حالة الطوارئ لمواجهة اللبش

رحم الله جميع شهدائنا.
بدايةً كلمة "لبش" هي كلمة قبطية الأصل، وذات معني عربي أصيل، ولم أجد كلمة أنسب منها لوصف الوضع المصري والإقليمي الحالي.
فكلمة "لبش" تعكس تداخل وتعقد الأمور.
فتأتي كلمة "لبش" لتوضيح سيطرة الخوف المؤدي إلى الجمود، وأحد أنواع الجمود هو "الجمود الاقتصادي" أو الركود، فلا أحد ينكر أن مصر تقع في منطقة "لبش"، فالاضطرابات الحالية في المنطقة العربية، تنعكس بشكل مباشر على الوضع الاقتصادي وتصيبه بنوع من الجمود، فمن عاقل يأتي ليستثمر في منطقة تعج بالصراعات!
وبصراحة كدة إحنا دولتنا "متلبشة"، أي مقيدة، فمطلوب منها تحقيق الكثير، وننتظر منها الكثير، ولكن نقطة البداية مفقودة، فنجد أن حكومتنا دائمًا ما تقف في موقف لا تحسد عليه، تضرب أخماسا في أسداس، محاولةً منها التخلص من تلك "التلبيشة" المقيدة لحركتها.
ومطلوب منا مواجهة "ناس لبش"، فنحن في صراع مع عصابات إجرامية تستهدف شيوع الفزع والخوف، تلك العصابات أتت بتمويلات خارجية، وكلبشت في المجتمع والاقتصاد المصري داخليًا، وبالتالي مصر في مواجهة مع "ناس لبش" داخليًا أو خارجيًا.
ولغاية دلوقتي الحمد لله متماسكين، أو متظاهرين بالتماسك، نحاول مجتهدين الدفع بعجلة الاقتصاد المصري، ونسعى إلى فك كلبشته، ونستهدف إعادة بنائه، ويعوقنا ترهل مؤسساتنا، واللبش المحيط على كافة الأصعدة الداخلية والخارجية.
بصراحة قرار فرض حالة الطوارئ، وجدته القرار الأصوب خلال الفترة السابقة، فهو القرار الأنسب للسيطرة على "اللبش" المحيط بنا داخليًا وخارجيًا.
قانون الطوارئ كان معمولا بها قبل أحداث يناير، وكنت أتوقع أن يستمر العمل به نظرًا لشيوع حالة الفوضى، إلا أن إنهاء العمل به أعطى الفرصة كاملةً لتوغل الإرهاب.
ويعتبر قانون الطوارئ هو الأداة الفعالة للواء حبيب العادلي في كبح توغل الإرهاب خلال فترة التسعينيات، وأرى أن إنهاء العمل به مع الضعف النسبي لجهاز الامن الوطني "أمن الدولة سابقًا؛ وهو التعبير المفضل لدي"، المتمثل في فقدانهم لمصادر معلوماتهم الاستباقية، أعطى الفرصة كاملةً لترعرع الإرهاب.
هذا القانون طبقته الكثير من دول العالم بهدف الحفاظ على تماسكها، ولم نسمع عن معارضين لإجراءاتها الأمنية، كما لم نسمع صوت للمتشدقين بأن تلك الإجراءات ستصيب الديمقراطية وبنت خالتها الحرية في مقتل، أو أن تلك الإجراءات الأمنية ستعرقل مسيرة الاقتصاد.
أعلم أن رأيي سيخالف الكثيرين، لكن؛ تنمية الاقتصاد ودفع عجلة النمو، تحتاج إلى استقرار نسبي، فإذا ما فشلنا في السيطرة على الأوضاع "اللبش" المحيطة بنا، فعلينا أن نعمل على كبح جماح "الناس اللبش" المتوغلة في المجتمع داخليًا، وذلك من خلال قانون حالة الطوارئ.
وفي ذات الوقت علينا العمل على محو الأسباب الرئيسية لتوغل وشيوع "الناس اللبش".
فليست الإجراءات الامنية هي الأداة الوحيدة للسيطرة على الإرهاب، الأداة الامنية هي آخر حلقات السيطرة على الإرهاب.
فالتعليم، والصحة، والعمل هي خير أدوات السيطرة على الفكر الإرهابي.
فإن وجد هذا الإرهابي تعليما جيدا لن يرتمي في أحضان مموليه...
وإن وجد الإرهابي رعاية صحية كريمة، لن يهرول إلى الموت...
وإن وجد الإرهابي فرصة عمل لائقة لن يبحث عن لقمة عيشه بين أشلاء ضحاياه.
فعلينا جميعًا الاتحاد، وإعادة النظر في منظومتنا المؤسسية بكافة أركانها، ففرض حالة الطوارئ لن يكون كفيلا بمفرده للم اللبش والناس اللبش داخليًا وخارجيًا.