«المهندسين» تستعرض مشوار حياة المعماري العالمي الغزالي كسيبة
عقدت الشعبة المعمارية برئاسة المهندس ماجد سامي إبراهيم، بالتعاون مع جمعية المهندسين المعماريين برئاسة المعماري سيف أبوالنجا ندوة بعنوان "مشوار حياة" عن المعماري العالمي الدكتور الغزالي كسيبة أستاذ العمارة بكلية الفنون الجميلة.
تحدث "كسيبة" عن مشوار حياته العملية الممتد لما يقارب 60 عاما، وعن فلسفته المعمارية التي جعلته واحدا من أعلام العمارة في العصر الحديث، كما استعرض بعضا من أعماله التي وضع تصميمها وعلى رأسها متحف الحضارة والسفارة المصرية في جيبوتي، ومسجد حلوان، ومبني اتحاد مقاولي البناء والتشييد.
بدأ كسيبة استعراض مشوار حياته بصورة أقرب ما تكون لصورة فوتوغرافية، ولكنها كانت في الحقيقة عبارة عن صورة رسمها لسفينة بريطانية تحمل الجنود الإنجليز المنسحبين من بورسعيد مساء 23 ديسمبر 1956، ووقتها كان لا يزال طالبا في المرحلة الثانوية، وعن تلك الصورة قال "من هنا بدأت"، موضحا أنه تمكن من رسم هذه الصورة بعدما اختبأ في مكان بالقرب من السفينة البريطانية وراح يرسم كل ما تراه عينه، وهو ما كان يكلفه حياته لو تم اكتشاف وجوده وقتها.
وأشار المعماري الكبير، إلى عشقه للرسم منذ طفولته الأولي في مدينة بورسعيد، ولهذا كان عضوا في جماعة الرسم طوال سنواته الدراسية، ولما رأي مدرس مادة الرسم تفوقه الدراسي الكبير متزامنا مع تميز كبير في الرسم، نصحه بأن يلتحق بكلية الفنون الجميلة، قسم عمارة، ولكنه في قرارة نفسه كان يتمني الالتحاق بقسم عمارة السفن، وهو القسم المنشأ حديثا في أواخر الخمسينيات في هندسة الإسكندرية، إلا أنه في النهاية رضخ لنصيحة "مدرس الرسم" والتحق بكلية الفنون الجميلة قسم عمارة.
وأوضح كسيبة أن الالتحاق بكلية الفنون الجميلة في ذلك الوقت لم يكن قاصرا على مكتب التنسيق فقط، بل كان على كل الملتحقين أن يجتازوا اختبارات في الرسم بالفحم ورسم المساقط الهندسية، وقال "تقدم للالتحاق بالكلية وقتها 350 طالبا، وتم 70 طالبا فقط، من الحاصلين على أعلى الدرجات في الاختبارات، مشيرا إلى أن طريقة الاختبارات تلك هي الأنسب في الالتحاق بكليات الهندسة عموما.
وأشاد كسيبة بالطريقة التعلم في كلية الفنون الجميلة وقت التحاقه بها، مشيرا إلى أن الـ 70 طالبا الذين التحقوا بالكلية – وكان واحدا منهم - تم تقسيمهم إلى 3 مجموعات، تولى التدريس لكل مجموعة، عدد من الأساتذة والمعيدين، وطل هؤلاء الأساتذة يدرسون لنفي طلاب المجموعة طوال السنوات الدراسية، في الكلية، مما خلق نوعا من العلاقة الحميمة بين الطلاب وأساتذتهم، وفي السنة النهاية من الكلية يتم تجميع المجموعات الثلاثة في مجموعة واحدة لخوض السنة الدراسية النهائية معا.
وأضاف "كان الأسبوع الدراسي مقسم إلى 3 أيام عملي ويومين فقط تعليم نظري، وكانت أيام العملي تمتد بطول اليوم كله، وكان أساتذة الكلية حريصين على أن يشارك طلاب السنة الأولى وطلاب السنة الثانية في مشروعات واحدة من خلال أتيليه يجمع طلاب الفرقتين، وهو نفس ما كان يتكرر مع طلاب السنة الثالثة والرابعة، وهو ما خلق نوعا من تواصل الأجيال وتبادل الخبرات بين جميع الطلاب.
وأشار كسيبة إلى حرصه في السنة النهائية على أن يكون مشروع تخرجه يحل أزمة قائمة بالفعل، ولهذا اختار مشروع إنقاذ معابد أسوان من الغرق في مياه بحيرة ناصر، بعد تحويل مجري النيل لبناء السد العالي وهي القضية التي كانت مثار اهتمام مصر كلها في ذلك الوقت، مشيرا إلى أن الحكم على مشروعات تخرج الطلاب كان يتم من خلال لجنة تضم أساتذة الكلية و4 أساتذة من تخصصات مختلفة من خارج الكلية.
وانتقل كسيبة إلى الحديث عن مشواره العملي بعد التخرج، وهي السنوات التي بدأها بتعيينه معيدا في كلية الفنون الجميلة، وحصوله علي الدكتوراه، في نهاية الستينيات، ثم سفرة للجزائر والمغرب وتونس، وبعض الدول الأوروبية، مؤكدا أن تلك الفترة منحته خبرات واسعة بعدما رأي تجارب عمرانية ثرية.
ومع عودته لمصر عام 1975 بدأت رحلته في التميز المعماري وقال، إن أول مسابقة معمارية شارك فيها، لم بفز بها، ولكنه استفاد كثيرا منها، ففاز في المسابقة أغلب المسابقات التي شارك فيها بعد ذلك، وكان علي رأسها مسابقة متحف الحضارة عام 1982، ومسابقة السفارة المصرية في جيبوتي، ومسابقة مسجد حلوان ومسابقة فرع البنك المركزي بكورنيش النيل، ومبني اتحاد مقاولي البناء والتشييد.
واستعرض الدكتور كسيبة فلسفته المعمارية في كل تلك المنشآت، وتناول بالشرح تفاصيلها المعمارية، وكانت التيمة الرئيسية في كل تلك الأعمال – كما قال المعماري عصام صفي الدين – الصديق المقرب من الدكتور كسيبة أنها تتميز جميعا بالخيال والجمال، بالإحساس العالي والدقة، وتعكس ثقافة واسعة، وحرص على أن يكون المبني صحيا.