الأفيال والعشب

لأن فى عرف السياسة مفهوم رصين يقول إن المصالح تتصالح وعليه لابد أن تدرك أن توجيه الولايات المتحدة ضربات جوية إلى سوريا قدرت بسبعين صاروخا بزعم أنها ضد مواقع إرهابية لابد أن تتأكد أن هذا الإجراء ما كان ليحدث إلا من منطلق المصالح الدولية والتى تتكاتف كلها من أجل تركيع سوريا وضمها إلى مصير أختها الكبرى العراق.

فالمجتمع الدولى صار على قناعة بأن حربه على الدول العربية والتى بدأها بعاصمة الخلافة قديما وصمام أمان المنطقة العربية حديثا إلا وهى بغداد لابد أن يتواصل ويكلل بالنجاح بتدمير سوريا تدميرا كاميرا وإعادتها إلى المربع صفر ولأن السياسة الدولية والدول الاستعمارية الحديثة تتصارع الآن بنظرية صراع الأفيال المتمثلة بأن صراع الأفيال على أرض غير أرضهم لن يضرهم شيئا والضرر الأعظم من نصيب العشب فعليه فلتظهر كل القوى العظمى قوتها ولتصمت من تتصالح مصالحها وتتحدث عن دراستها للموقف وعن احتمال تدخلها إذا ماتطلب الأمر.

وعلى الجانب الآخر وبمنتهى الخزي والخنوع تعلن دولتان من المفترض أنهما عربيتان والأخزى أنهما إسلاميتان يعلنان تأييدهما للقصف الأمريكى على سوريا ولاكتمال المشهد المخزى يصمت باقى الرعية العربية الذين اجتمعوا بالأمس القريب وغيبوا سوريا وجعلوا مقعدها شاغرا هم نفس الفئة التى أعلنت خرسها وطرشها بل وانتزاع كرامتها لإرضاء من يطعم ومن يحمى لإرضاء تابوت يرعى الخزى العربى والتخاذل الشرق أوسطي.

ووسط كل هذا التطور المشين يتأكد لك أن الإدارة الأمريكية هى أساس مفهوم المصالح وأيضا رئيسها دونالد ترامب لايختلف كثيرا عن سابقيه الراعين للإمبراطورية الأمريكية المهيمنة على العالم أجمع ولكن المخزى أن تتزامن أم تتعاقب لن تفرق كثيرا فى التوقيت اللغوى الضربات الأمريكية مع زيارة وصفت بالناجحة لرئيس دولة يسعى لإصلاح ما يمكن إصلاحه على كافة الأصعدة وكأن واشنطن تقول للقاهرة كل زيارة وإنتى جارة بينما آخرون تربطنا بهم تعريفات واصطلاحات مقترنة بالجارة فهناك جارة القلب وهى إسرائيل وهناك أيضا جارة الجنب وهى تلك الدول التى تدفع ثمن وصفها القريب وهناك جيران الشماتة وجيران الندامة وهناك الأهم جيران الصمت الرهيب وهؤلاء الذين يدفعون الجزية عن يد وهم صاغرون.

لتقصف أمريكا دمشق ولتدرس روسيا الموقف وليؤيد الغرب واشنطن وليدفع مرتزقة العرب فاتورة القصف الأمريكي الغاشم ولتبكى سوريا ألما ولنظل نحن العرب الموقعون أدناه بأظافرنا على تخاذلنا وتقهقرنا وليرفع الشرفاء أياديهم إلى السماء مناظرين بعث من يطهرنا من آثامنا وبراثنا.