن يتهرب من الإجابة إلا أننى ذكرته بكلامه عنى وبأننى مخزن أسراره فتحدث وهو يحاول ألا يسمح لدموعه بأن تشاركنا اعترافه وقال.. جئت الموعد وأدخلنى مدير مكتبه، وسألنى ماذا تشرب حتى ينهى مولانا استغفاره بعد صلاته، فطلبت قهوة وقبل أن أحتسيها كلها دخل مولانا بزيه الأزهرى المعتاد وجريت نحوه كى أسلم عليه وأقبل يده كبادرة منى لإثبات أسفى وندمى على ما بدر منى على الملأ وساعتها لم أصدق ما فعله معى فقد أمسكنى من رقبتى وأجلسنى أرضا، وجلس بجوارى، وقال بالحرف الواحد: فيه حد مسيحى يجرؤ ولو فى الحلم يهاجم البابا، ويقوله إنت ليه مابتكفرش المسلمين؟ ولا حد يتخيل بس إنه يكون فى حضرة البابا ويقف أمامه ويحدثه بطريقة إنت إيه فهمك؟ ولا حد يسوله شيطانه إنه مهما كان علمه يوازى علم البابا؟ عارف ليه مبيعملوش كده لأنهم اتربوا على احترام الكبير وترك العلم لأصحابه وكمان لأن الكنيسة عندهم متحصنة وعليها ألف باب وباب من المحبين والمخلصين.. وكنت وأنا أستمع إليه لا أصدق أن رجلا فى هذه السن بهذه القوة التى تجعل شابا مثلى غير قادر على مقاومته، ولا حتى تخليص نفسه، وعاد إلى استكمال كلامه وقال أنا ممكن ساعتها أقاضيك ومعايا شهود وأسجنك وأضيع مستقبلك كله لكن أنا حبيت أديك درس وأنا وإنت لوحدنا عشان تتعلم وتحفظ مكانة من هم بعلمهم محفوظون.


وتركنى وهو يظن أننى سأقوم بأى أفعال صبيانية، لذا فقد دق جرس مكتبه حتى يأتى شهود أو ما شابه، ولكننى قمت وقلت له لقد استوعبت الدرس وتركته ورحلت من مكتبه واعتزلت من بعدها الإعلام كله وأصبحت أعمل بالاستيراد والتصدير.. فعندما شاهدت الزميل محمد الغيطى مع الشيخ عبدالجليل عاد إلى ذهنى نفس السيناريو وتخيلت البابا تواضروس وهو ممسك بالشيخ الجليل ويلقنه درسا فى كيفية التعامل مع أصحاب الرسالات وأهلها وضحكت من مجرد التخيل واستوقفتنى معلومات عن الديانات البالغ عددها فى العالم اثنتي وعشرين ديانة المسيحية يدين بها ملياران يليها الاسلام ويعتنقنه مليار وثلاثة اعشار المليار، ثم الهندوسية فالبوذية فالديانة الصينية فالسيخ وفى اخر الترتيب يتمركز اليهود ويبلغ عدد من يدينون باليهودية ستة عشر مليون شخص على مستوى العالم اجمع.


وبالطبع هناك ما يذكره علماء الانثروبيولوجى بأن هناك من يسمون بأصحاب الدين البدائى والافريقيين ويبلغ عددهم مائتين وخمسين مليونا، المهم كل من هؤلاء يرى أن دينه هو الأصح وكلهم متساوون بأنهم أهل محبة وتسامح وتعاطف وترابط وكلهم ينهون عن المحرمات بكافة أنواعها ودرجاتها، فى حين يرى الملحدون البالغ عددهم ثمانمائة وخمسين مليون نسمة أن كل أصحاب الأديان سواء سماوية أو وضعية مخرفون، وإذا ما طبقنا عليهم قانون عبدالجليل، وكفرنا منهم من أثبتنا أنه كافر فماذا سيكون حال البشرية ساعتها؟ وأيضا: هل استعمل الأنبياء وأهل العلم الصالحون هذا المنطق فى التعامل مع البشر؟ وهل من حق الجليل أو غيره أن يحكم بالتكفير أو التسليم على أى إنسان؟ وبالطبع هل خفى عمن جعلوا من أنفسهم دعاة حق بأن الله الحق العدل، قال فى كتابه الكريم بأنه سيحكم بينهم يوم الدين.. سلام على التسامح أيا كان دينه وترانيمه وتسبيحاته.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط