النوم حالة طبيعية ونوع من الراحة، ويقضي الإنسان ثلث عمره تقريبا في النوم، وهو ضروري لاستمرار الحياة إذ تنشط فيه عمليات البناء ويقل الهدم، وتنام الكائنات الأخرى كالحيوانات والطيور والأسماك وحتى الذباب، وتختلف فترة النوم من كائن إلى آخر، وتتناسب عكسيا مع حجم الكائن، فمثلا تنام الفيلة والزراف من ساعتين إلى أربع يوميا، بينما ينام الخفاش 18 ساعة يوميا. وبالنسبة للإنسان، ينام الرضيع حوالي 18 ساعة يوميا، وفي سن الخامسة ما بين 10 – 12 ساعة، والشخص البالغ يحتاج للنوم 8 ساعات، قد تقل مع تقدم العمر، ولاحظ العلماء أن من ينام من 6- 8 ساعات يعيش أطول، ومن ينام أقل من أربع ساعات أو أكثر من تسع ساعات مهدد بالموت المبكر.. علميا، ما يحدث أثناء النوم هو تغير في الكهرباء الواصلة ما بين جذع المخ وقشرته، وعليه صممت أدوية التخدير العام.
الله سبحانه وتعالى يقبض روح الإنسان عند موته، ويولج الإنسان في النوم، وبإرادته سبحانه أن يعيده إلى اليفظة أو لا يعيده. هكذا يكون التفسير الصحيح للآية ( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها) (الزمر 42)، أما الذين ساووا بين الموت والنوم عند تفسيرهم لهذه الآية وقالوا أن الروح تخرج في الحالتين فتفسيرهم خاطىء، إذ لا يمكن لعاقل أن يساوي بين النائم والميت.
النائم كل أجهزته وشهواته تعمل: يتنفس وقلبه يدق، يتكلم ويضحك ويتقلب ويضرب بيده ويأكل، ويحدث له انتصاب واحتلام، وقد يمشي.. فكيف يتساوى مع الميت؟.. الآية التي لا نعرف تفسيرها اليوم، قد نعرف تفسيرها غدا، أو بعد عام أو بعد قرن. المفسر الأمين الذي يقول: لا أعلم والله أعلم، بدلا من تقديمه تفسير لا يعقل.
فوائد النوم: 1- النوم يساعد على النمو وتحسن الجهاز المناعي، فقد لوحظ ارتفاع مستوى هرمون النمو أثناء النوم، ولوحظ أيضا أن الحرمان من النوم يبطىء النمو ويضعف الجهاز المناعي.
2- تجديد الذاكرة: تكون الذاكرة حاضرة أكثر بعد نوم طويل، كما أن ترتيب الذاكرة وخصوصا طويل الأمد منها، يحدث أثناء النوم.. عملية تشبه عملية الـ " defragmentation " التي تحدث في الكمبيوتر عندما يقوم بترتيب ذاكرته بنفسه، وقال باحثون أن الأحلام من تبعاتها.
3- حدوث الأحلام: قال علماء إن الأحلام تمنيات ورغبات مخبأة في اللاشعور، أو محاولات لإيجاد حلول لمشاكل تواجه الإنسان في يقظته، أو ترجمة لآلام وأمراض يعاني منها، أو ربما هي تعبير عما يحدث في ذاكرة النائم من فوضى وإعادة ترتيب بحضور العقل أو في غيابه.. وما يؤكد أنها من الذاكرة أن من ولد فاقدا للبصر لا يمكنه أن يحلم بأي مناظر بل يحلم فقط بأصوات وروائح، أي في حدود مخزون ذاكرته، وقد وردت قصص كثيرة في الكتب السماوية عن نبوءات وتفاسير أحلام لبعض الأنبياء والرسل، وشجع ذلك الكثير من الناس فبالغوا وتنطعوا وكتبوا كتبا في تفسير الأحلام وكيفية استطلاع الغيب منها، وأصبح لهم صفحات ومواقع إليكترونية مؤخرا، وهذا دجل وليس له أي أساس علمي.. وقد أحسن الفقهاء حين أجمعوا على أن الأحلام لا يستنبط منها أحكام شرعية.
أنواع الأحلام: للفقهاء تقسيم للأحلام يختلف عما يدرس في مقررات كليات الطب، مثلا يقولون أن الأحلام مصادرها ثلاثة: من الله ومن الشيطان ومن حديث نفس، لكن للطب تحليل آخر يختلف.. 1- الأحلام العادية: يحلم الشخص ما بين 3-5 أحلام في الليلة الواحدة ينسى معظمها.. يحلم بمدرسته الابتدائية وهو في سن الستين، ويحلم أنه يطير في الهواء ويقابل أو يأكل ما يشتهي.. ولا يتوقف تأثير العقل تماما في الأحلام، فقد يسمع النائم جرس الباب يدق، ويحلم أنه قام وفتح الباب واستقبل ضيوفا، ويكون غيره الذي فتح واستقبل ضيوفا غيرهم. أي دمج الواقع مع الحلم، وقد يسأل شخص والده المتوفي الذي رآه في الحلم قائلا له: كيف جئت وأنت ميت؟ ثم يتراجع العقل، ويكمل جلسته (أو حلمه) مع أبيه وكأنه لم يمت..
2- الكوابيس: بعض الأحلام المرعبة تسمى كوابيس، فيها يواجه الشخص خطرا ما، كأن تهاجمه وحوش أوأشباح ولا يستطيع الجري، أو أن يسقط من علو.. ولها أسباب لا مجال لشرحها هنا.
3- أحلام اليقظة: هي الانشغال بالرغبات والأمنيات الجميلة في أوقات النهار، ولا بأس بها، فكثيرا ما تمنح صاحبها عزيمة وقسطا من السعادة والطاقة.
4- الهذيان: يحدث في ظروف مرضية خاصة كالحمى الشديدة أو أثناء الإفاقة من التخدير العام، وهو كلام في غير موضعه وعدم إدراك للزمان والمكان، وقد يختلط بالهلوسة (وهي الوعي بمحسوس غير موجود)...أما "أحلام العصافير" فيقصد بها تفاهة العقول، وأصلها في قول لحسان بن ثابت:
لا بأس بالقوم من طول ومن عظم *** أجسام البغال وأحلام العصافير